غير مصنف --

ضغوط خارجية لكيفية التعامل معها..(التظاهرات) و (العسكر).. المواجهة مستمرة

تقرير: رندا عبد الله
في مواجهة أخرى غير مجدولة تنطلق غداً الأحد مليونية جديدة من مليونيات شهر يناير المحتدم، رافضة المجلس العسكري الانتقالي وداعية للحكم المدني. وتنطلق هذه التظاهرة وفقاً لما هو معلن نحو القصر الجمهوري، رافعة شعارات المليونيات الرافضة للعسكر والشراكة والتسوية. وتأتى المليونية هذه كحلقة في عقد المقاومة التي يصمم عليها الشباب وسلسلة متواصلة من المواجهة ما بين السلمية والعنف المفرط من قبل السلطات الأمنية، لكن الشاهد في هذه المليونية أنها تأتي عقب مطالب عاجلة من الاتحاد الأوروبي بشأن المظاهرات في البلاد، فقد جدد الاتحاد عبر (تغريدة) له التأكيد على ضرورة إجراء تحقيقات مستقلة في جميع الوفيات وما يرتبط بها من أعمال عنف، ودعا إلى محاسبة الجناة وتوقف الهجمات على المستشفيات واحتجاز النشطاء والصحافيين وقطع الاتصالات، وفي ذات المنحى شددت الولايات الأمريكية المتحدة على ضرورة مراجعة وتطوير أساليب التعامل مع التظاهرات والتأكيد على إجراء تحقيق شفاف حول التجاوزات التي صاحبتها ومحاسبة المسؤولين عنها، ليصبح السؤال عن ملامح المشهد القادم في الشارع السوداني في ظل الصراع المحموم بين الثوار والعسكر.
محك جديد
محك جديد يصطدم به المكون العسكري جراء تعقيدات المشهد السياسي في البلاد، فمع ضغط الشارع وتزايد الاحتجاجات والأساليب التي تتبعها السلطات الأمنية من قمع للمتظاهرين، برزت ضغوط دولية على الحكومة في كيفية التعامل مع المحتجين، مما يجعل الأسئلة تترى حول الأساليب الجديدة التي يمكن أن تتبعها السلطات. فمنذ مليونية (١٩) ديسمبر والأجهزة الأمنية المختلفة تمارس شتى صنوف القمع التي راحت جراءها أرواح غالية من الشباب، وبحسب مراقبين فإن الحكومة لن تسعى لتغيير منهجيتها مع الثوار لمنع الوصول إلى القصر والاعتصام به، قبل أن تجد نفسها أمام معضلة أخرى تجعلها أمام خيارين أحلامها مر، أما التنحي أو فض الاعتصام. ووفقاً للمحلل السياسي وهبي السيد لـ (الانتباهة) فإن الولايات المتحدة الأمريكية من خلال دعوتها الحكومة لإيجاد أساليب جديدة للتعامل مع المتظاهرين، فإنها تخاطب الداخل الأمريكي أكثر من خوفها على الشعب السوداني. ويرى وهبي أن أساليب القمع التي تمارسها الحكومة وقطع الاتصالات والإنترنت ليست سوى مخاوف ومحاولات لكبح جماح المتظاهرين ومنعهم من الوصول إلى مبتغاهم.
تشديد أمريكي
وفيما يرى متابعون ضرورة تغيير الحكومة أساليبها بشأن المظاهرات، يرى بالمقابل المحلل السياسي محجوب محمد أن الأساليب المتبعة الغرض منها تخفيف حدة المواجهات وتجنيب القتل، مؤكداً في حديثه لـ (الانتباهة) ضرورة رفع وعي الشباب بوجود مندسين ومستغلين للمشهد ومحاولة جره للفوضى. واستبعد في الوقت نفسه تغيير الأساليب المتبعة من قبل السلطات في تخفيف حدة المواجهات بإغلاق الجسور بالحاويات وغيرها، لكنه شدد في ذات المنحى على ضرورة اتباع الصرامة مع العناصر الشرطية والأمنية التي تطلق الرصاص الحي على المتظاهرين.
