يهدف الطيران المدني الدولي إلى المساعدة في توليد وتعزيز الوعي العالمي بأهمية الطيران المدني الدولي في التنمية الإجتماعية والإقتصادية للدول، وأيضاً إلى أهمية دور منظمة الطيران المدني الدولي الفريد في مساعدة الدول على التعاون وتحقيق شبكة عالمية حقيقية للنقل السريع في خدمة البشرية جمعاء.
وبعد إعتماد الأمم المتحدة والعالم جدول أعمال عام 2030 الجديد، والشروع في حقبة جديدة في مجال التنمية المستدامة على الصعيد العالمي، تبرز أهمية الطيران كمحرك للتواصل العالمي في تحقيق أهداف اتفاقية شيكاغو من خلال اعتبار الرحلات الدولية ركيزة رئيسية في تمكين السلام والرخاء العالميين.
ولكن تبدو الصورة مقلوبة تماماً في السودان، ونجد أن الدولة ممثلة في الطيران المدني لم تقم منذ إنشائها علي تنظيم ورشة أو مؤتمر لكيفية النهوض بقطاع الطيران وعلي مر التاريخ انصب عمل الطيران المدني علي الترهل في الهياكل الإدارية عوضاً عن إعادة النظر في الجيش الجرار من العاملين غير الفاعلين، وعملية إنشاء جسم جديد سمي بالشركة القابضة أثر سلباً على تطوير القطاع وذلك بفتح وظائف دون أعمال ملموسة فباتت تمثل عبء مالي علي الدولة عوضاً عن تقليص الوظائف والإستفادة من التطور التكنولوجي والإلكتروني العالمي لمواكبة التطور العالمي.
لذا يبدأ الإصلاح في إلغاء الشركة القابضة وتوحيد إدارة شأن الطيران في جسم واحد هيئة الطيران المدني.
هنالك رسوم عديدة أرهقت شركات الطيران ففي كل بلدان العالم تدعم الحكومات القطاع مالياً وفنياً والصورة مقلوبة لدينا، أمريكا دعمت قطاع الطيران بعد جائحة كورونا بمبلغ 60 مليار لمساعدة الشركات الوطنية من الإيفاء بالتزاماتها تجاه صيانة الطائرات وسداد رواتب العاملين بغية المساعدة
، وفي دولة الإمارات يتم منح الشركات الوطنية سعر وقود تفضيلي واعفاء من رسوم الهبوط.
ما تحققه الجهات الحكومية من رسوم العبور يذهب لخزينة الدولة وهذا مخالف لنظام الايكاو إذ من المفترض أن تذهب هذه الأموال لدعم القطاع وتعزيز السلامة وشراء المعدات وخلق بيئة آمنة للتشغيل.
فهنالك العديد من الرسوم الحكومية نذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر الآتي :
١_رسوم بطاقة المطار للفرد الواحد سنويا 5 ألف جنيه.
٢_رسوم الهبوط تتراوح بين 78 الي 115 ألف جنيه للرحلة الواحدة حسب الحمولة.
٣_20 ألف جنيه رسوم مباحث للطائرة عند قدومها للعمل.
٤_ 10 ألف جنيه رسوم ملاحظة ورسوم جمركية.
٥_رسوم نفايات.
٦_ رسوم تفتيش الطائرات علي حساب شركات الطيران تصل الي 5 ألف دولار.
٧_ رسوم تجديد الترخيص شهادة الناقل تصل إلى 125 ألف جنيه.
٨_رسوم تجديد تراخيص العاملين تصل الي متوسط 500 ألف جنيه سنوياً طيارين، مهندسين، اطقم ضيافة، ملاحظين، مشرفين، وتحميل.
٩_رسوم ترخيص مركبات الخدمة والآليات التي تدخل المطار وعربات نقل الطاقم.
١٠_ رسوم إيجار المكاتب والهناقر.
١١_ رسوم الشحن الجوي 50 دولار عن كل طن صادر.
