الخرطوم :صديق علي
أصدر أصحاب المهن التمثيلية السودانية ميثاق لاسترجاع الثورة الذي جاء فيه ( تعد الفنون التمثيلية من أبرز اشكال الوعي الاجتماعي عبر التاريخ، واكتسبت أهمية كبيرة في العصر الحديث باعتبارها واحدة من اهم ادوات ووسائل تطوير ومخاطبة الوعي الجمعي للجماهير بالقضايا الاجتماعية بابعادها المتداخلة والمتكاملة الاقتصادية والسياسية والحضارية ومايتصل بذلك، وهذه حقيقة تجد تأكيدها في المظان النظرية وفكرها المؤسس لهذا الشكل من الوعي وكذلك من الممارسة العملية والتطبيقية المتصلة والواضح بصمتها في تطور الحياة الفكرية الباطنية لمسار الوعي السوداني وفعله المناهض لكل اشكال الاستبداد والتعالي وفرض الوصاية منذ الاستعمار والنخب الوطنية التي جاءت في عقابيله في الفترات المختلفة وحتى ثورة ديسمبر المجيدة واختطافها والانقلاب العسكري الذي قادته اللجنة الامنية للنظام البائد والذي توجت به محاولاتها لقطع الطريق امام استكمال مهام وغايات الثورة منذ انقلابها الدموي على اعتصام القيادة العامة وانقلابها على الوثيقة الدستورية ثم حياكتها لاتفاق جوبا الذي لم يأتي بسلام ولم يشمل اصحاب المصلحة من النازحين واللاجئين والمهاجرين والذي ساهم كذلك في افراغ بنود الوثيقة الدستورية بعلوه عليها ثم محاولة تفكيك الحاضنة السياسية بتكوين ورعاية مايعرف بقوى الحرية والتغيير الميثاق الوطني وتمثيلية اعتصام القصر والذي كان تمهيدا للانقلاب في 25 اكتوبر والذي حاول الانقلابيون شرعنته بالاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك .
كذلك نرى مصالح النخبة السياسية التقليدية ومن لحق بها من (الميديوقراط) تتعارض مع وجود كيانات تقافية وفكرية فاعلة ولهذا وليس من باب المصادفة خلو او قلة الاهتمام بالثقافة والفكر ومؤسساتها في الوثيقة الدستورية وما لحقها من ادبيات سياسية وجداول اعمال الفترة الانتقالية وهو شيئ اوضح من ان ندلل عليه هنا، ولهذا تكون ضرورة لامساك هذه الكيانات بزمام المبادرة لضمان ترسيخ وجود حي يساهم في تحقيق اهداف الثورة وبتقنين ذلك على كل المستويات التشريعية والتنفيذية لحماية هذه الاشكال والاستفادة منها ومن مقدراتها في البناء الوطني المنشود وهذا مانرجوا ان تحتذيه بقية القطاعات الثقافية والفكرية والفنية وصولا الى ميثاق عام يعبر عنها وعن وجودها ويعكس وجهة نظرها .
اذا، وعلى هذه الخلفيات ، نتقدم بتصورنا لميثاق استراد الثورة/ مدنية الدولة وديمقراطية الحكم ، استنادا على ارثنا الفكري والنضالي وبعض مواثيق القوى السياسية التقدمية التي نتشارك معها في المنظور ونهدف لذلك من تحقيقه لاصطفاف واسع من القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني بمختلف خلفياتها السياسية والثقافية .
الميثاق :
المحور الأول: العمل على إسقاط حكم العسكر وصولا للحكم المدني الديمقراطي
المشاركة الفاعلة لقطاع المهن التمثيلية وحشد ودعوة بقية القطاعات الثقافية مع الشباب وقوى الثورة الحية من لجان المقاومة وتجمعات المهنيين والاجسام المطلبية والتنظيمات الفئوية والاحزاب التقدمية – لإسقاط الانقلاب العسكري واستعادة الثورة والعمل على وضع تصورات والاشراف على تنفيذها لبناء الدولة المدنية الديمقراطية، والدعم بكل الطرق والادوات المتاحة لاستمرار التراكم النضالي والمشاركة والدعوة و التوثيق للمسيرات والمليونيات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية ولإضرابات. والمثابرة على ذلك حتى اسقاط الانقلاب .
