وجدى صالح:لم نندم على قرار اتخذناه حتى الآن.. وما زلنا نعتبر أنفسنا مؤسسة من مؤسسات الدولة
أكد القيادي بقوى الحرية والتغيير، وعضو لجنة تفكيك وإزالة تمكين نظام الـ(30) من يونيو، المجمَّدة وجدي صالح، إنهم كانوا على علم بـانقلاب 25 أكتوبر، منذ سحب القوات الأمنية المكلفة بحماية مواقع الأموال المستردة.
وقطع صالح في الحقلة الأخيرة من حوار مطوَّل أجرته معه (الصيحة) حول مسيرة عمل اللجنة منذ تكوينها وحتى تجميدها، بعدم مشاركة أي أحد من الحرية والتغيير في اعتصام القصر، وقال: (الكيزان) هم من اعتصموا، وتابع: (إذا أردنا الوصول إلى سلطة قضائية لابد من المواصلة في مهمة التفكيك داخل السلطة القضائية والمؤسسات العدلية).
نص الحوار
*ذكرت أن من أسباب إجراءات 25 أكتوبر، دخولكم في شراكات مع مؤسسات عالمية تعمل في متابعة واسترداد الأموال المنهوبة، ألم ينتابكم شعور بإبعادكم؟
طبعاً، كان لدينا إحساس كبير، وأؤكد أننا حينما وقعنا مع العساكر الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية، الناس الآن يتحدثون عن شراكة كانت، وأنا لا أسميها شراكة، لأن الشراكة يجب أن تقوم بين طرفين تجمعهما الثقة المتبادلة، فما تم بيننا هو اتفاق حتى الوثيقة الدستورية هي اتفاق بين طرفين لكل طرف حقوق بموجب الوثيقة الدستورية، فهم تعدوا على هذا الاتفاق ولم يكونوا شركاءنا في يوم من الأيام، إذ أنهم ومن الأشهر الأولى وقفوا ضد الثورة وعطَّلوا في الأشهر الأخيرة كل مؤسسات الدولة، فلم يكن هناك مجلس سيادة يجتمع طوال الأربعة أشهر، قبل 25 أكتوبر، ولم تكن هنالك لجان متخصصة تجتمع ولم تكن هناك اجتماعات ما بين المجلسين، بذلك أوقفوا كل التشريعات لأنها تصدر من اجتماع المجلسين، وقد استغلوا بعض القضايا الموجودة في بعض أنحاء السودان لتأليب المواطنين ضد السلطة المدنية، إذن الإدعاء بأن الذين وقعوا معهم الوثيقة الدستورية وهي الحرية والتغيير ما عادت هي الحرية والتغيير تحت إدعاءات التوسعة، حديث للتمهيد لخطوتهم.
*هناك حديث كان دائراً بوجود جزء من الحرية والتغيير في اعتصام القصر؟
طبعاً، الذين خرجوا في هذا الاعتصام لم يكن فيهم أحد من الحرية والتغيير على الإطلاق، لأنه بعد الثورة مباشرة الحركات المسلحة خرجت من الحرية والتغيير ومن نداء السودان، بالتالي لم تكن هنالك عزلة، لكن هي محاولة لإضعاف السلطة المدنية الادعاءات بما يسمى بأربعة طويلة أو غيرها من المسائل وانكشفوا تماماً عندما جاءوا وقالوا ما بنرجع إلا البيان يطلع، هؤلاء هم الذين استدعوا الانقلاب، نحن كنا نعلم بالانقلاب وكلكم تابعتم كيف تم سحب القوات الأمنية من الأموال المستردة من المواقع والتي كانت تتجاوز في الفترة الفاتت أكثر من مائة موقع هذا يعني تعالوا يا كيزان استلموا هذه المواقع، ولكن الشعب السوداني وقف وساند اللجنة وكلكم شاهدتم المواكب التي انتظمت بتاريخ 21 سبتمبر و30 سبتمبر، والمؤتمر الصحفي الذي عقدناه في لجنة التفكيك كنا واضحين بأن هنالك مهدِّدات، وقلنا هناك قوة وتحديداً الفلول يريدون عمل انقلاب، فاعتصام القصر كان معروف أنه للانقلاب وكان معلن، والذين كانوا موجودين أمام القصر هم الكيزان وهم الذين صدرت في مواجهتهم قرارات من لجنة التفكيك ومصورين عندنا وموجودين والفيديوهات تتحدث.
