طلب رئيس لجنة العقوبات التي شكَّلها مجلس الأمن في العام (2005م) بشأن السودان، السفير هارولد أدلاي أغيمان، من مجلس الأمن، إعادة النظر في العقوبات المفروضة على البلاد، لجهة أن السودان بدأ خطوات عملية لتنفيذ اتفاق جوبا للسلام، مشيراً إلى أن تدريب (2000) عضو، من الحركات المسلحة بغرض دمجهم في القوات المسلحة يعد تطوراً مهماً “الأمر الذي يتطلَّب تعديل التدابير ذات الصلة ضد البلاد استجابة لتطور الظروف على الأرض”.
إحاطة الخبراء
وذكر، أغيمان تفاصيل جلسة خاصة عقدتها اللجنة المكوَّنة من (15) عضواً، للاستماع إلى إحاطة من فريق الخبراء المعني بالسودان بشأن برنامج العمل للفترة 2022-2023م، مشيراً إلى أن الفريق قدَّم تقريراً عن ما تم تنفيذه من اتفاق جوبا للسلام، والديناميات الإقليمية، وحالة الجماعات المسلحة في المنطقة، والعنف القبلي، والانتهاكات المبلغ عنها لحقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية الدولية قانون.
وحسب قوله “استمعت (الصيحة) إلى تسجيل له“ فقد أبلغ الفريق أيضاً عن الوضع الأمني في دارفور، بما في ذلك العنف القبلي والحالة في غرب دارفور”.
وقال إن “السياق الإقليمي لا يزال مواتياً إلى حد كبير لعملية السلام في دارفور وأن جميع الدول المجاورة تواصل دعم تنفيذ اتفاق جوبا.
غرض وحيد
وأعاد أغيمان، التأكيد على أن “نظام العقوبات قد أُنشئ لغرض وحيد هو المساعدة على إحلال السلام في دارفور، وليس لمعاقبة السودان.”
وكرَّر التزام اللجنة المنبثقة عن القرار (1591) بالعمل مع السودان وجميع أصحاب المصلحة لجعل ذلك حقيقة واقعة.
وخلال الجلسة قالت نائبة الممثل الدائم لروسيا، آنا إيفستيغنيفا، إن “عقوبات مجلس الأمن الدولي في العام 2005م، فقدت قيمتها وتوقفت عن أن تكون محرِّكاً للعملية السياسية” معتبرة ً استمرارها معرقل لجهود الحكومة السودانية في المنطقة “لأنها لا تسمح بتزويد القوة الأمنية التي يتم تشكيلها بالأسلحة والمعدات اللازمة”.
وفي هذا الصدد، أوضحت السيدة إيفستيغنيفا أنه “ليس من قبيل المصادفة أن تثير الحكومة السودانية بشكل متكرِّر قضية رفع حظر الأسلحة، لكن مجلس الأمن لم يبد أي رد فعل مناسب حتى الآن على أي من هذه الدعوات، وفي هذا السياق أعربت عن الأمل في أن “يتمكَّن مجلس الأمن خلال هذه العملية من حل هذه المهمة عن طريق الحوار البناء.”
ضمان العدالة والمساءلة
من جانبها، كرَّرت ترينا ساها، نائبة المستشار للشؤون السياسية في بعثة الولايات المتحدة الدائم لدى الأمم المتحدة، دعم بلادها للعملية السياسية التي يقودها السودانيون. وإنه نظراً لأن التقدُّم في دارفور مرتبط بإعادة تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية، فإن العنف لا يؤدي إلا إلى تفاقم الظروف الإنسانية المزرية ويقوض آفاق اتفاق جوبا.
ودعت المسؤولة الأمريكية إلى “اتخاذ خطوات لضمان العدالة والمساءلة، وإقامة عمليات عدالة انتقالية شفافة وشاملة.”
كما ندَّدت بتأثير العنف على المدنيين، لا سيما في غرب دارفور، والذي أدى إلى نزوح (125) ألف شخص، مؤكدة أن السلطات السودانية مسؤولة عن الأمن وعليها معالجة الأسباب الجذرية للعنف.
