تحوُّلات متسارعة يشهدها المسرح السياسي، مع تعقيد للأزمة في ظل عدم الوصول إلى توافق سياسي بين الأطراف السودانية، لاسيما فيما يتعلق بالاتفاق الإطاري الذي جاء نتيجة لتسوية بين المكوِّن العسكري وأطراف مدنية، بغية الوصول إلى تفاهمات وتوافق نهائي حول القضايا الوطنية، بجانب تشكيل حكومة مدنية تقود إلى التحوُّل الديموقراطي وإكمال الفترة الانتقالية.. الا أن مع رفض بعض الأطراف مدنيين وحركات مسلحة للإطاري، أدى إلى تعطل العملية السياسية.. التي تتطلب توسيع قاعدة المشاركة والتوافق حول القضايا الوطنية والخروج بالبلاد إلى بر الأمان من خلال الجلوس بين المكوِّنات المختلفة، وليس عبر الإقصاء الذي يولد الغبن السياسي، في ظل أوضاع أكثر تعقيداً.. في الخامس من ديسمبر الماضي، تم توقيع الاتفاق الإطاري بين العسكريين وقوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) وبعض القوى المدنية الأخرى، من أجل التوصل إلى اتفاق سياسي نهائي.. وفي سياق دعم العملية السياسية زار خلال الفترة الماضية الخرطوم مبعوثين دوليين، بجانب وزير الخارجية الروسي، لدعم الفترة الانتقالية والجلوس مع الأطراف المعنية من أجل الوصول إلى صيغة توافقية تجمُّع المؤيدين والرافضين للاتفاق.. إلا أن هناك بعض القوى في الكتلة الديموقراطية، بجانب حزبي الشيوعي والبعث ترفض الإطاري جملة وتفصيلاً، كل هذه التغيُّرات في المشهد السياسي لا تبشِّر بحلول عاجلة، إلا حال يحدث تنازلات من كل الأطراف واضعين في الاعتبار المصلحة الوطنية العليا .. في وقت يرى خبراء ومختصون أن هناك جهات مستفيدة من تعطيل العملية السياسية، داعين إلى أهمية التوافق بغية الاستعجال في الوصول إلى اتفاق نهائي يفضي إلى حل للأزمة السياسية وتشكيل حكومة مدنية.
موعد جديد
حدَّد القادة العسكريون والمدنيون الموقعون على الاتفاق الإطاري، يوم الخميس 6 أبريل الجاري، موعداً جديداً لتوقيع الاتفاق السياسي النهائي.. وانعقد، أمس، بالقصر الرئاسي اجتماع ضم القادة العسكريين، والقوى المدنية بزعامة الحرية والتغيير، بهدف تجاوز العقبات التي حالت دون التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي في موعده السابق..وحضر الاجتماع كل من: قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، وقادة القوى المدنية، علاوة على الآلية الثلاثية المكوَّنة من (الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية – إيقاد).
تنازلات سياسية
تعليقاً على مجريات العملية السياسية في ظل المشهد الراهن، يقول المحلِّل السياسي محمد علي عثمان، بعد بداية مبشرة نحو إنهاء الأزمة السياسية الراهنة منذ 25 أكتوبر ٢٠٢١م، بعد إجراءات الفريق أول عبد الفتاح البرهان ..التقارب والتفاهمات التي حدثت مابين المكوِّن العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير ودخول وثيقة المحامين أحدثت اختراقاً وكسرت جمود اللاءات الثلاث (لا تفاوض _لا شراكة _لا مساومة)، ويؤكد محمد علي في إفادة لـ(الصيحة) “بداية ورش الاتفاق الإطاري بصورة سلسة (السلام _العدالة الانتقالية _تفكيك التمكين) إلى أن أتت ورشة الإصلاح الأمني. وأضاف عثمان ” هنا دبت الخلافات والمناوشات، وأشار إلى أن تفاصيل الورشة ومارشح منها من خلاف هو الفترة الزمنية لدمج الدعم السريع في الجيش .. وتابع: الآن ومع هذا الوضع المعقد لابد من وجوب تنازلات سياسية من الجانبين والعمل على فتح الاتفاق الإطاري بصورة أوسع ليحصل تراضي سياسي معه يمكن أن تجتاز الحكومة الانتقالية المقبلة معه فترة الانتقال بصورة تكون قد وضعت معها لبنات أساسية تساعد في الانتقال الديموقراطي تمهيدًا للانتخابات القادمة .
فتح الإطاري
يقول المحلِّل السياسي دكتور محمد خليفة صديق، في إفادة لـ(الصيحة)، إن تعقيد المشهد السياسي أمر مفروغ منه، عجزت الجميع في الداخل والخارج أن يصلوا إلى حل مرضي في السودان، وأضاف ” يبدو بعد التوقيع على الاتفاق الإطاري بدل ما الناس تتجه إلى التوافق، إلا أن الأمور جاءت غير ذلك، حيث كان هناك اصطفاف مضر في ظهور معسكرين مؤيد وضد الإطاري، وقال: المطلوب الآن يفتح الإطاري ويتم التفاوض وحركة مارثونية مع كل الأطراف لاسيما الرافضين للإطاري، لجهة محاولة تليين المواقف، من أجل أن يكون الاتفاق أشمل. مشيراً إلى أن الخطوة يمكن أن يتم دمج الإطاري في مخرجات المبادرة المصرية، وخروج بشكل جديد للتسوية السياسية لضمان أكبر عدد من القوى السياسية، والدخول مباشرة في تشكيل حكومة كفاءات وطنية واختيار رئيس وزراء مقبول والبدء في إجراءات الانتخابات
توسيع المشاركة
يؤكد الخبير والمحلِّل السياسي الفاتح محجوب، في إفادة لـ(الصيحة) منذ إن تم توقيع الاتفاق الإطاري تبيِّن أن فيه إشكالية قد تعصف به.. أي رفض قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي لانضمام زملائهم السابقين في قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي أي أردول وعسكوري والجاكومي ومبارك الفاضل المهدي لأسباب لا علاقة لها بمهام الفترة الانتقالية، بل لأسباب معظمها تتعلق بالغيرة الحزبية وبما أن أطراف الاتفاق الإطاري ليسوا منتخبين.وقال محجوب فمن الغريب استخدام الفيتو لرفض هؤلاء وكذلك رفضهم للناظر محمد الأمين ترك رئيس نظارات وعموديات البجا المستقلة وحلفائه في شرق السودان خوفاً من غضب أسامة شاويش رئيس مسار الشرق مع موافقتهم على انضمام أطراف اتفاقية جوبا للسلام للاتفاق الإطاري ومعهم -أيضاً- الحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل بقيادة السيد جعفر الميرغني، وفي ظل تمسُّك حركتي مناوي وجبريل بمشاركة كل الكتلة الديموقراطية للحرية والتغيير بقيادة السيد جعفر الميرغني، وأضاف فمن المؤكد أن أي حكومة انتقالية مدنية ترفض تلك القوى السياسية الحية لن تستطيع أن تستمر خاصة وأنها لا تمتلك شرعية انتخابية، أما إذا أضفنا الخلاف بين الجيش والدعم السريع حول الكيفية التي يتم بها دمج الدعم السريع في الجيش السوداني فمن المتوقع استحالة تخطي تلك المشاكل بدون أن تلتزم القوى السياسية السودانية بإبداء أكبر قدر ممكن من المرونة..ويرى محجوب خلال إفادته للصحيفة “يجب حل قضية شرق السودان قبل تكوين الحكومة الانتقالية وكذلك التوصل لحل مقبول لكيفية دمج الدعم السريع في الجيش السوداني، بجانب توسيع المشاركة السياسية في العملية السياسية الجارية الآن بضم الكتلة الديموقراطية للحرية والتغيير بقيادة جعفر الميرغني للاتفاق الإطاري، وتابع: “بذلك فقط يمكن المضي قدماً في تكوين حكومة توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية”.
كسب سياسي
فيما حذَّر رئيس اللجنة السياسية لجماعة أنصار السنة محمد أبو زيد مصطفى، من استخدام الشعب كبش فداء للكسب السياسي،وقال: إن المعارضة السياسية التي تستخدم الشعوب كدروع بشرية لتخرب بها المسرح السياسي، وتلوِّث بيئته، إنما تستن سنة سيئة بالممارسة غير الرشيدة، وأضاف لا يليق بمؤمن صادق أن يستخدم هذا النهج الذي منعه الشارع. (وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ) ثم قال🙁 لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنهم عَذابًا ألِيمًا) .. وأضاف هذه قضية ما يعرف عند الفقهاء بالتترس وفي المصطلح الحديث الدروع البشرية، موضحاً أن استخدام الآمنين كبش فداء للاستنصار بهم في الصراع السياسي، لأمر مستهجن شرعاً وعقلاً، وشدَّد أبو زيد على ضرورة وجود معارضة راشدة ومساندة ومنحازة لقضايا الوطن ورفع المعاناة عن المواطنين، مطالباً من يحكم بالأمانة وأن يتقي الله في شعبه.
تجاوز الإطاري
قطع رئيس حركة العدل والمساواة، القيادي بالكتلة الديموقراطية، جبريل إبراهيم بعدم وجود أيِّ اتجاه من جانبهم للتوقيع على الاتفاق الإطاري،
وكشف خلال مقابلة مع الحدث عن توافقات كبيرة بينهم وقادة المركزي بشأن إعلان سياسي يتجاوز الاتفاق الإطاري، مبيِّناً أن نقاط اختلافهم تتمحور حول الأطراف الموقعة وأدوارها.