ومالبس الذين قللوا من شأن اتفاق جوبا يوماً ، حتى خرج عليهم رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك بخبر ارى انه مفاجأة ألجمت كثير من الذين ، لايريدون سلاما وتزعجهم أهازيج السلام اكثر من صوت الرصاص تطربهم الحرب وتستهويهم الانفلاتات الأمنية في الولايات وتفرحهم خلافات القبلية والعنصرية حد النشوة ، الذين لم يعرفوا ولم يعيشوا في وطن بلا حروبات ونزاعات ومعسكرات نزوح لم يقبلوا سلاماً يجعل السودان بلداً آمناً ومستقراً وهم الذين عاشوا سنين يبحثون لذات السلام عبر بوابات التفاوض المختلفة التي كانت مداخلها (معبراً للخروج الفوري ) ، تلتئم اجتماعاتها الفاخرة وتنتهي كذباتها بخلافاتها قبل ان تكون خبرا في الصحف الذين حفيت اقدامهم الي مقار التفاوض في حكومة المخلوع تلك المفاوضات التي كانوا يهللون لها ويضج اعلامهم الزيف بحركة ذهاب وفودهم ومجيئها.
ولكنه ذات السلام مع ذات الأشخاص يصبح امراً غير مقبولا لانه يحقق شعارات الثورة ، تلك الثورة التي لايريدون لها وجود ، وسنظل نرحب بكل سلام يجعلنا نطوي ولو يوم واحد من تاريخ الحرب ، لاسيما انه سلام يقطع الطريق امام خطة الهبوط الناعم ويسرق حلمها ويجعلها تتثائب من قلة الحيلة انها لم تصل غاياتها ومراميها بعد ، هذا السلام الذي يضع ترساً عاليا امام مسيرات التفويض المصنوعة التي لم يع قادتها ان دعوة البرهان للتفويض نسفها اتفاق السلام في جوبا بحضور البرهان نفسه ، البرهان الذي يسخر من الذين لايفهمون ان افعاله كرئيس لمجلس السيادة بإعلانه لاتفاق جوبا ، ابتلعت أقواله (كعسكري ) راوده حلم اليقظة للانفراد بالحكم تلك الاحلام المشروعة التي دعا فيها الشارع للتفويض ، ولن يكررها البرهان قريباً بعد ان خطى خطوات رأسيه في تحقيق مالايريدونه لكن ليتهم يفهمون.
والتوقيع المبدئي لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك وقائد الحركة الشعبية شمال، جناح عبد العزيز الحلو، والذي يعد اتفاق مبادئ من 6 بنود ينص على إطلاق عملية سلام جديدة بين الحكومة والحركة التي انسحبت في وقت سابق من مفاوضات السلام السودانية في جوبا التي اختتمت بتوقيع اتفاق مع الجبهة الثورية وعدد من الحركات المسلحة يعد من أهم الخطوات واسرعها واشدها تأثيرا ، احرز فيها حمدوك هدفاً في آخر دقيقة من الزمن الضائع ، غير فيه نتيجة التفاوض ، ونقلها من مربع ضيق ناقص الى أفق اوسع ، فالحلو من القادة الذين لهم تأثير كبير على الصعيدين السياسي والأمني .
لذلك اذا لم يعجب البعض اتفاق الحلو بحجة (بند فصل الدين عن الدولة) نذكرهم بقولهم اتفاق مافيه الحلو ناقص بالرغم من درايتهم ان هذا البند هو واحد من مطالب الحلو الجوهرية فكيف كانوا يريدون ان يأتي الحلو مكملاً عملية السلام وهم يعلموا مايريد الحلو !!
ولو باركوا السلام بدونه لانهم يرفضون الحلو ومطالبه لو جدنا لهم العذر .. فعندما غاب الحلو السلام ناقصاً
(اها الحلو جاكم ) فلماذا اصبح الحلو مُراً ؟
وماذا فعلت بنا الدولة وحكم المخلوع عندما رفعت الدين والشريعه شعاراً ومنهجا ومرجعاً لحكمها في كل منابرها وأقوالها واهدرته في كل افعالها ، الدين الذي أباحت به القتل والتشريد ، ام الدين الذي اعتدت به على اموال اليتامى والفقراء والمساكين عبر بوابة ديوان الزكاة ، أم الدين الذي قتلت واغتصبت به ، ام أنه الذي نهبت به حق الشعب وأمواله وحولته لأملاك خاصة ومدنا سكنية ، ام الدين الذي يُدّرسه بعض شيوخ الخلاوى ويغتصبون به الأطفال التلاميذ ، ام الدين الذي عذبوا به الأبرياء في بيوت الأشباح ، واستباحو به دم احمد الخير ، عن أي دين يتحدثون ، والجباه تحفر عليها علامات الصلاة كدليل تقوى ، والرجل مأكله حرام وملبسه حرام ، كفوا عن الحديث عن خوفكم على الدين ودفاعكم بأسمه كذباً ، (فلا تحدثني عن كم تحفظ من القرأن بل دعني ارى في أفعالك آية ) ، ثلاثين عاماً اعتدوا على الدين ودكوا تعاليمه وأحكامه لم يطبقوه في حكم الدولة يوماً واحدا ، والان يتباكون زيفا عليه ، امازلتم تمارسون الخديعه علينا ، وكأننا ماعرفناكم يوماً !!
فطاولة التفاوض لابد ان تكتمل يوماً لتمام بدر السلام في ليلة الحرب السوداء التي اشد منها سواداً (ظلمات الغبن والضغينة والكُره )
صحيفة الجريدة