خاص – الراي السوداني
في مشهدٍ يلخّص عبثية الحرب وبطولة اللحظة، صعد اسم الجندي محمد بور مي إلى واجهة الأحداث، بعدما تحوّلت لقطته الشهيرة وهو يصدم بسيارته عربة مليشيا الدعم السريع في معارك “أم صميمة” إلى رمزٍ للتضحية والجرأة.
اليوم، يعود بور مي إلى الواجهة من جديد، لكن هذه المرة بزيه الجديد… ملازم أول ميداني، ووسام للشجاعة من أكاديمية نميري العسكرية العليا، المعقل الأكاديمي لضباط الجيش السوداني.
القرار الصادر من قيادة الجيش بترقية بور مي ومنحه الوسام، حمل في ظاهره تكريمًا لبطولة استثنائية، لكنه فجّر نقاشًا محتدمًا في الأوساط العسكرية والسياسية.
البعض رأى فيه استحقاقًا شجاعًا لجندي قاتل حتى آخر حدود الجسارة، بينما اعتبره آخرون مثالًا على “فوضى الرتب” و”تسييس التراتبية العسكرية”، خاصةً أن الوسام جاء من أكاديمية تُعد مركزًا لتخريج نخبة ضباط الجيش.
اللقطة التي سُميت شعبيًا بـ”حديد لاقى حديد”، التُقطت أثناء معارك طاحنة في أم صميمة، وتحوّلت إلى أيقونة رقمية تُتداول بإعجاب على منصات التواصل.
لكنها اليوم تُحمّل بأبعاد جديدة: هل هي لحظة تمجيد للبسالة؟ أم انزلاق نحو عسكرة غير منضبطة؟
يقول أنصار القرار إن القوات المشتركة، التي تقاتل جنبًا إلى جنب مع الجيش، تستحق الاعتراف والتقدير، وإن نموذج محمد بور مي يُجسد المعنى الحقيقي للجندية تحت النار.
في المقابل، يرى منتقدون أن منح الرتب والأنواط يجب أن يخضع لضوابط مؤسسية لا تنحني لمزاج المعركة أو ضغط الإعلام.
وسط ذلك، يظل محمد بور مي، الشاب الذي تحوّل إلى “أسطورة ميدانية”، شاهدًا على لحظة يتقاطع فيها الشرف العسكري مع الفوضى التنظيمية، وتتقابل فيها قلوب الجماهير المنبهرة ببطولته، مع عقول تحذر من عواقب تمييع المؤسسة العسكرية.