المسألة الثانية الشعب السوداني عندما خرج في 21 أكتوبر، أكد حاجة، أن هذا التحوُّل الديموقراطي لن يحيد عنه ولن يقبل مرة أخرى بأن يحكمه زول شمولي أو زول باسم القوات المسلحة، لأن هذا الانقلاب لم تقم به القوات المسلحة، فالشعب السوداني قال كلامه لا يحكمه عسكري ولا انقلابي ولا الكيزان، وهذا أمر مفروق منه، لذلك الثورة ماضية ونحن معها ولن نحيد عن أهدافها وسنكون مع شعبنا حتى الانتصار.
*طيب أستاذ وجدي لماذا تأخر تكوين لجنة الاستئناف برئاسة نكولا كل هذه الفترة؟
لجنة الاستئنافات تم تشكيلها مع لجنة التفكيك، ولكن لأن هناك اثنين استقالا من اللجنة وطوالي تم تسمية مرشحين لها، وكان من المفترض أن يصدر رئيس مجلس السيادة قراراً بتعيين أعضائها، لكنهم لم يكونوا يريدون للجنة الاستئناف أن تعمل.
*لماذا؟
لأنها سوف تحقق لهم هدفين، الأول أنها يمكن أن تؤيد القرارات الصادرة من لجنة التفكيك، ثانياً أرادوا استغلال عدم وجود اللجنة في التعبئة ضد لجنة التفكيك، ونحن كلجنة ليست لدينا سلطة لأنه لا يوجد أحد يعيِّن الشخص الذي سينظر قراراته بصورة استئنافية.
- هل سلَّمت قوى الحرية والتغيير مرشحيِّها للجنة الاستئناف؟
نعم، سلَّمت مرشحيِّها واحتجت، والصراع داخل هذه المؤسسات كان صراعاً حقيقياً ومحتدماً، ويمكن البعض منه كان يرى النور والبعض الآخر لم ير النور، فهذه المسؤولية يتحمَّلها الانقلابيون “شنو البخليهم يشكِّلوا لجنة استئناف بعدما لغوا كل القرارات”.
*حالياً نسمع بأن لجنة الاستئنافات تباشر عملها؟
“تباشر عملها في شنو” توجد جهة أنت نصَّبتها باسم السلطة القضائية تصدر في القرارات فمن الذي أعطاها هذا الحق؟ القانون لم يعطها هذا الحق، فالقانون أعطى الحق للجنة الاستئنافات وأن الدائرة القضائية التي يشكِّلها رئيس القضاة غير مختصة إلا في النظر في القرارات الصادرة من لجنة الاستئناف.
*لكنهم ذكروا أن تلك طعون إدارية؟
كيف تكون طعون إدارية والقانون حدَّد أنها ليست طعوناً وإنما حدَّد إجراءات الطعن فيها وحدَّد الموضوعات فيها بالتالي هي ليست طعون إدارية، قانون التفكيك قانون إجرائي وموضوعي في أن واحد يحدِّد الموضوعات وكيفية اتخاذ القرار ويحدِّد كيفية التظلم فلا يمكن الذهاب لقانون آخر أصلاً، فهذا كله باسم السلطة القضائية مثلما انتحلوا أسماء الكثير من المؤسسات.
*إذاً ما المطلوب لبناء سلطة قضائية مستقلة ونيابة عامة مستقلة؟
أنا افتكر أن كل قضايا البلاد وأزماتها سببها الانقلاب، فإذا أردنا الوصول إلى سلطة قضائية لابد من التواصل في مهمة التفكيك داخل السلطة القضائية وداخل كل مؤسسات العدالة، وأقول: كل أزمات البلاد لن تحل إلا بإسقاط هذا الانقلاب.
