شهد مطار بورتسودان الدولي خلال شهر يوليو الجاري وصول أربع رحلات شحن جوية قادمة من دولة الإمارات العربية المتحدة، ما أثار العديد من التساؤلات حول طبيعة العلاقات بين السودان والإمارات، خاصة في ظل قرارات القطيعة التي أعلنتها الحكومة السودانية في مايو الماضي، ووصفت فيها أبوظبي بـ”الدولة العدو”.
الرحلات الجوية التي تم تشغيلها عبر طائرات شحن من طراز Airbus A320-232(P2F) تابعة لشركة Sky Vision Airlines، وصلت في تواريخ مختلفة، تحديدًا في 5 و22 و23 و25 يوليو، قادمة من مطاري الشارقة وآل مكتوم في الإمارات، باستخدام الطائرة نفسها برقم تسجيل SU-SKD.
تكرار هذه الرحلات المنتظمة يشير إلى وجود تباين واضح بين التصعيد السياسي الذي طبع المرحلة السابقة والتعاملات الميدانية الجارية، وهو ما يفتح باب التساؤلات حول مدى التزام الحكومة السودانية بتطبيق قرارات القطيعة، أو إمكانية التراجع عنها فعليًا، رغم استمرار الخطاب السياسي المتشدد.
الخلاف السياسي بين البلدين بلغ ذروته في مايو الماضي حين اتهمت الخرطوم أبوظبي بالتورط في هجمات بطائرات مسيّرة استهدفت مدينة بورتسودان، زُعم أنها انطلقت من قواعد عسكرية إماراتية في منطقة البحر الأحمر، وتحديدًا عبر أراضٍ في الصومال.
إثر هذه التطورات، قامت الحكومة السودانية بسحب سفيرها من الإمارات، مع الإبقاء على القنصلية لتقديم الخدمات للمواطنين السودانيين المقيمين هناك، ما عُدّ تراجعًا جزئيًا عن القطيعة.
ورغم التوتر الرسمي، استمرت السلطات الإماراتية في اتخاذ إجراءات إنسانية تجاه السودانيين، شملت منح إقامات طارئة للنازحين، وتقديم إعفاءات من غرامات التأشيرات، إضافة إلى استثناء السودانيين من شرط صلاحية الجواز لمدة ستة أشهر، ما يعكس رغبة من الجانب الإماراتي في إبقاء التواصل الإنساني والاقتصادي مفتوحًا بعيدًا عن الخلافات السياسية.
في السياق ذاته، لم تتوقف الرحلات الجوية التي تُشغّلها شركات الطيران السودانية مثل تاركو وبدر للطيران نحو الإمارات، وهو ما يعكس استمرار التعاون في المجال الجوي المدني والتجاري. كما واصلت شركات التعدين السودانية تصدير شحنات الذهب إلى الإمارات، ما يعزز المؤشرات على أن التوتر لم يصل إلى مرحلة قطع العلاقات الاقتصادية الحيوية بين البلدين.
تشير هذه المعطيات إلى وجود فجوة واضحة بين الخطاب السياسي الرسمي والواقع العملي على الأرض. فبينما تتخذ الحكومة السودانية مواقف معلنة تحمل طابع القطيعة، تستمر العلاقات الاقتصادية والإنسانية والجوية بصورة اعتيادية، ما يرجح أن التوتر السياسي قد يكون ظرفيًا أو أن هناك جهودًا غير معلنة للتهدئة خلف الكواليس.