وشددت الولايات المتحدة الأمريكية على ضرورة مراجعة وتطوير أساليب التعامل مع التظاهرات والتأكيد على إجراء تحقيق شفاف حول التجاوزات التي صاحبتها ومحاسبة المسؤولين عنها.
وأكدت مساعد وزير الخارجية الأمريكى للشؤون الإفريقية السفيرة مولي خلال اتصال أجرته الخميس الماضي مع عضو مجلس السيادة الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي، استعداد بلادها لدعم حوار يقوده السودانيون بتسهيل أممي للتوصل لتوافق وطني لا يقصي أحداً ويضمن مشاركة فئات المرأة والشباب، مؤكدةً دعم الولايات المتحدة الأمريكية قيام انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية تنقل السلطة لحكومة مدنية منتخبة.
واتفق كباشي ومولي على أن التظاهرات السلمية حق مكفول للشعب السودانى مع الالتزام بعدم الإضرار بالممتلكات العامة والخاصة للشعب.
لجان المقاومة والإمساك بزمام المشهد
وكانت لجان المقاومة وقوى الثورة قد صعدت تنظيمها المواكب بزيادة عدد الأيام بعد أن اعتمدت السلطات الأمنية أسلوب إغلاق الكباري، فكانت في مطلع يناير مليونية (الصدمة)، التي مثلت أول حراك من خارج الجدول المعلن للتصعيد فى إطار المليونيات غير المعلنة التي أكدت لجان المقاومة فى وقت سابق قيامها، وتستمر بالمليونية المرتقبة اليوم، وكانت تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم قد أعلنت أنها توافقت على الخروج فى شهر يناير فى مليونيات معلنة فى أيام ( ٦و ١٢ و ١٧ و٢٤ و٣٠) وأخرى غير معلنة.
ومن ناحيتهم أكد مراقبون عسكريون تحدثوا لـ (الانتباهة) أن المواجهة حالياً أصبحت بين شباب المقاومة والمكون العسكرى كفاعلين رئيسين حالياً، ويعتبر هؤلاء أن قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين السودانيين حالياً خارج المشهد والحلبة السياسية بمبررات إمساك لجان المقاومة بزمام المبادرة وقيادة المليونيات، بجانب خلافاتها مع المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وتحفظاتها على عدد من قياداته، وفى ذات الوقت يستصعب مراقبون إمكانية الحوار مع لجان المقاومة لعدم بروز أية قيادة لها.
استمرار الحراك لإسقاط العسكر
وتعتبر لجان المقاومة الآن الثابت الوحيد في المعادلة السياسية وأكثر الكيانات الرافضة للوجود العسكري في المشهد السياسي والمطالبة بالمدنية الكاملة للدولة، الأمر الذي ربما أدى لتراجع دعوة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان للحوار مع لجان المقاومة، بعد أن حاول مغازلتها فى وقت سابق بتكوين برلمان ثوري من لجان المقاومة.
وتوقع مجدي عبد القيوم القيادي بحركة (حق) استمرار الحراك في الشارع، ويؤكد لـ (الانتباهة) أن هذا  الأمر طبيعي جداً، لأن الثورة لم تحقق أهدافها في إرساء دعائم الدولة المدنية، لعدة أسباب متداخلة من بينها عجز القوى السياسية عن الوصول لتوافق بسبب ضعف القيادات السياسية التي بدلاً من اسقاط العسكر كمطلب أساسي للثورة أسقطت رمز المدنية، وهي مفارقة حسب  تعبيره وبالتالي كرست سلطة العسكر، وتبعاً لذلك ستشتد المواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية، وأضاف قائلاً: (هي في تقديري الفاعل الأساسي، وأعتقد ستكون هناك قرارات للمجتمع الدولي هي التي سترسم مسار المشهد).