*ماهي معايير اختيار وكلاء النيابة وضباط الشرطة الذين عملوا في اللجنة ومن الذي اختارهم؟
طبعاً، نحن لا دخل لنا بالنيابة، وحتى تفهم المسائل بشكلها الصحيح أقول: أي معلومة وردت إلينا أحلناها للجهة المختصة والنيابة العامة هي الجهة المختصة بالإجراءات وهي التي تحدِّد من يكون وكيلاً يعمل في نيابة التفكيك نحن لا نتدخل في ذلك، كذلك لا نتدخل في اختيار منسوبي الشرطة فهي التي تحاسب منسوبيها وفقاً لقانون الشرطة، ولكن هنالك دعاوى جنائية وإجراءات تمت، كان الغرض منها إغلاق الطريق أمام أي محاولة للفساد داخل المؤسسة، وأنا افتكر إلى حد ما، تمكَّنا من محاصرة المسألة، فنحن مؤسسة من مؤسسات الدولة ولا زلنا نعتبر أنفسنا من مؤسسات الدولة، لأن اللجنة مجمَّدة ولم تحل والقانون ساري بالمناسبة، لكن ليست هنالك إرادة سياسية للتواصل في مهمة التفكيك، لأن الإرادة الآن بالضد من عملية التفكيك سوف تذهب لإعادة التمكين وليست في مهمة التفكيك لكنها لا تمتلك الشجاعة لإلغاء قانون التفكيك.
*من الذي كان يستلم الأموال المستردة من الشركات والمؤسسات وغيرها؟
شوفي، لم أذكر لك -سابقاً- أن ديوان الحسابات وديوان المراجع العام معنا في اللجنة بالتالي استلام الأموال يتم عبر اللجان وبوجود النيابة والشرطة ومحاسب من ديوان الحسابات يتبع لوزارة المالية وفقاً للقانون وتقوم اللجنة المستلمة بجرد كل هذه الأشياء، أما الحسابات التي قمنا بتجميدها تجمَّد أموالها داخل البنوك.
*ماذا بخصوص الأموال النقدية؟
طبعاً الأموال النقدية في الخزن بالمؤسسات بتكون بسيطة وهذه يتم جردها وفتح حساب خاص بوزارة المالية تم توريد كل هذه الأموال التي تعتبر مثل الأمانات لحساب الوزارة مع تحديد أي مؤسسة من المؤسسات يتبع المال.
*كيف تقومون بفك حسابات الأموال المجمَّدة؟
- لا نفك الحساب على الإطلاق إلا بموجب خطاب من وزارة المالية يكتب فيه ” فكوا حساب الشركة الفلانية ” وألغوا التوقيعات السابقة واعتمدوا توقيعات فلان وفلان، وأي زول يعطوه توقيع داخل أي مؤسسة من المؤسسات يتبع للمالية سواءً أكان ديوان الحسابات أو المراجع الداخلية بالديون وليست لهؤلاء توقيع وإنما لدى المحاسبين ويكون لديهم الإدارة المالية.
*من كنتم تخاطبون؟
نحن كنا نخاطب بنك السودان، نقول له ” فكوا الحساب رقم كدا الذي يتبع للجهة الفلانية الكدا “والغوا التوقيعات السابقة وهي توقيعات من تم استرداد الأموال منهم واعتمدوا توقيعات الآتي أسماؤهم وهي الأسماء التي تحدِّدها وزارة المالية.
*كان هناك حساب في بنك التضامن ما تم فيه؟
هذا الحساب يجسِّد الفساد بشكله القبيح، فرغم الظروف التي كان يعاني منها السودان من الناحية الاقتصادية كانت هنالك ست صرافات قمنا باسترداد خمس منها كانت مملوكة للتنظيم وتقوم بتمويله وتمويل الحركة الإسلامية والأمن الشعبي، فعلوا الآتي: فتحوا حساب وهمي باسم شخصين في بنك التضامن الإسلامي سمى الحساب اصطلاحاً بحساب الآلية بمعنى آلية إدارة الصرافات والأموال الخاصة بالإسلاميين كان يستلم الحساب من بنك السودان مبالغ بالعملات الصعبة سواءً درهم أو دولار أو يورو، ليتم توزيعها على هذه الصرافات الخاصة بالتنظيم، فبدلاً أن تبيع الصرافات هذه العملات للمواطنين المحتاجين وفقاً للوائح التي يصدرها المركزي كانت تباع في السوق السودان، علماً أن الفرق ما بين سعر الشراء الرسمي وسعر السوق الأسود كان كبير جداً قام أصحاب الصرافات بتوريد المبالغ في حساب الآلية وهذا الحساب ليس لديه توقيع ولا دفتر شيكات.
*كيف كان يتم الصرف منه؟
بموجب توقيع من محافظ بنك السودان ومدير بنك التضامن، وقد وردت فيه مئات الملايين من الدولارات وتريليونات من الأموال السودانية وأكبر المستفيدين من هذا الحساب كان عمر البشير وبعض الولاة.
