ظلت أسماء كثيرة معروضة في الساحة السياسية وتم عرض السيرة الذاتية لأسماء بزعم أنها مرشحة لتولي منصب رئيس الوزراء عقب تقديم رئيس الوزراء السابق د. عبدالله حمدوك، استقالته وتكرَّر الأمر خلال الأيام الماضية، حيث تداول البعض عدة أسماء قيل إنها مرشحة لتولي المنصب دون أن تكون هنالك أي بوادر لتسمية رئيس للوزراء، كما قطع الفريق أول ركن عبد الفتاح مؤخراً بأنهم لا ينوون تسمية أي شخص لمنصب رئيس الوزراء. فمن يلعب بالبيضة والحجر ويعمل على تقديم أسماء بعينها لتكون مرشحة لمنصب رئيس الوزراء، وهل تلك الأسماء تستحق المنصب؟
قال مراقبون عن الأوضاع السياسية في السودان: إن ظاهرة طرح المرشحين وبروزها في أوقات محدَّدة يقودها بعض الأشخاص قد تكون لهم مصلحة في الترويج لها لأجل أهداف يبتغونها من تعيين تابع لهم في المنصب.
رؤى ضبابية
ومنذ أن أعلن الجيش في الرابع من شهر يونيو، انسحابه من العملية السياسية التي كانت تجري بتسهيل من الآلية الأممية الأفريقية المشتركة وذلك لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة شرعت قوى الحرية والتغيير رسميًا في إعداد ”إعلان دستوري“ يؤسس للسلطة المدنية الديموقراطية، وذلك بالتشاور مع القوى السياسية المناهضة للانقلاب العسكري الحالي بجانب إعلان عضو مجلس السيادة السابق محمد الفكي سليمان، عن الاتجاه لتعيين رئيس وزراء، مما أثار جدلاً بين القوى السياسية الأخرى التي اعتبرت حديثه وجهة نظر تعبِّر عنه وليس كل القوى الثورية والسياسية.
أُس القضية
فيما أكد المحلِّل السياسي إبراهيم يس، أن أساس الإشكالات التي يعاني منها السودان لا يمكن حلها بمبادرات أو أي حراك مشابه، إذ أن القضية الأساسية تخطت هذه المرحلة، مؤكداً أن الكيانات السياسية عموماً تفتقد للقبول والرضا ببعضهم البعض, مشيراً إلى أنه لا تتوفر إرادة وطنية بين القوى السياسية الفاعلة في المشهد السياسي. كما أشار إلى أن هناك خطاب للتخوين، واغتيال الشخصيات منتشر من حزب لآخر أو قوى سياسية ضد رفيقاتها في النضال المدني، فبروز أسماء مرشحة في هذا الوقت ليس لها معنى، ويقلِّل من فرص قبولها في الساحة، ورجَّح يس في حديثه لـ(الصيحة) ظهور شخصية وفاقية يرتضيها الأطراف والقوى الثورية والمواطن نفسه، كما أشار ألى أنه يرجح عودة حمدوك مرة أخرى إذا انتفت مسببات استقالته التي دفع بها في مطلع يناير الماضي.
حالة رفض
يرى المحلِّل السياسي علي شرف الدين، بأن هناك مياه كثيرة جرت تحت النهر وما يجري الآن تعنت ومشاكسات سيجعل كل من يترشح لمنصب رئيس الوزراء في حالة رفض نسبة لمشاكل الأطراف ولفت في حديثه لـ(الصيحة) بأن الوضع متأزم الآن ولابد من حل يرضي الجميع، ونوَّه شرف الدين إلى بروز أسماء كثيرة لتولي هذا المنصب، ولكن ظهرت عليها بعض الملاحظات مما يقلِّل نسبة حصول المرشحين لها بسبب ذلك، ولفت إلى أنه على وجه العموم لابد أن تكون الشخصيات المرشحة لمنصب رئيس الوزراء شخصيات كفاءات وليست شخصيات منظمة أو لها خلفية سياسية، ونوَّه شرف الدين إلى شئ مهم وهو أن لابد من توفر القدرات الإدارية والقدرة القيادية فهي أسس الاختيار ولابد من موازنة المعادلة وفق الكفاءات العلمية والقيادة والإدارة، وأوضح بأن كانت هنالك مشكلة واحدة سوف تواجه رأس الدولة وهي الاعتذارات، فبعض الأكاديميين لا يتطلعون إلى المناصب فهم زاهدون، فالتحدي في وجود الخبرات وليس في الأسماء التي يطرحها ويروِّج لها السماسرة أصحاب الأغراض والأجندة وطرح أسماء هلامية وعليها الملاحظات.
شخصية متوازنة
ويرى المحلِّل السياسي محمد النور، بأن منصب رئيس الوزراء يحتاج إلى شخصية متوازنة في ظل الوضع السياسي الحالي الذي فشلت فيه النخب السياسية في امتحان التوافق, إذ غلبت المصالح الحزبية الضيِّقة على أفق الممارسة السياسية, وخلق حالة من التوافق لتأسيس الديموقراطية المنشودة، ولفت في حديثه لـ(الصيحة) هذا المنصب حساس، فالبلاد مليئة بالكفاءات، ولكن الكفاءة وحدها لا تفضي إلى نتائج ممتازة ولابد من الخروج من دائرة المصالح الذاتية والقبول بالآخر والاتفاق على كيف يحكم السودان والتأسيس لدستور دائم طالما أن الجميع يدعى شعارات الثورة الحرية والسلام والعدالة.
ترشيحات بمقابل
قال د. عبد الرحمن أبو خريس، أستاذ السياسات الخارجية في المعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية في حديثه لـ(الصيحة) بأن الأزمة متراكمة لا نهايات ولا سقوف لها لنجري قراءات عليها، ولكن نجد أن منصب رئيس الوزراء منصب محوري ومنصب يحرِّك كل الملفات، فنجد أن القوى السياسية ترشح من يحقق لها مصالحها وتأتي الترشيحات من خلفيات حزبية، أي حزب يرشح المقرَّبين له وليس ترشيح قادم من رئيس مجلس السيادة، بل من قواعد حزبية ونجد أن الأحزاب السياسية تدفع بمرشح لأن عليه خيار اختيار حكومته أي مجموعة تبرز ترشيحاتها أو أسماء المنافسين، ونوَّه أبو خريس إلى أن المنصب لديه متطلبات وخصائص محدَّدة من كفاءات إدارية وسياسية والخبرة في العمل العام ولابد أن يكون المرشح مهني وسياسي مستقل أو ضابط إداري وفي وجهة نظري كل الترشيحات بعيدة عن القضايا السودانية، وأشار إلى أن الترويج للمرشحين وإبراز أسمائهم دائماً ما يكون بمقابل أو وظائف أو مقابل عطاءات لاحقاً كل مايهمنا شخص لديه معرفة بالبلد، وختم قائلاً: في نظري كل الترشيحات غير مناسبة.