إحراز تقدُّم
وبينما تم إحراز تقدُّم متواضع في تفعيل اللجنة الدائمة لوقف إطلاق النار، أشارت السيدة ترينا ساها، إلى تأخر تنفيذ اتفاق السلام ودعت السلطات السودانية والحركات المسلحة الموقعة على حد سواء إلى مضاعفة جهودها. ودعت أيضاً إلى “المشاركة في عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج”، وأعربت عن دعمها لتوصية الفريق بإنشاء لجنة ذات صلة.
فرضت على نظام آخر
من جانبه أكد المندوب الدائم للسودان لدى الأمم المتحدة السفير الحارث إدريس، موقف بلاده الراسخ ضد العقوبات المفروضة بموجب القرار (1591) (2005)، قائلاً: إن مثل هذه الإجراءات لم تعد تعكس الوضع على الأرض في دارفور.
وقال إنه عندما فرضت العقوبات في عام 2005م، كان هناك نظام آخر في السلطة بتوجهات وسياسات مختلفة. أما اليوم، فلا تنتقص الاشتباكات القبيلة القليلة في دارفور من تحسُّن الوضع بشكل عام.
وقال: إن الحكومة مصممة على حل التحديات الاجتماعية والأمنية وتعمل بتنسيق وثيق مع شركائها في عملية السلام لتنفيذ اتفاق جوبا للسلام على الرغم من محدودية الموارد الوطنية. وفي هذا الصدد، قال: إن الحكومة تسعى إلى التمسك بوقف إطلاق النار حتى مع الأطراف التي لم توقع على الاتفاق لتشجيعهم على الانضمام إلى عملية السلام.
إرادة سياسية قوية
وأكد أن الحكومة الانتقالية تبدي إرادة سياسية قوية لتنفيذ أحكام الاتفاق المتعلق بالترتيبات الأمنية، برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، ونشر قوة مشتركة لحماية المدنيين.
وشدَّد على أن “الهدف هو تعزيز الأمن في دارفور”، لكن الحكومة لا تستطيع أن تفعل ذلك بمفردها. يجب على المجتمع الدولي تقديم المساعدة المالية والتقنية لتحقيق هذه الغاية. علاوة على ذلك، فإن رفع الجزاءات سيمكن الحكومة من تعزيز قدرات قوات حفظ السلام وقوات حفظ السلام التابعة لها. وهذا من شأنه أن يسهل صون السلام، ليس فقط في دارفور ولكن في المنطقة بأسرها، حيث الجريمة المنظمة العابرة للحدود هي الاتجار بالأشخاص والأسلحة. وأكد أن العقوبات لها تأثير سلبي مباشر على عملية الاستقرار، داعياً إلى رفعها فورًا.
“فقدت جدواها تماماً.”
وكان مجلس الأمن، مدد قبل أشهر وبالإجماع، ولاية لجنة الخبراء، التي تراقب العقوبات المفروضة على السودان والمتعلقة بالنزاع في دارفور، بمشروع قرار تقدَّمت به الولايات المتحدة الأمريكية باعتبار أن الحالة في السودان “لاتزال تشكل تهديداً للسلام والأمن الدوليين في المنطقة.” يوافي اللجنة كل ثلاثة أشهر، بمعلومات عن مستجدات أنشطته، ووقتها طلب المجلس من فريق الخبراء موافاته بمستجدات الموقف كل ثلاثة أشهر، وأن يستمر استعراض التدابير المتعلقة بدارفور، على ضوء التطورات على أرض الواقع.
ومنذ سقوط النظام البائد ظلّ السودان يطالب برفع العقوبات المفروضة عليه من قبل مجلس الأمن ويدعو إلى رفعها وإعادة النظر فيها استجابة للتطورات الماثلة على الأرض في دارفور ولانها “فقدت جدواها تماماً”.
وترجع بعثة السودان في الأمم المتحدة طلبها برفع العقوبات إلى أن “الأوضاع في دارفور تشهد تقدماً مطرداً”.
يذكر أن اللجنة المعنية بالعقوبات على السودان، شكلت في العام 2005م، بهدف مراقبة الحظر المفروض على الأسلحة وحظر السفر وتجميد الأرصدة بجانب إبلاغ لجنة العقوبات التابعة للمجلس عن أي أفراد يقومون بإعاقة عملية السلام ومخالفة القانون الدولي أو مسؤولين عن غارات جوية عسكرية في دارفور.