مدّدت الخطوط الجوية الإثيوبية للمرة الرابعة على التوالي تعليق رحلاتها من وإلى مطار بورتسودان الدولي حتى 31 أغسطس المقبل، نتيجة استمرار التهديدات الأمنية المحيطة بالمطار وتفاقم الأوضاع الميدانية في شرق السودان بعد الهجمات الأخيرة التي استهدفت المطار من قبل المليشيات المتمردة.
هذا القرار يأتي في وقت حرج يعاني فيه السودان من عزلة متزايدة عن حركة الطيران الدولية، خاصة بعد تراجع عدد الرحلات المباشرة إلى المدن الكبرى في ظل تصاعد حدة النزاع، مما جعل من مطار بورتسودان المنفذ الجوي الوحيد للبلاد خلال الأشهر الماضية.
الهجوم الأخير أجبر العديد من شركات الطيران الكبرى، من بينها الخطوط الإثيوبية والمصرية، على تعليق رحلاتها، ما يعكس تدهور الثقة الدولية في قدرة السودان على تأمين أجوائه ومطاراته. وكانت الخطوط الإثيوبية قد أوقفت رحلاتها إلى بورتسودان منذ مايو الماضي، وواصلت تمديد هذا التعليق، في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار الأمني، مما يُبرز حجم المخاوف المتعلقة بسلامة الطيران المدني داخل البلاد.
القرار يُشكل ضربة إضافية للمواطنين، لا سيما المرضى وطلاب الجامعات والباحثين عن فرص عمل أو ملاذ آمن، حيث بات التنقل عبر المنافذ الأخرى مهمة شبه مستحيلة في ظل الارتفاع الكبير في التكاليف، وانعدام الخدمات الأساسية في مناطق النزوح.
كما أن توقف الرحلات المنتظمة عبر مطار بورتسودان فاقم من النقص الحاد في الإمدادات الطبية، إذ كانت المساعدات والأدوية تصل أساسًا عبر هذا المنفذ الجوي، ما يزيد من الضغوط على نظام صحي يعاني بالفعل من الانهيار بسبب الحرب.
الموقف الإثيوبي يتماشى مع تحذيرات دولية صدرت مؤخرًا لشركات الطيران بضرورة تجنب الأجواء السودانية، خاصة بعد تعرض طائرات مدنية في فترات سابقة لمخاطر جسيمة نتيجة الاشتباكات المسلحة قرب المطارات.
هذه التطورات تؤكد أن الحرب الدائرة لم تعد تقتصر على الجبهات العسكرية، بل باتت تهدد البنية التحتية الحيوية، بما فيها المطارات التي كانت تُعد حتى وقت قريب ممرات آمنة نسبياً.
في ظل هذه المعطيات، تتزايد المخاوف من أن تجد بورتسودان نفسها في حالة عزلة جوية كاملة، خصوصًا مع استمرار الغموض الأمني وغياب تطمينات إقليمية ودولية حول سلامة الحركة الجوية.
ورغم محاولات الحكومة السودانية استئناف حركة الطيران التجاري، فإن الواقع الميداني وتردد شركات الطيران في استئناف رحلاتها يفرض تحديات كبرى ويُضاعف من معاناة السكان، في انتظار انفراجة أمنية قد تفتح الباب أمام عودة الملاحة الجوية وانتظام حركة الرحلات من جديد.