الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل
تقرير: الخواض عبدالفضيل
تأكد بما لا يدع مجالا للشك لكل المراقبين وأهل الاختصاصظ أن المفاوضات حول سد النهضة متعثرة وعلى حافة الإنهيار. ويتضح ذلك من خلال تمنع وتمترس كل طرف ورفضه لقبول أية مقترحات للتسوية تراعي مصالح الدول الثلاث السودان وإثيوبيا ومصر. وشابت المفاوضات كثير من التعقيدات وخاصة في ما بعد مسودة الإتفاق برعاية أمريكا والبنك الدولي والذي رفضته إثيوبيا ووقعت مصر مبدئيا وتحفظ السودان. وبعد جولات تفاوضية في أمريكا لم يتم التوصل لإتفاق بشأن ملء وتشغيل السد، بجانب قضايا أخرى مطروحة من الجانب السوداني والمصري عن المضار الناتجة من السد ومسائل التأمين للسد. (الانتباهة أون لاين) وضعت كل هذه المحاور على طاولة عدد من الخبراء والمهتمين وخرجت بالحصيلة التالية:
أدوات تكتيكية
دكتور عبدالوهاب الطيب بشير أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية قال لـ(الانتباهة اون لاين): (إن رجوع إثيوبيا للتفاوض يأتي في إطار الإلتزام الشكلي وليس الموضوعي. لذلك انتهت جميع جلسات التفاوض بدون إحراز أي تقدم أو الوصول إلى تسوية نهائية حتى بعد تدويل القضية. ولعل ذلك يعتبر منهج وأسلوب وأدوات جديدة لإثيوبيا في المفاوضات، وذلك بالإنتقال من التفاوض الإستراتيجي الذي يتناسب مع موضوع وقضية إستراتيجية كسد النهضة، إلى منهج وأسلوب وأدوات التفاوض التكتيكي المرحلي، ولعل ذلك ربما يعطي إثيوبيا ثلاثة أشياء مهمة، كسب الوقت لدخول موسم الفيضان وتجهيزات السد لعملية الملء ووضع كل من السودان ومصر أمام الأمر الواقع، وهذا يقوي فرص إثيوبيا في إستخدام أسلوب الممانعة بعدم قبول أي مقترحات سودانية أو مصرية، حتى وإن كانت تصب في مصلحتها. هذه الطريقة جعلت إثيوبيا في وضعية تمكنها من الحيلولة دون إعطاء كل من مصر والسودان أي مساحات جديدة لإضافة مقترحات يمكن أن تجبر إثيوبيا على التنازل عن سقوفاتها التفاوضية).
هشاشة الإتفاقيات
ويواصل د. عبد الوهاب في إفاداته: قد نجد أكثر من ذلك وهو أن إثيوبيا إشترطت للعودة إلى التفاوض حول المسودة الأمريكية والبنك الدولي بالموافقة على منسوب 625 متر من الماء. وهذا يحتاج إلى كمية مياه كثيرة. وذلك يضيف شرطا تلقائيا يظهر مطامع إثيوبيا التفاوضية بزيادة كمية المياه المحجوزة في فترة الفيضان مما يحتاج فترة طويلة من الوقت وهذا يتنافى مع شروط وقواعد ملء السد الزمني والكمي. ويبدو أن إثيوبيا تسعى للإستفادة من هشاشة الإتفاقيات في أبعادها الفنية والقانونية.
مهددات إقليمية
ويمضي د. عبد الوهاب إلى عمق أخطر في القضية ويقول: لعل هذا الوضع التفاوضي المرتبك والمنهار يجعل منطقة القرن الأفريقي وحوض النيل مفتوحة ومكشوفة لنذر حرب وشيكة بأساليب وأدوات مختلفة تضع المنطقة أمام تحديات ومهددات كبرى للأمن الإقليمي للقرن الأفريقي وحوض النيل، مما يتطلب التفكير في إيجاد حلول بديلة من أطراف إقليمية نافذة تجبر دول الصراع الثلاثة على الإلتزام بمخرجات الإتفاقيات السابقة التي تحوي الحلول في إطار التعاون والتكامل الإقليمي تفاديا لإنهيار السلم والأمن الإقليمي.
