الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل
وضعت الحكومة آمالاً عراضاً وكانت تعول كثيراً علي مؤتمر المانحين وتعتبره الرافعة التي تعتمد عليها في رفع البلاد من وهدتها الاقتصادية والمالية السحيقة التي تردت فيها وظلت الحكومة وحاضنتها وولية أمرها في الفترة التي سبقت انعقاد المؤتمر تتودد للمجتمع الدولي وظنت ظناً خاطئاً أن مد الجسور يتم بإعلاء الصوت والحديث عن ضرورة فصل الدين عن الدولة وفرض العلمانية بفرمانات سلطانية وليس بالإرادة الشعبية وهي التي تحدد خياراتها عبر صناديق الاقتراع ولعلها كانت تغرد وتغني ولكن الغرب لم يطرب لغنائها وتغريدها بل لم يعره اهتمامه لأن الذي يعنيه ويهمه هو موارد السودان الهائلة وثرواته الضخمة ويريد أن يضع يده بالتدريج عليها عبر الشراكات الذكية ولعل مؤتمر المانحين ربما يكون هو المدخل المناسب بالنسبة لهم وتكون منحهم المقدمة في شكل مشاريع تسبقها دراسات وبرمجة زمنية تسبق التنفيذ . وانعقد المؤتمر في ألمانيا وأعلن أن المبلغ الذي تم التبرع به هو مليار وثمانمائة مليون دولار وان الممنوح عليه أن يشكر المانح علي ما قدمه له ولا زال السؤال قائماً هل المنح ستكون هبات مالية بالعملات الحرة تدخل فوراً في خزينة الدولة المفتقرة الآن للعملات الحرة أي يكون الدفع ( من الحالب للشارب ) أم تكون المنح في شكل مشاريع ويستغرق هذا زمناً وفي كل الأحوال فإن ما قدم يعتبر إضافة يشكر عليها المانحون مهما كان مقدارها وطريقة دفعها ومنحها .
وان عدداً من المسئولين الدستوريين وعلي رأسهم السيد رئيس الوزراء ووزير المالية وغيرهما كانوا يعملون موظفين في الأمم المتحدة التي يعمل في رئاستها وفي منظماتها وفروعها المنتشرة في أنحاء العالم آلاف الموظفين والموظف الأممي يكون معروفاً بين العاملين معه في مكتبه أو في محيط عمله وهذا لا يعني أن كل المجتمع الدولي سيتعامل معه لمجرد أنه يعمل موظفاً في الأمم المتحدة وسبق من أشرت إليهم سودانيون عملوا قبلهم في منظمات الأمم المتحدة في وظائف أرفع وتأثير أكبر وأذكر منهم علي سبيل المثال لا الحصر دكتور منصور خالد والسيد حمزة ميرغني ودكتور التجاني الطيب ودكتور التجاني السيسي وقبلهم عمل السيد مكي عباس في منظمة الفاو والسيد عمر عديل في محكمة العدل الدولية ….الخ وشغل منصب السكرتير العام للأمم المتحدة عدد من أصحاب القدرات العالية ولم يدعي أي واحد منهم أن ثقله ذاتي سيكون مدخلاً لخدمة الوطن الذي ينتمي إليه وأذكر من هؤلاء علي سبيل المثال همرشولد واوثانت وكورت فالد تايم ودكتور بطرس بطرس غالي وغيرهم . وعلي البعض هنا إلا يحملوا المسئولين الذين كانوا يعملون في الأمم المتحدة أكثر من طاقاتهم والتقاط هؤلاء المسئولين لصور مع بعض المسئولين الكبار في دول غربية لا يعني أنهم علي علاقة وثيقة بهم وبتلك الدول .
وقدمت للسودان في الماضي منح وأكبرها المعونة الأمريكية التي تم بموجبها إنشاء شارع خرطوم – مدني وشارع المعونة بالخرطوم بحري … الخ والمنحة الألمانية قدمت أجهزة أسس بموجبها التلفزيون بالإضافة للتدريب المهني الألماني … الخ وقامت الصين بتأسيس قاعة الصداقة منحة للسودان … الخ وقدمت الدول الغربية لا سيما الدول الاسكندينافية مساعدات مالية وعينية كبيرة لجنوب السودان بعد توقيع اتفاقية أديس أبابا في عام 1972م وعقد مؤتمر للمناحين في أوسلو بعد توقيع اتفاقية نيفاشا في عام 2005م ولكنهم لم يوفوا بعهودهم ووعودهم ونكصوا عنها وقدمت قطر دعماً سخياً لدار فور بعد توقيع اتفاقية الدوحة وقدم المانحون في مؤتمر عقد بالكويت دعماً سخياً لصندوق تنمية الشرق … هذه نماذج والقائمة طويلة .
وكما يقولون ما حك ظهرك مثل ظفرك والسودان غني بموارده الهائلة وإمكانياته الضخمة ولكنه غير مستقر بسبب الصراعات حول السلطة والجاه والمال والاحتراب بالسلاح وهو مؤهل ليكون مارداً اقتصادياً ورقماً كبيراً في الساحة الدولية … والمؤسف أنه ينتظر عون المانحين بينما بعض بنيه العاقين يهربون أهم السلع للخارج بغرض الثراء السريع الحرام وبعضهم يصرف البنزين بالسعر التجاري ويبيعه في السوق الأسود وبعض محتكري السلع الإستراتيجية الدوائية والغذائية من كبار الرأسماليين يستغلون تعامل الحكومة معهم بالدولار التجاري بسعر مخفض متفق عليه ويستغلوا ذلك استغلالاً بشعاً خصماً علي حقوق اليتامي والأيامي والفقراء والمساكين والعجزة والمرضي …الخ وكان الله في عون الشعب العظيم الصامد الصابر الحليم ( وما أشد غضبة الحليم إذا غضب ) .
The post السودان: صديق البادي يكتب: ثم ماذا بعد مؤتمر المانحين؟ appeared first on الانتباهة أون لاين.