خلط الأوراق السياسية ومحاولة زج العبارات ذات المدى البعيد والتفكير بطريقة الذكاء السياسي ( الإصطناعي ) هي واحدة من التكتيك الذي يستخدمونه اهل السياسة لتمرير أجندتهم السياسية واغلب العبارات التي يطلقها المسؤولين لم تكن مجرد تصريحات يراد منها المقصود وحده قد تتجاوز حدود الزمان والمكان وتجول في فضاء التفسير والتحليل حتى تجد لها آذان صاغية او تختار لها مكاناً مناسبا في عقول البعض ، فمنهم من ترسخ عنده وهماً ومنهم من يرى انها ماهي إلا جمل فضفاضة لكسب الوقت السياسي، ومنهم من يراها رسائل حقيقية لم تطلق على عنان الهواء جزافاً
ومعروف ان الأجهزة الأمنية سجلت حضوراً ضعيفاً مابعد الثورة وأخفقت اخفاقا كبيرا وان لا احد يستطيع ان ينقص من قدر الجيش وهيبته إلا عندما تتخلى الجهات الأمنية عن دورها الحقيقي المنوط بها تجاه المواطن وكذلك اجهزة الشرطة ان عملت لأجل المواطن وسخرت جميع قواتها لخدمته بعيداً عن الأهداف السياسية ستجد الشعب يحترمها ويرفع لها التحية إجلالا وتقديرا لها ، ولن تكون محلاً للنقد والاتهام مالم تحيد عن دورها وتتحول الي مؤسسات ودور سياسيه تمارس فيها السياسة بزي شرطي او عسكري وهنا لن تجد الشرطة والأجهزة الأمنية الاحترام إن كانت لاتستحقه
وقال عضو مجلس السيادة الفريق اول ركن شمس الدين كباشي؛ إن للتغيير فوائد كثيرة ، ومن كوارثه محاولة إضعاف الاجهزة الامنية ، وتابع “الطوفان لما يجي ما بحمي زول ، ومن يراهن على خلافات الاجهزة الامنية كذاب“.
فكل ماحدث في كادوقلي وكسلا وبورتسودان وغيرها من المدن من احداث عنف كشفت عن قصور واضح للأجهزة الأمنية كان يجب ان يعترف به الفريق كباشي ويحاسب المسؤولين عنه في تلك الولايات فالأجهزة الأمنية ان تثبت انها قادرة على القيام بما يليها حتى لاتكون عرضة لمحاولة الإضعاف
وعلى طريقة المخلوع في التهديد والوعيد يظهر الكباشي (على حقيقته) لأول مره ويلقي رداء الزيف ويرجع الي اصله وفصله ( الكباشي في المجلس العسكري ) وقت ما ( نفش ) المجلس ريشه واراد ان يفرض سيطرة العسكر على الحكم ، المجلس العسكري عندما ( قطعوا الانترنت ) قبل ان تقلب عليهم ٣٠ يونيو الطاولة وتجعلهم يهرولون نحو الاتفاق وان لابديل للمدنيه الا المدنيه لطالما انها جاءت بدماء الشهداء الطاهره وطّوعت إرادة الشباب جماح العسكر وأجبرته على الاعتراف بدولة مدنيه لم تأت بانقلاب عسكري
والكباشي يرفض العودة الي الثكنات كرضيع يرفض الفطامه قبل تمامه العامين ، ومالها المؤسسة العسكرية هل الرجوع اليها عيب ومن هو الكباشي بعيدا عن هذه المؤسسة ام سولت له نفسه انه سياسي ورجل دوله يرفض المطالبه بعودته الي موقعه الطبيعي ويعتبرها تعدي عليه وعلى حقوقه وهل ظن انه سيبقى عضواً بالمجلس السيادي مدى حياته العسكرية فمن العيب ان يتشبث فريق بالجيش بالحكم وهو الذي لم يضف حتى صفراً من الإنجاز كان الكباشي ان يقول ( نحن نفخر بعودتنا الي ثكناتنا ) حتى لايجعلنا نفهم ان المنصب السياسي اهم عنده من رتبته العسكرية
ولم يكفيه هذا وارتفعت عنده اللغة (الكيزانية) ( أن القوات المسلحة شريكة بنص الوثيقة الدستورية في الحكومة الحالية وان الذين يقولون لنا ارجعوا ثكناتكم إذا فعلنا ذلك لن يبقوا في الحكم ساعة واحدة وقال أن أى نظام لاتحرسه القوات النظامية لن يصبح نظاما، وأن من يريد أن يحكم دون القوات النظامية اليوم او بعد مائة عام فهو كاذب ) ، حديث يذكرك بخطابات البشير الفهلوانيه التي تبرز فيها العضلات ليشعر الناس بالخوف وهو نفسه من داخله يرتجف
وماكان ينقص الكباشي إلا ان يخبرنا ان كانت له كتائب ظل لحمايته اولا وفات عليه السخريه من شباب الثورة ولو زاد زمن اللقاء لشتم الكباشي الثورة والثوار فالرجل ظهر ( منفوخ ) بهواء السلطة ليبث سمومه عبر عبارات ناهضتها الثورة في اول مواكبها ولكن ليس اللوم على الكباشي اللوم على ثورة جاءت به الي مقعد المجلس السيادي الذي لايليق به
الثورة التي ملأت الفضاء وعنان السماء (بمدنياااااو) ليأتي على غفلة وعلى هرم قيادتها وحكمها الكباشي الم يسأل الرجل نفسه من الذي أتى به الي هذا المنصب انها الثورة وهذا اول سبب يجعل الكباشي يخاف ويخشى من ذكر الرجوع الي الثكنات ففي الجيش ما كان الكباشي نسياً منسيا
ومنذ بداية الثورة كانت لغة التهديد الكاذب والخطاب العدواني هي سمة لقيادات النظام المخلوع ولأول مره يخرج عضو مجلس سيادة ليهدد الناس وكأنه خرج من اجتماع المكتب القيادي للبشير ولكن لماذا نبحث نحن عن شي مفقود لايملكه الكباشي فالرجل هذه هي قناعاته المتراكمة بدواخله ونفسه المشبعه بإحساس الانتماء لنظام مخلوع لذلك تلقائياً ستخرج تصريحاته وعباراته لتترجم ذلك الاحساس الداخلي فمثل هذه اللقاءات التي يعتلي منصتها الكباشي ماهي الا تنويما مغنطيسيا على سرير السلطة لايقول فيه إلا الصدق
قلنا قبِلاً ان الكباشي ان اراد أن يكون رجلاً آخراً كما تريدونه ، لم ولن يستطيع …هذه حقيقته !!
طيف أخير
خليك بالبيت
صحيفة الجريدة