إصرار شبابي حتى بلوغ الغايات
وقدمت لجان المقاومة والثوار تضحيات كبيرة فى سبيل إرساء الحكم المدني الكامل، حيث ارتفعت حصيلة الشهداء إلى حوالى (٥٦) شهيداً منذ القرارات الانقلابية في أكتوبر الماضي، فضلاً عن حصيلة كبيرة من المصابين.
وفيما يبدو أن شباب الثورة مصممون على بلوغ غاياتهم المتمثلة في تحقيق أهداف ثورة ديسمبر، فإن الشاهد أن لجان المقاومة لن تتوقف عن تسيير المواكب، فقد أعلنت فى وقت سابق أن يناير لن يكون سدرة منتهاها وأنها لن توقف التصعيد إلا بالموت حسب وصفهم، وفى ذات الوقت يستصعب مراقبون عسكريون لـ (الانتباهة) امكانية إجراء حوار مع لجان المقاومة لعدم بروز أية قيادة لها، وفى ذات الوقت ترفع اللجان شعار عدم الحوار مع العسكر.
وتعد لجان المقاومة أكثر الكيانات الرافضة للوجود العسكرى في المشهد السياسي والمطالبة بالمدنية الكاملة للدولة، الأمر الذي ربما أدى لتراجع دعوة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان للحوار معها، بعد أن حاول مغازلتها في وقت سابق بتكوين برلمان ثوري من لجان المقاومة، وقدمت لجان المقاومة والثوار تضحيات كبيرة فى سبيل إرساء الحكم المدني الكامل، وارتفعت حصيلة الشهداء إلى حوالى (٥٦) شهيداً منذ القرارات الانقلابية فى أكتوبر الماضى، ويبدو أن شباب الثورة مصممون على بلوغ غاياتهم المتمثلة فى تحقيق أهداف ثورة ديسمبر، فإلى متى تستمر المواجهة؟
استقالة حمدوك.. رصاصة الرحمة
ويرى متابعون أن الاستقالة التي قدمها حمدوك تمنح الثوار دافعاً قوياً للإطاحة بالانقلابيين، ويقول المتحدث باسم لجان مقاومة مدينة الخرطوم محمد أنور لـ (الانتباهة) إن استقالة حمدوك أطلقت رصاصة الرحمة على الاتفاق السياسي بين حمدوك والبرهان، فضلاً عن أنها أوضحت عزل الانقلاب تماماً، وأصبح الأمر أكثر وضوحاً ما بين الشعب ومكوناته المختلفة وما بين اللجنة الأمنية وممارساتها، وقطع بأن الحراك مستمر بغض النظر عن استقالته أو عدمها، لجهة أن ما هو مطروح في أجندة لجان المقاومة وشعاراتها تنحي ومحاسبة اللجنة الأمنية، وهو حجر الزاوية الذي يمكن إذا حدث أن يهيئ للتغيير ويخفف الاحتقان، وأضاف قائلاً: (التصعيد سيستمر إلى حين تنحي ومحاسبة اللجنة الأمنية للمؤتمر الوطني، وصولاً للدولة المدنية الكاملة).
وتعليقاً على عدم تكوين قيادة مدنية موحدة للجان المقاومة، أكد أنور أن الأمر يتطلب مزيداً من التنظيم لاستلام السلطة، فى وقت كشف فيه عن اتفاق بين مكونات الثورة على المطالب العامة للشارع، وكشف عن وجود مساعٍ داخل اللجان لترتييب نفسها في ميثاق سيظهر خلال الفترة القادمة، وتوقع أن يوحد الميثاق جبهة لجان المقاومة، وقال: (إن لجان المقاومة ترفع شعارات الشارع، وفي نفس الوقت مساعيها مستمرة داخلها لخلق شكل أكثر تنظيماً، كما أن للكتل المدنية الأخرى مسؤولية أيضاً لأن مسؤولية مصلحة البلاد في النهاية جماعية(.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى