رحمة عبدالمنعم .. السودان.. مأساة إنسانية تنزف بلا نهاية
متابعات - الراي السوداني
للحقيقة لسان
رحمة عبدالمنعم
السودان.. مأساة إنسانية تنزف بلا نهاية
لم يكن المشهد السوداني يوماً بهذا القدر من السواد والدموية، حيث يقترب الوطن بخطى متسارعة نحو الانهيار الشامل، بفعل تمرد مليشيات الدعم السريع على الدولة، هذه المليشيات التي استباحت كل شيء من أرواح المواطنين إلى مقدرات الاقتصاد، حملت البلاد إلى أتون حرب عبثية لا تزال تفتك بكل القطاعات
أطلق الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، يان إيغلاند، في ختام زيارته للسودان، جرس إنذار مدوياً حول المأساة المتزايدة في البلاد، واصفاً الأزمة بأنها “أسوأ أزمة إنسانية في العالم” ،أرقام النزوح وحدها تكشف حجم الكارثة؛ أكثر من 11 مليون شخص نزحوا داخل البلاد، فيما عبر 3 ملايين آخرون الحدود، فارين من جحيم العنف والدمار الذي خلفته مليشيات الدعم السريع
الأطفال، عماد المستقبل، هم الأكثر تأثراً، ما يزيد عن 17 مليون طفل حُرموا من التعليم، بينما يعاني 3.7 مليون طفل من سوء التغذيةفي مخيمات النزوح، يعيش أكثر من 3 ملايين طفل في ظروف مأساوية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، في وقت تغيب فيه الدولة بسبب التمرد المستمر
تسببت الحرب التي أشعلتها مليشيات الدعم السريع في تسريع انهيار الاقتصاد السوداني، خسائر البلاد الشهرية تجاوزت 500 مليون دولار، فيما تراجع الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 70%. العملة الوطنية فقدت قيمتها بشكل كارثي، حيث ارتفع الدولار من 600 جنيه إلى نحو 2300 جنيه، لتشتعل الأسعار وتصل معدلات التضخم إلى أكثر من 200%
فقد أكثر من 60% من السودانيين مصادر دخلهم، بينما تعطلت 80% من الأنشطة الاقتصادية ،مليشيات الدعم السريع لم تكتفِ بنهب موارد البلاد، بل حولتها إلى ساحة معركة دمّرت فيها البنى التحتية، وتركت الملايين يواجهون الجوع والبطالة
العنف الذي مارسته مليشيات الدعم السريع اتخذ طابعاً ممنهجاً، شمل تدمير القرى، واغتصاب النساء، وقتل المدنيين بدم بارد، المسيرات القتالية وقصف المدافع التي تسببت فيها المليشيات أدت إلى انهيار شامل في العديد من المناطق، في الخرطوم وحدها، قُتل أكثر من 61 ألف شخص بين أبريل 2023 ويونيو 2024، بينما أسفرت الهجمات خلال أكتوبر الماضي عن مقتل نحو 2600 شخص وتشريد 27 ألف آخرين.
وصف إيغلاند السودان بأنه يعيش سياسة “الأرض المحروقة”، حيث استهدفت المليشيات المرافق الحيوية والبنى التحتية بشكل عشوائي، مما تسبب في خروج نحو 70% من المؤسسات الصحية عن الخدمة وانتشار واسع للأمراض الوبائية والمعدية
العالم، الذي وقف موقف المتفرج حيال تمرد مليشيات الدعم السريع، يتحمل جزءاً من المسؤولية الأخلاقية تجاه هذه الكارثة. إن الصمت الدولي أمام هذه الجرائم المروعة يبعث برسائل خطيرة، ويزيد من جرأة المليشيات المتمردة في مواصلة تدمير السودان
يجب على المجتمع الدولي التحرك فوراً لدعم السودان في حربه ضد هذه المليشيات، سواء بتقديم الدعم الإنساني للملايين الذين يواجهون خطر الموت، أو بالضغط الدبلوماسي والسياسي لإنهاء هذه الحرب المدمرة
السودان، الذي كان يوماً قلب إفريقيا النابض، يقف اليوم على حافة الهاوية، إن بقاء هذه المليشيات واستمرار تمردها على الدولة يعني مزيداً من القتل والجوع والانهيار ،لا يمكن إنقاذ السودان إلا بإنهاء هذا التمرد ودعم جهود الدولة لاستعادة سيطرتها وبناء مستقبل أفضل لشعبها