
صمت إعلامي رسمي يُثير التكهنات.. و”لقطة واحدة” تشعل جدلاً واسعاً
هل بدأ البرهان فصلًا جديدًا من إدارة المعركة؟ أم أن هناك ما يُطبخ في الخفاء؟
بهاء الدين عيسى ـ الراي السوداني
أثارت صور مقتضبة نشرها إعلام مجلس السيادة السوداني لرئيس المجلس والقائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، خلال اجتماع نادر داخل مقر القيادة العامة بالخرطوم، جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والعسكرية.
الاجتماع الذي تم دون أي تفاصيل مرفقة، ضم إلى جانب البرهان، رئيس هيئة أركان الجيش الفريق أول محمد عثمان الحسين، ونوابه، وقادة الوحدات العسكرية الكبرى المتمركزة في العاصمة.
ورغم أهمية الحدث من حيث التوقيت والمكان، فقد اكتفى الإعلام الرسمي بعرض الصور، دون أي توضيحات حول أجندة اللقاء أو نتائجه، ما فتح باب التكهنات على مصراعيه بشأن خلفيات الاجتماع ورسائله الخفية في ظل تعقيدات المشهد العسكري والسياسي بالسودان.
رسائل بلا كلمات.. ماذا أراد البرهان أن يقول؟
منذ هبوطه المفاجئ في الخرطوم يوم الأحد الماضي، لم يغادر البرهان العاصمة، بل بدا حريصًا على الظهور الميداني في عدة مواقع رمزية، آخرها زيارته لدار الوثائق القومية والدار السودانية للكتب، وهما من المعالم الثقافية التي طالها الخراب الكبير منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.
ظهوره المفاجئ وسط قيادات الجيش في “قلب القيادة”، والسكوت التام حول مخرجات اللقاء، يطرح تساؤلات كبرى:
هل كانت مراجعة استراتيجية للتموضع العسكري في العاصمة؟
أم محاولة لرصّ الصفوف وسط تصدعات غير معلنة؟
أم أن البرهان يرسل إشارات ميدانية بأن الخرطوم ستعود كما هي؟
إخلاء العاصمة… القرار الذي فاجأ الحلفاء
في موازاة ذلك، أصدر البرهان قرارًا مثيرًا بإخلاء العاصمة من المظاهر العسكرية، وهو ما أغضب قادة القوات المشتركة التي تقاتل بجانب الجيش ضد قوات الدعم السريع.
حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، عبّر عن دهشته قائلاً إن القرار لم يُبلغ به رسميًا، في وقت تتصاعد فيه الاتهامات بشأن ارتكاب انتهاكات وسرقات من قبل عناصر تنتمي للجيش أو قوات حليفة له داخل مدن العاصمة.
تحرك تكتيكي أم تمهيد لتغيير أكبر؟
اجتماع البرهان مع الفريق أول محمد عثمان الحسين وقيادات الصف الأول للجيش في القيادة العامة، وسط غياب أي خطاب رسمي، قد يحمل مؤشرات لتحرك تكتيكي قادم أو حتى تغيير في قواعد الاشتباك. كما أن حضوره اللافت إلى المواقع المدمرة والأسواق الشعبية يوحي برغبة في إعادة ترميم الثقة وكسب المشهد الإعلامي والسياسي.