لعل من عجائب السودان وغرائبه المدهشات المضحكات المبكيات أنه ومنذ الإطاحة بأفشل رئيس وزراء في تاريخ السودان وأفريقيا جنوب الصحراء ودول حوض الكاريبي وبحر البلطيق المدعو عبد الله حمدوك ظل المقعد شاغراً.. ولمزيد من الجودة التعبيرية والدقة التوصيفية منذ تاريخ قرارات رئيس مجلس السيادة في 25 أكتوبر 2021م (الإنقلابية التصحيحة) وشوفوا تدخلوا شنو (جوة القوس) وتطلعوا ياتو ما ياتو (برة القوس) وتشربوا حليب أبو قوس وطبعاً هذا لناس الرياضيات..
المهم أنه ومن ساعتها لم يتم تعيين (ود حلال) في هذا المنصب ولكأن حواء السودانية عقرت وعقمت وحلفت ستين يمين (ما تنجب) من يتوهط في هذا الكرسي ويأخذه بحقه ويؤدي الذي عليه فيه ويخدم هذا الشعب بحقٍ وحقيقة..
مفهوم فذلكة الأمر دستورياً في تلك الوثيقة العرجاء البيّن عرجها التي تقاسمت قحط من خلالها السلطة مع العسكريين.. وهي بذلك متسببة في تكبيل رئيس مجلس السيادة عن تعيين رئيس وزراء فهي (سلطة المدنيين) القحاطة حصرياً.. رغم التعديلات التي أجريت عليها لإصلاح عرجها وعورها ومع ذلك لم تطلق يدي السيد الرئيس ولم تعطه حريته وما استبقى هو شيئاً..
لكن سادتي غير المفهوم ولا المبلوع ولا (المهضوم) بالبيبسي وكل الغازيات أن يظل التكبيل ماثلاً في ظل حالة الطوارئ التي تنتظم البلاد في ظل هذه الحرب الضروس.. فليس بعد (الطوارئ) ذنبُ ولا إثم في كل شرائع الأرض سيما وأن السودان في حالة الحرب التي لا تخفى على أحد وعليه يطرح السؤال الرئيس التالي على (لغة ناس البحوث والدراسات):
لماذا لم يعيّن السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي رئيس وزراء (مكلّف) زيه وزي اخوانو؟؟ وللإجابة على هذا السؤال نجيب بثلاث كلمات ليست كالكلمات (ما في معلوم).
تذكرت هذا وقد اطاح السيد رئيس مجلس السيادة أمس بعدد من الوزراء (المكلّفين) والكلمة هذه كما تعلمون تثير الحساسية لدي والاريكتاريا وغير قليل من (الكوفار).. ولا محل لها من الإعراب لغةً ولا سياسةً ولا عسكرية على الرغم من أن ارتباطها بالأخيرة (مذمةُ) وأي مذمة ومنقصة أنعم بها من منقصة.. أثارت التعيينات والإحالات قديم الكلام المتجدد عن رئيس الوزراء (المدني) وهي هنا على الدوام في عرف قحط مقابلة (للعسكري).. وهو من يعيّن ويقيل ويستبدل ويحيل بالتالي تقفز كل الأستفاهمات المتعلقة بعدم تفعيل الطوارئ للتغلب على المرجعية الدستورية للسطح والعلن..
من جملة من أطيح بهم وزير الخارجية والإعلام وتعيين شخصيتين مكانهما ولربما كما ذهبت أمس كان لتلك الحركة (الميكانيكية) علاقة بحديث الفريق ياسر العطا عن (الجنجو دولة) ولربما لا.. ليس لدي رأي في من ترشّج للخارجية فهو رقم وطني يشار إليه بالبنان وله سهم واضح في مسيرة العمل الدبلوماسي..
لكن قناعتي أن تعيين الدكتور خالد الإعيسر الإعلامي الشهير ومع كامل التقدير له جانبه الصواب
قبل تفصيل ذلك لابد من إعادة النظر في مسمى الوزارات وطالما أن الحديث عن الإعلام موضع النظر الآن هل نحن في مرحلة الحرب هذه في حاجة لوزارة باسم (الثقافة والإعلام)؟؟ أم أننا بحاجة لوزارة للإعلام وحسب؟؟ أعتقد أنه لو كان مسمى الوزارة الإعلام فقط فتعيين الدكتور الإعيسر مقبول رغم قناعتي أنه ليس الأنسب والأجدى والأفضل بكل المقاييس أن يكون خارج الدائرة الرسمية (المقيّدة) ليخدم قضية السودان بشكل أفضل.. حكومة الحرب التي ظلت تسريبات الإعلاميين الضاربة تبشر بها وأنها (وشيكة وشيكة) كهجوم النمر لم تر النور وربما لن يكتب لها أن تراه مطلقاً..
حكومة الحرب سادتي مصطلح يغنيك عن عدد كبير من الوزارات لعدد أقل وتعديل المسميات بما يتماشى مع أهداف هذه الحكومة ومطلوباتها ذات الصلة بفترة الحرب دون سواها..
فهذا هو الأولى والأجدى وهذا هو التفكير الصحيح المنهجي الذي يضع (العربة خلف الحصان) وليأتي لاحقاً ملء الشواغر التي يملأها رئيس الوزراء المدني المكلّف بالتشاور مع أعضاء مجلس السيادة..
في هذا تقليل من الانتقادات التي تطال العسكريين وتجترها منصات الدعامة والقحاطة ويقنعون بها الآخرين بأنه ليس للمدنيين سهم فيما يجري في السودان في الوقت الراهن..
ولكأنهم هم فقط (المدنيون) ولا مدنيون سواهم في هذا السودان ولا هذا الكوكب..
أختم هذا التطواف بالدكتور خالد الاعيسر متمنياً له التوفيق والسداد في مهمته العسيرة لكن أهمس له في أذنه أن تعيينه في المنصب يذكّر بتعيين الأستاذ جورج قرداحي كوزير إعلام في الجمهورية اللبنانية على خلفية ظهوره الإعلامي الناجح.. لكن سرعان ما طلب السماح على هفوة بدرت منه (ولمزه) البعض أن عليه لزاماً حلقة من برنامج المسامح كريم للسلطات السعودية فأعتذر واستقال..
أتمنى ألا يكون لدينا مثالان لفشل إعلاميين (متميزين) يشار إليهم بالبنان كوزراء (ناجحين).. جورج قرداحي في لبنان وخالد الإعيسر في السودان.
اللواء الركن (م) أسامة محمد أحمد عبد السلام