السودان اليوم:
منذ ان تفجرت الازمة الخليجية وابان الصراع بين الاشقاء عن سفور شديد الى حد وصل الى القطيعة والتهديد بغزو قطر كما ظهر فى المعلومات التى كشفتها الادارة الامريكيةوقولها انها منعت العاهل السعودى من تنفيذ الخطة التى كانت ترمى الى ذلك ، منذ ذلك الوقت والجانبان دول الحصار الاربع – السعودية والامارات والبحرين ومصر – من جانب وقطر والى جانبها تركيا وحركات الاخوان المسلمين سواء الحاكمة فى ليبيا وتونس وقطاع غزة او تلك التى لم تكن تحكم كل هؤلاء فى الجانب الاخر كانوا يعملون معا فى الجانبين على استغلال اى ساحة يمكن الصراع فيها لتوجيه ضربات لبعضهما بعضا فى سلوك ابعد ما يكون عن علاقات الاشقاء والوفاق الذى يلزم ان يسود العلاقات ، اذ انه حتى فى حالة الاختلاف كان على الجميع ان يعملوا على التهدئة والابتعاد عن التوتر لكن هذا لم يحدث وانما العكس هو الصحيح ، فهاهى الامارات الى جانب مصر تحاربان تركيا وقطر فى ليبيا ويخوض الجميع معركة كسر العظم ، وهذه الامارات تعمل بقوة لاسقاط حركة النهضة فى تونس ولاتخفى هذا الهدف فالصراع اصبح على المكشوف ، وحركة النهضة نفسها لاتخفى ارتباطها الوثيق بقطر وتذمرها من الامارات والاذى الذى تسببه لها وما تعتبره تدخلا سافرا فى الشأن التونسى وكأن النهضة نسيت دورها القذر فى الحرب على سوريا ضمن جماعة الاخوان المسلمين . وفى العديد من المناطق يبرز الصراع الخليجى اذ يتناطح الفريقان وكل يحاول ان يلحق الضرر بالاخر بقدر ما يستطيع وزيادة ، والساحة التى نريد التحدث عنها قليلا هنا هى الصومال هذه البلاد التى تعيش بلا سلطة مركزية قابضة منذ بداية تسعينات القرن الماضى حين انهارت الدولة وسقط حكم الديكتاتور محمد سياد برى ، ووصول القوات الأمريكية الى الساحل الافريقى وغزوها الصومال وانتشار الفوضى ثم انسحاب القوات الامريكية بعد تلقيها ضربات موجعة ثم الغزو الاثيوبى والقوات الافريقية التى استقرت هناك وتقسيم البلد ، منذ ذلك الوقت والعديد من البلدان تسعى الى كسب موطئ قدم لها فى الصومال ، وهذا ما سعت له الامارات قبل تفجر الازمة الخليجية وما افضت اليه من حصار قطر ، وقد اجتهدت أبو ظبى للسيطرة على موانئ العديد من البلدان والتحكم فيها ، وبهذا الهدف جاءت الى الصومال وعملت على توطيد اقدامها ,، وكان للاتراك وجود هناك حتى قبل الصراع الخليجى الخليجى ، وهم يعتبرون بان لهم حقا تاريخيا فى هذه المنطقة منذ بسط الدولة العثمانية سيطرتها على العديد من البقاع ، اضافة الى طرح الاتراك انفسهم كقيادة لبعض المسلمين البعيدين عن التيار السلفى الذى تقوده السعودية ، وفى اطار تنافس الرياض وانقرة على قيادة العالم الاسلامى فى شقه السنى كان الوجود التركى فى الصومال وترسخ اكثر بعد تشكيل حكومة الوفاق فى مقديشو ، واعتبر الاتراك ان حركة الشباب الارهابية – المتصلة بتنظيم القاعدة – تعيق عملهم ، وقد عمل ارهابيو الشباب انفسهم على استهداف الوجود التركى فى الصومال ما وجدوا الى ذلك سبيلا على الرغم من التقاء اهدافهم فى سوربا وعمل تركيا جنبا الى جنب مع جبهة النصرة وهى الوليد الشرعى لتنظيم القاعدة كما حركة الشباب الارهابية ولكن هذه هى السياسة التى تقوم على المصالح لاالمبادئ.
وقد تطور الصراع الخليجى على ارض الصومال وسعى كل طرف الى استهداف الاخر ، ومن اشكال هذا الصراع واحتدامه تدشين عدد من الناشطين الصوماليين على تويتر حملة ضد التدخل القطري في الصومال، وقد بدأت الحملة منذ اللقاء الذي جمع سفير دولة قطر في مقديشيو برئيس مجلس النواب محمد مرسل عبد الرحمن حيث ناقش المسؤولان عددا من القضايا بما في ذلك العملية الانتخابية القادمة في الصومال حسبما أفادت العديد من التقارير الإخبارية في الصومال ، وقد اعتبرت الدوحة ان تدشين النشاط ضدها فى الصومال هو عمل تقف من خلفه الامارات.
ولابد ان ينتبه ابناء الصومال ان الاخرين لايهمهم وضع الصومال كبلد ولا الصوماليين كشعب وانما همهم مصالحهم فقط لذا يلزم ان يعى اهل الصومال ضرورة التصدى لكل من يريد توظيفهم فى صراعه مع اعدائه ، وليعلم
اهل الصومال انهم بهذا يجعلون من انفسهم وقودا لصراعات الاخرين وان شعبهم هو الذى يدفع الثمن بينما سيخرج المتصارعون الاجانب من الصومال متى ما حققوا ما يصبون اليه او توافقوا مع بعضهم او قرروا نقل معركتهم الى ميدان اخر ، ولن يكون فى حسبانهم قط النظر الى الصوماليين بعين الرحمة ، ولن يهتموا باعمار البلد ، لذا فليعمل الصوماليون على تجنيب بلدهم ان تكون ساحة لصراع الغير.
The post الصومال ساحة للصراع الدولي .. بقلم محمد عبد الله appeared first on السودان اليوم.