اخبار السودانمنوعات

جزيرة مقاصر.. روعة الحياة على ضفاف النيل شمال دنقلا

دنقلا – الراي السوداني
في قلب النيل الخالد، وعلى بُعد كيلومترات قليلة شمال مدينة دنقلا، عاصمة الولاية الشمالية في السودان، تتنفس جزيرة مقاصر جمالًا وسحرًا خالصًا. فهي ليست مجرد جزيرة تحيط بها المياه من كل الجهات، بل قطعة من الفردوس الطبيعي، تحتضن الإنسان السوداني في أبهى صوره، محافظًا على تقاليده الأصيلة وعلاقته العميقة بالأرض والنيل.

تمتد الجزيرة على مساحة تقارب 6 كيلومترات مربعة، وتُعدّ من أكبر الجزر في محيط دنقلا، تشتهر بخصوبة أراضيها وكثافة نخيلها وزراعة القمح والخضروات. ومع وفرة المياه العذبة القادمة من النيل، تحوّلت إلى واحة زراعية تزدهر بالحياة والإنسان.

ما يميز جزيرة مقاصر حقًا هو الإنسان الملهم الذي يسكنها؛ لا يزال أهلها يحتفظون بكل ملامح الحياة النقية والبسيطة. في صباحات الجزيرة، تفوح روائح الخبز البلدي الذي تُعدّه النساء على التنور الطيني،

وتتصاعد أبخرة الطواجن الغنية بالطعم والمذاق من مطابخ تقليدية تحكي قصة تراث لا يعرف الزوال.

يتقن سكان مقاصر صناعة الخبز من القمح البلدي، ويطهون طعامهم بطرق تحفظ للطعام نكهته وروحه. لا تزال النفيرات الجماعية في الحصاد والزرع تقام كما كانت منذ عقود، حيث يتحول العمل الزراعي إلى طقس اجتماعي متكامل، تتخلله الأغنيات الشعبية والولائم الطازجة.

أما الهواء، فلا يشبه إلا نفسه؛ نقيّ، منعش، محمّل بعبق الطين والزرع والماء. حياة بسيطة لكنها غنية بالكرامة والتكافل، يندر أن تجدها بهذه النقاء في أماكن أخرى.

في زمن تتسارع فيه خطوات العالم نحو الحداثة المفرطة، تبدو جزيرة مقاصر وكأنها تختار أن تكون واحة هدوء وعذوبة. هي ليست فقط مشهدًا طبيعياً أخّاذاً، بل شهادة حيّة على أن الجمال لا يُختزل في المباني والأسواق، بل يسكن في الناس، في العادات، وفي دفء العلاقات اليومية التي تحافظ على المعنى الأصيل للحياة.

جزيرة مقاصر.. حيث تتداخل زرقة النيل مع خضرة الأرض، ويصنع الإنسان من البساطة لوحةً لا تعرف الزوال.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

الوليد محمد

الوليد محمد – صحفي يهتم بالشؤون المحلية والإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى