الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل
كوشيب اسم سمعنا به عندما طالبت المحكمة الدولية بلاهاي بتسليمه لها هو والسيد أحمد هارون الذي عمل في فترة ماضية سبقت إعلان تسليمه وزيراً للدولة بوزارة الداخلية وكان وزير الداخلية وقتئذ هو اللواء عبد الرحيم محمد حسين . وجاء في الأنباء أن كوشيب سلم نفسه للمحكمة الدولية بلاهاي من تلقاء نفسه في الأيام القليلة الماضية ولا يمكن لأي إنسان أن يرمي نفسه في التهلكة بمحض إرادته ويبدو ( وهذا تخمين وليس يقين ) أن المسألة مدبرة بترتيب واتفاق معه وضمانات بألا يمسه ضر وأن يجد معاملة طيبة وراحة والتعهد له سلفاً وقبل بدء التحريات معه بالعفو عنه وفي مقابل ذلك عليه أن يصبح شاهد ملك يدلي بكل المعلومات المطلوبة منه والمتفق عليها معه والتي تدين من يراد لهم الإدانة من المسئولين السابقين مع جر آخرين يراد إبعادهم من الساحة السياسية الآن لتخلو لمناوئيهم ومنافسيهم من عرابي وممهدي قدوم الاستعمار الجديد الذي سيجد أمامه ترياقاً شعبياً كاسحاً مضاداً من كل الممل والنحل والمحكمة المشار إليها تقوم في الذي يخص السودان بمحاكمات سياسية في جوهرها وباطنها وقانونية في مظهرها السطحي وهو مجرد غطاء خادع كاذب .
وإذا رجعنا للوراء فإن هجمات التمرد علي مناطق التماس المتاخمة والقريبة من حدود جنوب القطر في ذلك الوقت أدت لموافقة الحكومة في أخريات عهد التعددية الحزبية الثالثة علي قيام مليشيات شعبية أو قل أهلية مسلحة تحمل أسلحة مصدق بها للدفاع عن أنفسهم وصد فرسانهم لتلك الاعتداءات وكانوا حائط صد وسند للقوات المسلحة الباسلة التي كانت في مناطق الحرب تعاني في تلك الأيام من نقص في العتاد الحربي والغذاء ومع ذلك صمدت وضحت كثيراً … وفي عام 1990م وهو العام الثاني لنظام الإنقاذ السابق كان م .ق . الشامي يعمل ضابط صف بالقوات المسلحة برتبة مساعد وفكر وقدم مقترحاً لبعض خاصته الذين سعوا لتعميم الفكرة بعد ذلك وفحواها العمل علي قيام تنظيم عسكري تحت مظلة ما أطلقوا عليه قوى السودان المتحدة ويكون لحمته وسداه من أبناء غرب السودان ويصبح مناهضاً ومناوئاً لنظام الحكم القائم في الخرطوم ومن السهولة استقطاب المؤيدين للفكرة والداعمين لتنفيذها بدغدغة العواطف والحديث عن الظلم والتهميش وعند عرض الفكرة علي عدد من السياسيين راقت لهم وتبنوها ولا يتسع المجال لإيراد كل التفاصيل الدقيقة وما لبث أن حدث انفصال في الحركة بين المنتمين إليها من كردفان والمنتمين فيها من دار فور والتي أقدم عنها خطوطاً عريضة في هذا العرض الموجز فحواه أن أبناء دار فور في الحركة نظموا أنفسهم وكان من الداعمين لهم والمتحمسين لحركتهم والي ولاية من أبناء شمال دار فور كان برتبة فريق بالقوات المسلحة . والقصة الكاملة لما حدث في دار فور طويلة ومتشعبة وأذكر منها هنا شذرات عابرة علي سبيل المثال : وقد تجمع عدد من المنضوين في الحركة في مناطق دار زغاوة امبرو وفوراوية وعين سرو …الخ وسبق أن قامت القوات التشادية التابعة لحسين هبري في عام 1989م بهجوم كاسح وبسند قوي من الطيران الفرنسي علي قوات إدريس دبي وأدي هذا الهجوم لتشتيتها إلي جماعات هرب منها من هربوا ودخلوا القرى والأرياف وسنحت الفرصة لقاطني المنطقة من أبناء دار فور واشتروا كميات كبيرة من الأسلحة من الفارين واستقر المقام بعدد كبير من المنضوين في الحركة في المناطق الشمالية لدار فور المتاخمة لليبيا بغرض الحصول علي السند العسكري والمالي واتصلوا بالرئيس الليبي القتيل القزافي الذي دعمهم ووفر لهم السند المالي والتسليح والمركبات والإعاشة واشتدت المواجهة بين القوات المسلحة وقوات تلك الحركة وغيرها من الحركات المتمردة ولنا وقفات تفصيلية عند كل حركة من حركات التمرد وإنقساماتها الداخلية وظهور فروع عديدة يحمل كل منها الإسم الأصلي في الحركة مع إضافة صفة تميزه عن الآخرين حتي أصبحت حركات التمرد بالإضافة للحركات الفرعية من كثرتها كتنين له مائة رأس . وعملت الحكومة وعلي وجه الدقة قلة من كبارهم بسياسة فرق تسد وأشعلوا نيران الفتن بين أبناء دار فور وساندوا قوات تعرف بالجنجويد لتحارب تلك وأطلت ظواهر وأوصاف عنصرية بغيضة ( زرقة وعرب ) . وشنت الآلة الإعلامية الغربية الأخطبوطية حرباً شرسة وكانت تفتتح أو تختتم نشرات أخبارها بالحديث عن دار فور ومأساتها وكانت تحول كل حبة صغيرة لقبة كبيرة ثم همدت وخمدت تلك الحملة الإعلامية المغرضة بالتدريج حتي انتهت . وشهدت قضية دار فور جولات مفاوضات كثيرة في عدد من عواصم العالم وسأورد فصلاً عن ما نالته دار فور من حقوق مستحقة في قسمة السلطة وقسمة الثروة والميزانية الاستثنائية التي استحقتها تقديراً لظروفها وسترد القصة الكاملة من الألف إلي الياء بكل تفاصيلها الدقيقة في كتابي القادم بعنوان ( دار فور .. الملف الأبيض والملف الأسود .. من فظائع الحرب والتدمير إلي إشراقات السلام والتعمير ) والذي سأنشره بعد التريث والدقة في المعلومات عبر الميديا والوسائط الإعلامية .
ولتأخذ العدالة مجراها في ساحات القضاء العادل حتي تبلغ مرساها والعدالة لا تتجزأ وليس فيها خيار وفقوس بين كافة المتهمين .. وكل من أرتكب جرماً أو ساهم في ذلك باللسان أو السنان سيلقي جزاءه يوم الحساب وعند السؤال في القبر لن تنفعه حكومة أو حزب أو حركة متمردة مسلحة أو منظمة أجنبية أو دولة خارجية ولن تنفعه سلطة أو مال وجاه …. ونرجو ألا تنحرف محاكمة كوشيب لتصبح شوكة في حلق دار فور أو خنجراً مسموماً في خاصرة الوطن.
The post السودان: صديق البادي يكتب: كوشيب في لاهاي appeared first on الانتباهة أون لاين.