السودان اليوم:
(1)
خلال ثلاثة عقود من الزمان القميئ، كانت لدينا وزارة صحة اتحادية ولها فروعها الولائية، هذه الوزارة لم تطرد القمل من الرأس، ولا فيروس الكبد الوبائي، ولم تطرد الملاريا من الاجسام، ولم تسحب المياه الزرقاء من العيون، ولم تقضي على الكوليرا، وبرغم ذلك كان الوزير الاتحادي أو الولائي، لا يلقى أي هجوم من أي طرف، واليوم نرى ونسمع وزير صحة الحكومة المدنية الانتقالية، الدكتور الرجل الشجاع، الذي لا يخاف في الحق لومة لائم، الرجل القائد الاعلى لقوات الجيش الابيض، الدكتور أكرم علي التوم، الصادق مع عامة الشعب، قبل أن يكون صادقا بين نفسه وبين المنصب، الذي تبؤه بقوة دفع شخصية، فنرى أن سهام النقد التي فيه المرض، تتناوشه يمينا وشمالا، وتعوي عليه كلاب السكك والكلاب الضالة من بني الكيزان، واعتقد أن الدكتور سمع بقول الشاعر( وإذا الكلب لا يضرك نباحه دعه إلى يوم القيامة ينبح)، فدع الكلاب تنبح، ولتمض مسيرة وزارة الصحة إلى غاياتها، وما أكثر أعداء النجاح.
(2)
محترفو إثارة الفوضى والنعرات القبلية، وإثارة الفتن والقلاقل، سابقا لم يكن يملكون حلولا لمشاكل البلاد، ولن يملكوها بعد فوات الأوان، أنهم يبحثون فقط عن عودة مستحيلة (لحس الكوع) كما قال دكتورهم نافع، أقرب لهم من العودة للحكم، الطيبة تصبح صفة معيبة، إذا زاد تساهل الحكومة مع اولئك المحترفين.
(3)
كثيراً مانسمع أحدهم يقول (جرت مياه كثيرة تحت الجسر) ويقوم بعضنا فينظر تحت الجسر، فلا يرى ماءا ولا طينا!! مثلما نرى أن ساكن الضفاف عطشان والبحر قربه، بل أن كثيراً من مدن وقرى السودان، مازالت تعاني من مياه الشرب، ثم ان اصحاب كوارو المياه (والكارو ذاتها تلقاها ما صحية، دعك من صاحبها)! رفعوا سعر (الجوز) إلى ثلاثين جنيه، هذا الرفع غير المبرر لسعر (جوز جركانة المياه) أخشى أن يؤدي إلى صراعات قبلية جديدة، فالناس شركاء فى ثلاثة الماء والهواء والكلاء، فالماء أساس الحياة، يجب أن لا يكون في يد فئة من الناس تتاجر فيه كيف تشاء، والسؤال هنا، هل سياسة التحرير الاقتصادي وصلت إلى المياه؟ وأيها الناس أراضى السودان، عطشى للماء، وليست عطشى للدماء.
(5)
هذه الكيزان المجخية، كيزان بني السودان، لديهم ذكريات طويلة مع الايام والسنوات، وباشكال وألوان مختلفة، فلديهم ذكريات يريدون أن يحدثوا بها الغاشي والماشي والجالس أمام الفضائيات (حبهم للظهور والمايك قديم جداً) ولديهم ذكريات يتبادلونها مع بعضهم البعض، ولكن أيضا لديهم ذكريات خاصة مرة (مرارة الحنظل) يخشون حتى من سردها أو البوح بها لانفسهم!! أغلب أنواع هذه الذكريات، هي ذكريات ماضي حياتهم الاولى، اي قبل غزواتهم للخرطوم، ومحاولة التناسي او التنكر لبيوت الجالوص، التي قذفت بهم إلى الدنيا!! مع العلم ان بيوت الجالوص تلك، تخرج فيها أيضا سودانيين وسودانيات شرفاء ونبلاء وعلماء وادباء، كابدوا مر الحياة، حتى صاروا أعلاما في حياتنا، ليس فيهم أو بينهم كوز، يخشى سيرة بيت الجالوص!!
The post أراضي السودان عطشى للماء وليس للدماء.. بقلم طه مدثر appeared first on السودان اليوم.