حديث المدينة السبت 20 سبتمبر 2025
لا تزال مدينة الفاشر تفجع العالم مع اشراقة شمس كل صباح جديد.. فجر أمس الأول، حرص المصلون الذهاب إلى المسجد لأداء صلاة الفجر في مدينة يلفها الظلام الشامل .. وتطوي بطون أهلها المجاعة القاسية التي ضربت عليها قرابة العامين..
سمعوا صوت المنادي (الصلاة خير من النوم..) فلبوا النداء.. في اللحظة ذاتها التي كان آخرون يجهزون طائرة تحمل الردى لأناس لا يعرفهم ولا يعرف لماذا اصدر علهم حكم الإعدام..
و هم مستغرقون في متابعة تلاوة الأمام.. هبطت على سقف المسجد قذية من طائرة مسيرة تدرك أن تلاصق صفوف المصلين كاف لإثاع أكبر عدد من القتلى والجرحى.. وفعلا في الحال أكثر من 70 كانت أرواحهم تحلق فوق المكان وتنظر للأشلاء وتسأل (بأي ذنبت قتلت؟) الأنفس البريئة..
يوميا عشرات يرحلون بالرصاص المباشر أو الشظايا.. وأطفال لا تقوى أجسادهم على تحمل الجوع.. فيطوي الصمت مرافعاتهم وهم يصرخون وتبلل الدموع مآقيهم.. و نساء لا يعرفن من يبكين.. حالهن أم فلذات أكبادهن المتيبسة..
الذي يطلق القذيفة على المدنيين يهتف بالتكبير.. و يرفع أصبعين من كفه الأيمن وهو يردد “اتنين بس.. يا نصر.. ياشهادة”.. وربما يتلوه بآية قرآنية ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى..) .. و ما أن يكمل وجبته من الدماء يلحق بالصلاة .. وبعدها يسحب مسبحة تتدلى من عنقه.. ليسبح ويحمد الله..
قرارات مجلس الأمن صرخة في وادي الصمت.. استغاثات الشعوب والمنظمات و القلوب الإنسانية كلها لم تشفع.. ولا أحد يجيب على السؤال الكبير.. لماذا؟
لماذا الفاشر تُسحق و تُسحل و تُكوى؟



