ما من دولة محترمة يمكن أن تسمح بإهانة أو التقليل من قدر قواتها المسلحة .
لذلك عندما ظهرت بعض الأصوات عقب ثورة ديسمبر المجيدة تحاول شيطنة الجيش لم تجد من يحتفي بها، فكانت أصوات نشاز.
القوات المسلحة السودانية وهي تحتفل بعيدها ال 67، ظلت مكان احترام وتقدير طيلة الحقب الماضية.وظل دورها محفوراً في ذاكرة الشعب السوداني جيلاً بعد جيل.
منذ تكوينه العام 1925 وحتى تاريخ اليوم ظلت القوات المسلحة السودانية تحمل عقيدة قتالية واحدة ، وهي الدفاع عن الوطن والحفاظ على سيادته ووحدته الوطنية..وقد ظلت المؤسسة ذات الانضباط العسكري لحفظ أمن البلاد.
صحيح أن الأحزاب والمكونات السياسية حاولت أن تقوم باختراقات داخل المنظومة العسكرية، وذلك بتجنيد بعض منتسبيها أملاً في استخدامها كرت حماية . لكنها ظلت انتماءات فردية لم تنجح في استقطاب المؤسسة العسكرية لحماية الأنظمة. وهو ما فشلت فيه الإنقاذ مؤخراً، باعتبار أن رئيس الجمهورية ينتمي إلى الجيش..لكن كان الجيش في حماية الشعب وأطاح بالنظام.
لا أحد يستطيع أن يزايد على الدور الذي قامت به القوات المسلحة في حماية المدنيين ، وعبور ثورة ديسمبر إلى بر الأمان..كما لايمكن أن يزايد أحد على دور القوات المسلحة في حماية الفترة الانتقالية والتمهيد للانتخابات. و خذل كل المنتظرين على رصيف الانقلابات العسكرية بما التزمت به باستكمال أهداف الثورة السودانية وصولاً إلى حكم مدني ديمقراطي.
ليس من الحكمة التذكير بدور القوات المسلحة السودانية داخلياً وخارجياً. لكن لأن هناك من يسعى لتفكيكها وشيطنتها ، فنشير هنا – على سبيل المثال – دور الجيش السوداني في حرب 73 معركة رأس العش، حيث أظهر العسكريون السودانيون شجاعة وبسالة ..كذلك مشاركة فرقة من سلاح المظلات الجيش اللبناني عام 77 مع قوات عربية في مهمة حفظ السلام في المدن اللبنانية، وغيرها من المشاركات.
داخلياً .. خاض الجيش السوداني الحرب لأكثر من 21 عاماً ضد الحركة الشعبية. أملاً في صون وحدة البلاد . وعندما رضخت حكومة الإنقاذ لوقف الحرب لم يكن قرارها عسكرياً بسبب ضعف أو وهن القوات المسلحة. برغم الظروف القاسية التي كانت تمر بها. من عدم اهتمام ونقص في المعدات والعتاد وضعف المرتبات .لكن القرار كان سياسياً بامتياز. وتحت ضغوط دولية واضحة ومعروفة.
الآن بدأت تظهر – بوضوح – الضغوط الخارجية على حكومة البشير في فصل الجنوب. خاصة أن دكتور جون قرنق كان أكثر تمسكاً بالوحدة..لكن الإنقاذ التي كانت تحت ابتزاز الغرب كانت تعتقد أن الانفصال سينهي عزلتها الخارجية.
كثير من الكتابات والتقارير أثبتت الدور الأمريكي في انفصال جنوب السودان . هذا بخلاف عدد من الكتب التي تحت الطبع الآن من أمريكيين كانوا قريبين من ملف مفاوضات نيفاشا 2005 .
أستاذة القانون بالجامعات الأمريكية ريبيكا هاميلتون كشفت عن الدور الأمريكي في الانفصال. وأشار إلى رسم الولايات المتحدة لرؤية واضحة لمستقبل السودان بعيداً عن جنوبه. .وهي نفس التأكيدات التي جاءت على لسان جفري فريدمان؛ مراسل صحيفة نيويورك تايمز، عقب حضوره حفل استقلال الجنوب، حيث أشار إلى أن الانفصال جاء بإرادة أمريكية. أما الدور الأوضح ما كشفته وثائق ويكيليكس؛ والتي أشارت إلى محادثات مساعد الشؤون الأفريقية لوزيرة الخارجية كوندا ليزا رايس مع ياسر عرمان و مالك عقار، وتأكيدها لهم أن الأمريكيين لا يرغبون في الوحدة التي يسعى لها د. قرنق .وأن مصالح أمريكا أهم من صداقتها للجنوبيين.
الآن قواتنا الباسلة تخوض معركة الكرامة على الحدود الشرقية . وتمكنت – بكل بسالة – من استرداد أراضٍ محتلة من عشرات السنين . مما يتطلب وقوف الشعب السوداني باختلاف مكوناته مع المجهود الحربي، ورفع معنويات جنودنا في هذه المرحلة.
تحالف المكون العسكري والمدني. وعدم إطلاق الاتهامات المتبادلة في إطار التنصل عن المسؤوليات هو ما تحتاجه بلادنا الآن. وهو التحالف الذي يمكن أن يقود إلى مشروع وطني ،بعيداً عن المحاصصات والأجندة الخارجية، لحل أزمات البلاد السياسية والأمنية والاقتصادية .