صوت الحق
الصديق النعيم موسى
إستقالة حمدوك والخروج من الأزمة !!
ها قد إستقال الدكتور عبد الله حمدوك كما كان متوقع في ظل أوضاعٍ بالغة التعقيد تعيشها بلادنا ( المفجوعة ) ولنا أن نتمحّص في إستقالته بعد قبوله توقيع الإتفاق السياسي في الواحد والعشرين من نوفمبر من العام المنصرم وعودة الخلافات بينه والمكوّن العسكري وهي بلا شك كانت سبباً مباشراً للإستقالة ، فلم يتوقّف نزيف الدم والسبب الرئيس إعادة صلاحيات الأمن في الإعتقال فهذه كانت ( المسمار الأخير ) الذي عقّد الأزمة بين حمدوك والعسكر . وهذه الإستقالة كما أسلفت متوقعة منذ فترة ليست بالقصيرة وسوء الأحوال السياسية التي تشهدها البلاد والمظاهرات الرافضة للإنقلاب ثم إتفاقه الأخير ، إضافةً إلى التشاكس ما بين الأحزاب وكلُ يتحمّل في موقعه ما آلت إليه البلاد . لا نريد أن نعود إلى الوراء ولكننا يجب أن نسأل أنفسنا ما هو الحل ؟ ما هو المخرج ؟ في ظِل الحراك الذي يزداد والقتل المستمر ! ما هي السيناريوهات المتوقعة ؟ وكيفية تعيين رئيس الوزراء القادم ؟ ونسبة قبوله في الشارع ؟ ومن الذي يُرشحه ؟ هذه الأسئلة هي الدائرة الآن في الساحة السياسية السودانية .
والجميع يعلم أنَّ أزمتنا الراهنة سياسية بحتة !!
تكمن في عدم قبولنا لبعضنا البعض !!
كُل يعتقد أنه على صواب !!
كُل يتمسك برأيه فقط !!
كُل يعتقد بأنه على صواب !!
الذي لابدّ منه أن يكون هناك جيش واحد فقط ، دمج الدعم السريع والحركات في القوات المسلحة فإن لم يحدث ذلك سيكون السيناريو أسوأ ( ونسأل الله ألا نصل لهذا الأمر ) حالة الإحتقان التي تعيش فيها البلاد يُنذر بشرٍ مستطر مع تجدد قتل المتظاهرين ورفض تدخل الجيش في الحياة السياسية ، مع إنسداد الأُفق بصورة دائمة وأكثرهم لا يريدون خير للبلاد . ومع تمدد المظاهرات المُعلنة والمجدولة في يناير الحالي يجب أن يتم التعامل بحكمة وليس القتل ، فألقتل سيزيد المشهد غُبن كبير و قد يجر البلاد لمآلات خطيرة جداً ، أحفظوا أرواحهم وأجلسوا سوياً لبناء وطنٍ يسع الجميع ويجب التسليم بأمرٍ مهمٍ مشاركة العسكر في الفترة الإنتقالية أقرّته الوثيقة الدستورية بمعنى أن يتم التوافق معهم وكل مكوّن يقوم بمهامه و ألا يتدخّل في أمور لا تخصه وأن يُقدّم كل مجرم للمحاسبة وكل من أزهق نفساً .
سياسة الإقصاء ستعصف بالسودان ما لم نتدارك الأمر .
كثرة الجيوش ليست من المصلحة الوطنية ويكفي ما نُشاهده من المآسي في مُحيطنا الإقليمي وهناك دول تنزف وتحصد الندم حتى الآن بسبب الجيوش الغير رسمية ودمج الدعم في الجيش أقرّته الوثيقة الدستورية التي وقّع عليها حميدتي وهذا الدمج مطلب شعبي فلماذا الصمت من قبل القيادات العسكرية في هذا الشأن والبلاد تمر بمرحلة مفصلية .
إنَّ بناء جيش سوداني موحّد ذو عقيدة قتالية أمر لابدّ منه وعلى الفور يجب الإسراع في ذلك وهل ينقطع الأمل في تحقيق جيش وطني واحد وهنا نستحضر في ظل هذه الأوضاع ما هو مصير الترتيبات الأمنية الموقعة في إتفاقية جوبا ؟ إنَّ هيكلة الجيش وإدماج قوات الدعم السريع وفقا لمتطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية غير أنه لم يجر تنفيذه على الأرض حتى الآن وسط العديد من المشكلات المالية والأمنية والسياسية والتي دفعت لتمركز خمسة جيوش في العاصمة الخرطوم . وما هو مصير إتفاقية جوبا في حد زاتها فالترتيبات العسكرية هي النواة الحقيقية للسلام وبدونها ناقص ( الله يكضب الشينه ).
يجب أن يحتكم القادة العسكريون لصوت العقل والحكمة في إدارة توحيد الجيش الوطني ، فوجود قوات تحمل السلاح متعددة خارج إطار القوات المسلحة أمر خطير فمصلحة البلاد العليا تقتضي التوافق والتفاهم فمحيطنا الإقليمي ملئ بالصراعات فالإنشقاق داخل المكونات العسكرية قد يُفضي لما لا يُحمد عُقباه فألمواطن لا يحتمل ( الفيهو مكفيهو ) .
أخيراً لا تستخدموا العنف ضد العُزّل والقتل سيزيد الوضع سوءً مما عليه الآن وكما ذكرت في مقالي الأسبق إغلاق الجسور وقطع الإنترنت لن يحل الأزمة الراهنة وإنما الحل يكمن في التوافق والمصالحة الوطنية وعدالة تحكم الجميع بلا إستثناء .