مشروع إستراتيجي
من جهته يرى المحلل السياسي من دولة إثيوبيا الدكتور عبدالرحمن أحمد محمد أن إثيوبيا قبل بداية المشروع وبعده وأثناء العمل به كانت تسعى دائما لتبديد كل شيء يتعلق بالمخاوف السودانية المصرية، لافتا إلى أن إثيوبيا طلبت تكوين اللجنة الثلاثية الشهيرة من الخبراء من دولتي السودان ومصر وقدمت جميع الوثائق للدراسة المتعلقة بسد النهضة ليكون لهم رؤية واضحة بأن سد النهضة مشروع إستراتيجي مفيد للمنطقة والإقليم. واطلع الخبراء من الدول الثلاثة على المشروع بأنفسهم مع مئات الوثائق التي قدمتها إثيوبيا بحسن نية. بعد ذلك قدمت اللجنة توصيتها لرؤساء الدول الثلاثة وبموجبه تم تكوين المكتبين الإستشاريين. بالإضافة إلى حديث وزير الري السوداني. مؤكدا أنه من المفيد للسودان ومصر إستمرار المفاوضات، مشيرا إلى أن وجهة نظر السودان لأمان السد كلفت إثيوبيا مليار دولار مما غير في تصميم سد النهضة.
مخاوف الملء والتشغيل
ويضيف دكتور عبد الرحمن: إن رجوع إثيوبيا مرة أخرى إلى المفاوضات يؤكد حسن نواياها في تشغيل سد النهضة وملء البحيرة في المرحلة الأولى. وقال إن أية مخاوف تتعلق بالملء الأولي والتشغيل لسد النهضة يجب تبديدها، حتى يطمئن السودان ومصر. لافتا إلى أن المرحلة الأولى من سد النهضة تكلف (4 مليار و 9 من عشرة لتر) وهي بسيطة مقارنة بحجم المياه المتدفقة. مضيفا أن الملء في المرحلة الأولى حدد له فصل الخريف والكل يعرف في هذه الفترة أن المياه كثيرة من الناحية الفنية ولا يؤثر الملء على الإنسياب. لكن الإشكالية تبقى في أن إثيوبيا بدأت التخزين. وتساءل دكتور عبدالرحمن إذا كانت الدولتان لديهما جدية وخاصة مصر هل هذا يؤثر علي حصتهما من سد النهضة؟ لذلك إثيوبيا قلبها مفتوح في مايتعلق بتقاسم الحصص لكن أرى أن المفاوض المصري لديه رأي آخر وأرى أن مصر تهدد بالرجوع إلى مجلس الأمن الدولي وهي بعد كل مرة تؤكد فشل المفاوضات برغم أن السودان وإثيوبيا يؤكدان أن هنالك إيجابية في الحوار لكن مصر تؤكد الفشل. وهنا تأتي المفارقات – ولايزال لدكتور عبد الرحمن – إثيوبيا تحاور بحسن نية ومصر لديها أجندة أخرى تريد أن تحققها لكن أرى الطريق الوحيد للدول الثلاثة هو المفاوضات واستمرارها والأخذ بعين الإعتبار حاجة إثيوبيا للمياه، كما أيضا تأخذ إثيوبيا المخاوف التي تراود السودان ومصر بعين الاعتبار وتسعى لتبديدها من خلال المفاوضات. وقال عبد الرحمن: من المؤسف أن الأمن القومي المصري حدد يوم 13يونيو 2020م كأقصى حد للمفاوضات وهذا ما يؤكد أن المفاوض المصري غير جادة في إنجاح المفاوضات. وتساءل د. عبد الرحمن: (كيف تفاوض في نقاط وتحدد لي وقت ينتهي فيه هذا التفاوض؟ وإذا لم أنته في هذا الوقت ماذا سيحدث؟). وأضاف: لذلك أقول إن الطريق الوحيد هو السير في نهج المفاوضات والأخذ بمتطلبات التنمية في إثيوبيا كما تأخذ إثيوبيا بمتطلبات المخاوف لدولتي السودان ومصر.
The post السودان: تعثر مفاوضات سد النهضة .. الخطر يقترب appeared first on الانتباهة أون لاين.