أفادت مصادر مطّلعة أن السلطات الليبية، بالتعاون مع القنصلية السودانية في بنغازي، أطلقت رسميًا برنامج “العودة الطوعية” لمئات السودانيين المقيمين في مراكز الإيواء، وسط ظروف معيشية خانقة ومخاوف أمنية متصاعدة. المبادرة، التي دخلت حيز التنفيذ مطلع الأسبوع الجاري، تهدف إلى إعادة الآلاف من الفارين من الحرب في السودان، بعد أن تجاوز عددهم 650 ألف لاجئ منذ أبريل 2023.
ووفق معلومات حصل عليها ” الراي السوداني ” ، فإن البرنامج شهد تنسيقًا متعدد الأطراف بين وزارة الصحة، جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، والجهاز الوطني للتنمية، وركز في مرحلته الأولى على إجراء مسح صحي شامل للمقيمين في مراكز الإيواء، لا سيما مرضى السكري والضغط والأمراض المعدية.
القنصلية السودانية أعلنت، عبر بيان رسمي، انطلاق عملية التسجيل الإلكتروني للراغبين في العودة، والتي تشمل مناطق واسعة مثل المرج، البيضاء، درنة، طبرق، سبها، الكفرة، والجفرة، مشيرة إلى أن المرحلة التالية ستشهد إصدار وثائق السفر للعائدين وتحديث بياناتهم.
أظهرت مقاطع مصورة نشرتها منظمات محلية مشاهد توثق ظروفًا إنسانية صعبة في بعض مراكز الإيواء، حيث يواجه المقيمون نقصًا في الرعاية الصحية، وارتفاعًا في أسعار المواد الأساسية، فضلاً عن تزايد حملات التحريض على منصات التواصل، والتي طالبت بشكل متكرر بترحيل “المهاجرين غير النظاميين”.
ورغم الحماس الشعبي في أوساط اللاجئين للعودة، إلا أن التحديات اللوجستية لا تزال تلقي بظلالها، خاصة مع إغلاق معبر “المثلث” الحدودي بين ليبيا والسودان، ما يدفع بالبعض لاستخدام الطريق البديل عبر تشاد، وهو خيار محفوف بالمخاطر وبتكلفة تصل إلى مليون جنيه سوداني للفرد، وفق تقديرات غير رسمية.
الاجتماع الثاني للجنة الإشراف والمتابعة على تنفيذ البرنامج، برئاسة وزير الخارجية الليبي، خلُص إلى ضرورة تسريع الإجراءات، وتوسيع نطاق الفحوصات الطبية، وضمان الجاهزية الأمنية على طول مسار العبور، بحضور القنصل العام للسودان، وممثلين عن الهلال الأحمر، ووزارة الصحة، وأجهزة أمنية أخرى.
تأتي هذه الخطوة في وقت حساس سياسيًا وإنسانيًا، وسط ضغوط محلية ودولية تطالب بضرورة تنظيم أوضاع اللاجئين في ليبيا، وضمان حقوقهم، سواء قرروا البقاء أو العودة، مع مراقبة لصيقة من منظمات حقوقية تتابع تفاصيل هذه العملية عن كثب.