١٢_رسوم إجراءات السفر الإلكترونية مايسمي بي ال الكيوت سيستم بواقع 5 دولار للراكب.
١٣_ 200 دولار رسم نقل الركاب للباص الواحد.
١٤_500 جنيه رسوم مواقف السيارات للساعة الواحدة .
١٥_رسوم التفتيش والجودة والمواصفات.
١٦_رسوم الملاحظة من الجمارك.
١٧_رسوم الصحة وتجديد الرخص وبطاقات العاملين
١٨_رسوم الكهرباء والمياه والنفايات.
بالإضافة إلى ذلك بيع وقود الطائرات بالدولار وهذه مخالفة للاعراف والقوانين المحلية والدولية ومخالفة لقوانين منظمة التجارة العالمية ويسهم في فتح سوق اسود موازي للسوق الموجود اصلا.
ونجد أن هذه الرسوم أصبحت مصدر قلق يهدد بقاء الشركات الوطنية في الخدمة حيث خرجت 9 شركات خلال العشرة سنوات الماضية وهذا الأمر لم يجد الاهتمام أو الوقوف عنده حيث أن الشركات المحلية توفر فرص عمل لآلاف العاملين في مختلف التخصصات وتساهم في دعم عجلة الاقتصاد والدخل القومي بزيادة حجم الصادرات وخلق جوي تنافسي يساهم في خدمة المواطنين وجمهور المسافرين في الحصول علي أسعار تذاكر وشحن رخيصة في ظل وجود شركات وطنية منافسة للشركات الأجنبية والتي تجد أفضلية واولوية في تصديق الرحلات والجداول وفقا لرغبتها والعكس تماما عندما تقدم الشركات الوطنية جدول الرحلات يصطدم بالتقديم أو تأخير الزمن نسبة لوجود رحلات مجدولة لشركات أجنبية وهذا أمر غريب ان تمنح الشركات الأجنبية الأولوية وتعاكس الشركات الوطنية وتجبرها علي تغيير مواعيد رحلاتها إرضاء للشركات الأجنبية فهذا حقيقة أمر محير؟
الا يكفي الدولة ما تجنيه من الشركات الأجنبية لتروي ظمأها من جمع المال ليس إلا، لذا نعتقد أنه من الضرورة عمل مؤتمر أو ورشة عمل جامعة لحل هذه المعضلة التي لا ينتبه لها أحد بالدولة ونناشد الطيران المدني بإعادة النظر في أمر الرسوم واعفاء القطاع الخاص والشركات الوطنية من الرسوم وعدم فرض رسوم إدارية من المحليات والجمارك والداخلية حتي ينهض قطاع الطيران ويسهم في دعم صادرات اللحوم والمعادن والصادرات الزراعية.
إن إلقاء الضوء على هذه المشاكل ليس هجوما أو تقليلا لدور الطيران المدني أو أجهزة الدولة بقدر ما يجب دعم القطاع ليتعافي ويسهم في دعم ميزانية الدولة بصورة غير مباشرة في نقل الركاب داخليا والإسهام في نقل الصادر.
كذلك لابد من تغيير نظرية الشريك المخالف القائمة حالياً وتغيير مفهوم سلطة الطيران المدني وتغييره لهيئة الطيران المدني ليكون جسما قائمًا ومستقلا بميزانيته وأن لا يتبع لوزارة الدفاع لأنه جسم مدني وهذا أحد أسباب عدم تطور قطاع الطيران.
ولابد من توحيد الرؤية وخلق علاقة جديدة تكاملية بين الشركات الوطنية والطيران المدني من أجل تطوير القطاع وتفادي التنسيق السالب وعدم شخصنة الأمر والنظر للمصلحة العامة لأن توقف شركات الطيران الوطنية أول المتضررين منه الطيران المدني والشعب السوداني، ولابد من إعادة النظر في عودة كل الأجسام تحت مظلة هيئة الطيران المدني بدلاً عن الترهل الحالي في الهياكل التنظيمية كما يجب أن يتبع الطيران المدني لوزارة النقل.
كتب:مرتضى حسن جمعة