تم فتح بلاغ في هذا الحساب وتم القبض على مدير بنك التضامن، الغريب في الأمر أن النيابة أطلقت سراحه بضمان أصول البنك ولا أدري ماهي علاقة بنك التضامن بهذا الفساد؟ وما علاقة أموال المودعين لتضمن بها المتهم؟ وبالفعل تم وضع ضمان للنيابة وهو مبنى البنك في المقرن وبعض العقارات وأطلق سراحة رغم توفر مستندات الإدانة.
*حالياً صدرت قرارات بإرجاع أموال إلى أصحابها برأيك ما المخرج القانوني بعد إسقاط الانقلاب؟
أنا افتكر أن كل هذه القرارات باطلة وتم اتخاذها من جهات لا تمتلك الصلاحية والسلطة وأنا بقول بشكل واضح إن الأموال التي كانت مستردة من لجنة التفكيك أقول للشعب السوداني هذه الأموال ستعود للخزينة العامة ووقتها لن ينفع الدفع بأنه كان المشتري الذي انتقلت إليه هذه الأموال حسن النية وهذه صيغة من صيغ غسل الأموال المجرَّمة بموجب القانون وصيغة من صيغ غسل الأموال وتمويل الإرهاب مجرَّمة بموجب القانون الداخلي وبموجب القانون الدولي وهذه الأموال ستعود للخزينة العامة فليس هناك حسن نية في شراء الأموال الخاصة بالشعب والمستردة بموجب القانون.
- هل هناك إجراءات تروا أنكم تأخرتم في اتخاذها أو فيها تقصير؟
لا أقول إننا لم نقصِّر لكن اللجنة طاقتها محدودة وعددها محدود وإمكانياتها المالية محدودة وهذا يؤثر في المنتوج، لكن أنا بقول ما اتخذناه من قرارات رغم الظروف التي أشرت لها سابقاً، كنا نقضي وقتاً كثيراً في مناقشة أن تكون اللجنة موجودة أم تحل، ويمكن الشعب السوداني تابع هذه المعركة التي استمرت قرابة الستة أشهر، من عمر اللجنة، فعمر اللجنة كله لم يبلغ عامين، بمعنى أن كل شغلنا محصور في فترة بسيطة، لكن قدرنا أصدرنا فيها قرارات كبيرة، افتكر أننا راضين إلى حد ما، ولم نكن لنصل إلى هذا المستوى لو لا دعم الشعب السوداني ودعم الثوار الذين كانوا يثقون فينا ويمدوننا بالمعلومات، لكن بالطبع هناك الكثير من القرارات كان يجب أن تصدر وكنا ماضين فيها وهناك مشاريع قرارات لم نعلنها وقام الانقلاب.
*ماهي الإجراءات التي قمتم بها وندمتم عليها؟
لم نندم على شيء حتى الآن.
*إذا رجعتم مجدَّداً ما أهم القرارات العاجلة التي سوف تتخذونها؟
أول حاجة أقول: نحن أوقفنا بموجب قرار تحويل أسهم بعض المؤسسات التي تتبع للمؤسسة العسكرية أو جهاز المخابرات أو الشرطة أو غيرها لأسهم إلى بعض المؤسسات التي لا يمكن أن تعد مؤسسات دول، بمعنى صناديق أو غيرها، نحن منعنا هذه المسألة في فترة وجودنا، ولا أدري ماذا تم من خلفنا، لكن كانت هناك محاولات لنقل هذه الأموال إلى مؤسسات غير المؤسسات التي تمتلكها سواءً أكانت صناديق أو غيرها، بالتالي إذا عادت اللجنة لن تعود إلا بعد إسقاط الانقلاب ولن نعمل في ظله ولن نشرِّع له ولا يمكن أن نصدِّقه بأنه مع مهمة التفكيك، فبعد السقوط افتكر ما تحدِّده قوى الثورة من أولويات سيكون هو أولويات اللجنة.
*أخيراً .. ماهو القادم؟
إننا مع حراك الشعب وإن شاء الله سيتصاعد الحراك الجماهيري للذين يتوهمون أنه يتراجع وسيصل ذروته في أكتوبر القادم، وقريباً سيتحقق النصر الذي يراه أعداء الثورة بأنه بعيد ونراه نحن قريب.