المحور الثاني : اعادة تعريف مفهوم الثقافة وادخاله حيز الفعل التنفيذي :
وبصورة مباشرة القصد هنا هو اعادة تأهيل مؤسسات الثقافة ووزارتها وتعديل قوانينها ومد صلاحياتها حتى تستطيع الايفاء بمحمولها واعتبار مركزيتها في مرحلة البناء الوطني وتحقيق التحول الديمقراطي ، فالاهتمام بالثقافة بمعناها الواسع يشمل الاهتمام بالعدالة والسلم وحق الشعب في الديمقراطية والتنمية واتصالها الجذري والمرجعي بهذه المفاهيم ، وعليه فهي البوتقة التي تحدد الملامح المميزة لخارطة النظم السياسية والاقتصادية ويطرح مفهومها المعني ويعمل على معالجة وطرح مختلف القضايا باعتبارها قضايا ثقافية في المقام الاول مثل قضايا التنمية والسلام ، فاذا كانت التنمية مثلا يتم تصنيفها بانها قضية اقتصادية لاحتياجها للتخطيط والتنظيم وترتيب الاولويات والاختيار من نظريات والاخذ بالمعدلات والارقام ..الا انها ايضا بالحاجة والضرورة عملية ثقافية بامتياز وذلك لحاجتها للتوعية والتعبئة والادماج والربط بالممارسة والاتساق معها ومع التراث واستصحابه وتطويره وتفجير قدراته وتحديثه وتبيئة نظرياتها وتجاربها ومن هنا تاتي ضرورتها وصعوبة اتجاه اي مشروع للتنمية الى غاياته دون جهد ثقافي وكذلك السلام ومايحيط به من صعوبات ومشاكل التي عاقت وتستمر كذلك في اعاقة تحقيقه لايمكن مناهضتها الا عن طريق العمل الثقافي كعمل موجه نحو الانسان يؤثر في تشكيل الفكر وصياغة القيم التي تناسب المجتمع الجديد وتنعكس على السلوك القويم المتمشي مع اهداف مرحلة البناء والتقدم والاستقرار وتفريغ خطابات العنف والكراهية الى خطابات قبول من واقع المصلحة المشتركة التي يحققها ترسيخ السلام . وهذا الطرح ليس جديدا في مظانه النظرية فهو موجود في نظريات التنمية المعاصرة والتي تتفق في تركيزها على الوسائل الثقافية المتخذة كتوطئة ضرورية ومقدمة لازمة لسريان وفعالية الوسائل الاخرى المؤسسية والاقتصادية حيث تعد الوسيلة الثقافية او التغيير الثقافي بمعنى ادق شرطا اساسيا لحدوث التغييرات الاخرى .
وعلى المستوى المقابل ترجع نظريات التنمية الاجتماعية والسياسية المعاصرة ظاهرة (التخلف) الى عوامل ثقافية بحتة هي التي تدفع الى التقاعس والركود لجملة اسباب اهمها الطبيعة الغيبية والخرافية التي تتميز بها هذه الثقافات وتشكل عقبة في طريق تحقيق التنمية .ومن ثم تتاتى ضرورة العمل على هذه الانساق وتحويلها الى انساق تنموية فعالة . وهذا التغيير في نهاية المطاف يمثل مدخلا ضروريا ومقدمة لازمة للوصول الى مجتمع الحداثة . وتلخيص هذه النقطة يكون في اعادة مركزة و تهيئة وزارة الثقافة ومؤسساتها لتحقيق جملة اهداف اهمها مخاطبة وتعديل النسق الثقافي التقليدي وتثويره وتحقيق علمانية البناء الثقافي واخيرا العمل على بلورة الوعي الطبقي كاداة للتغيير.
المحور الثالث : : وثيقة دستورية جديدة حاكمة للفترة الانتقالية
بعد التعديل والترقيع الذي مرت به الوثيقة الدستورية ومن خلال دراسة اخطاءها وتلافي معايبها تكون هناك ضرورة لصياغة وثيقة حاكمة يشارك في كتابتها القوى الحية على ان تتضمن نصوصا واضحة تمكن من تنفيذ ماسبقت الاشارة اليه في الفقرة السابقة وتراعي كذلك القضايا الحية مثل الديمقراطية والحريات العامة وحكم القانون والفصل بين السلطات واستقلالية القضاء وتكوين مؤسساتها وهياكلها واعادة هيكلة الخدمة المدنية ومراجعة قوانينها لتصبح بمعايير الكفاءة والمواطنة واعادة هيكلة القوات النظامية وحل المليشيات وهيكلة الجيش واعادة صياغته من خلال عقيدة تحمي الدستور والحدود ومحاسبة كل من ولغ في دماء الشهداء واعادة هيكلة جهاز الامن واعادة توصيف مهامه لتنحصر في جمع المعلومات فقط و مواصلة جهود تفكيك التمكين والعمل على تكوين المفوضيات والمجلس التشريعي الثوري من كل الفئات التي شاركت في الثورة يقوم باختيار الحكومة وتعيين – مجلسي السيادة والوزراء من المدنيين. استقلالية وديمقراطية الحكم المحلي وتوفير موارده في إطار الدولة الموحدة. والتوافق على دستور وقانون انتخابات ديمقراطيين، لقيام انتخابات حرة نزيهة وعقد المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية.
المحور الرابع : السياسة والتوجه الاقتصادي
رؤية اقتصادية تسعى لتحسين اوضاع الناس المعيشية وتضطلع الدولة بتوفير مجانية التعليم والصحة وتوفير خدمات الكهرباء والمياه وتحسين صحة البيئة ومراجعة سياسات التحرير الاقتصادي وتبني نظام اقتصادي مختلط تكون للدولة وجود فيه بحيث تضمن تحقيق التوزيع العادل للثروة وتملك القطاعات الاستراتيجية ورعاية التعاونيات وتشجيع الانتاج وحمايته واعادة تاهيل المشاريع الزراعية و إعادة تأهيل مرافق الدولة الخدمية كالسكة حديد والنقل النهري والبحري والجوي. والاهتمام بالصناعة ووتوطين التكنولوجيا والاستثمار في القطاعات غير التقليدية وبالاخص قطاع الثقافة والفنون وتأهيل بنياته التحتية وتمويله ليكون من القطاعات الانتاجية .