فاقدات دار المايقوما.. البحث عن سند .. ! الفتيات يتهمن الإدارة والمشرفات والأمهات بتمييزهن سلبياً
تحقيق: هويدا حمزة
يقول تعالى:(ولا تزر وازرة وزر أخرى ).. (الاية18 من سورة فاطر)- ومع ذلك تشتكي الفتيات فاقدات السند من تمييز سلبي ليس من المجتمع ولكن من قبل المشرفات والأمهات وادارة الدار المسؤولة عن حمايتهن ورعايتهن في ظل غياب لوزارة التنمية الاجتماعية وادارة الدار وتنصلهما عن حقوقهن حسب فتيات الدار مما أثر على نفسياتهن وقد يؤثر على سلوكهن فيلجأن للخطيئة للصرف على أنفسهن وفقاً لحديثهن لـ”الانتباهة” التي تجولت هناك واستمتعت لشكاويهن.
وانا اهم بالدخول الى دار الفتيات بالسجانة شمال مجمع خدمات الجمهور توقعت ان أجد من يمنعني من الدخول او من يسألني عن هدفي من الزيارة ومن ثم كنت افكر كيف سأكمل مهمتي الصحفية لاضع المحصلة أمام إدارة الدار للإجابة على التساؤلات التي وردت بالتحقيق وعندما سألت الفتيات (أين أجد المديرة) اجبن بسؤال وبصوت واحد (هي قاعدة تجي اساساً)؟ وهكذا فقد أنجزت استطلاعي من داخل الدار دون ايما عراقيل.
وعندما وضعت قدمي داخل دار الفتيات بالسجانة جوار مركز صحي السجانة استقبلتني بعضهن عند مدخل الدار وفي إحدى الغرف كانت الفتيات مجتمعات في انتظار وصولي ولربما ظن بعضهن انني حملت لهن بعض امنياتهن ولكن اتمنى ان تتحقق تلك الامنيات بإنجاز هذا التحقيق.
لا دواء
عدد كبير من الفتيات هن ذوات احتياجات خاصة ومعظمهن مقعدات على الأرض إضافة لاعاقات ذهنية بعضهن في فناء الدار وبعضهن بالغرف في انتظار وصول الدواء الذي انقطع عنهن دون اجتهاد من إدارة الدار في توفيره حسب حديث اخواتهن في الدار.
إحدى الفتيات الراشدات ابتدرت الحديث معي بقولها :(بالجد هنا ما بشتغلو بينا نهائي، شايفة دي؟ (واشارت الى احداهن مسجاة على بطنها في السرير ووجهها الى الحائط) دي عندها إعاقة ذهنية بتجيها ارتجاجات كهرباء وحبوبها ما بتتلقي بالساهل ما عارفة المشكلة من الإدارة ولا من الوزارة ما بجيبو قروش الا نحن من وراهم بنمشي نشوف فاعلين الخير ونطلب منهم يوفروا لينا الدواء).
فتاة أخرى ذات إعاقة ذهنية ومصابة في قدمها قيل لي ان قدمها كانت متورمة بشدة وليس هناك من قام بفعل شي لاسعافها (اي زول بجي يعاين ليها وبمشي لحدي ما الورم طفي براهو وبقيت آثار الجرح.
اقرت الفتيات ان المشرفة افراح تقوم بكل ما يليها وتذهب في (انصاص الليالي) حسب تعبير محدثتي لتبحث عن الدواء وتراقب الاطفال.
المديرة الغائبة
وعن احتياجاتهن كبنات قالت إنهم يوفرونها ولكن ليس بما يكفي ولا يتم توفيرها تلقائياً ولكنهن يطلبنها عندما يكون هنالك ضيوف ودائماً تصلهن متأخرة اما المديرة هاجر الاحيدب فقد اشتكت الفتيات من غيابها المتكرر وقالت احداهن :(نحن ما عارفين مشكلتها شنو؟ هل عندها عمل إضافي؟ وعندما تحتج على غيابها تطلب منا الا نتدخل في عملها نحن طبعاً ما عارفين روتين العمل بينها والوزارة عشان نقول انها ما قاعدة تجي امكن يكون عندها أسبابها الخاصة.
طعام رديء
وبخصوص الوجبات قالت محدثتي:مافي حاجة متوفرة، عاملين عقد مع شركة وهذه الشركة طعامها سيئ ،واضافت : (نحن الكبار ما قاعدين ناكلو بناكل اندومي فقط اما الاطفال لأنهم ما عارفين بس بتذوقو حاجات حلوة فبياكلو نفس الروتين بامية بطاطس وشوربة ما فيها اي طعم وأحياناً اللحمة فيها زفارة في التلاجة من عدم الاهتمام والحاجات بتكون ناقصة لم نتكلم بقولو الوزارة ما دفعت للشركة مستحقاتها يعني الطماطم وكل مكونات السلطات ما بنشوفها الا في مرات قليلة مع العلم انه البنات الصغيرات بحتاجو لأطعمة مغذية تشتمل على الفيتامينات والمعادن وهن معظمهن من ذوي الاحتياجات الخاصة.
معاناة
وتضيف إحدى الفتيات إلى حديث اختها انهن يعانين اشد المعاناة في الحصول على اموال لمواجهة الطوارئ اذا مرضت احداهن فجأة او جرحت فيضطررن للتصرف من تلقاء أنفسهن عبر الهاتف من فاعلي الخير بعد مرور يومين او اكثر من الإهمال وهذا بالطبع يشكل خطراً عليهن وتردف (بقينا زي العزابة اي واحدة تتصرف لوحدها نضطر نتسول بتاع الركشة او نمشي المستشفى ونقول لهم نحن من المايقوما في حين لو حدثت مشكلة في الدار مبعوثو الوزارة يأتون بسرعة (مبالغة) اما اذا اتصلنا نحن واخبرناهم ان لدينا مريضة يطلبون منا الصبر.
واردفت محدثتي قائلة
ولا يهمهم شي سوى ان تكون ملفاتنا (وسخانة). ولا يكتبون الأشياء الجيدة التي نقوم بها ونحن عندما نقول لهم (مابنحبكم ) بطلعو الواحدة مننا قليلة ادب خاصة إذا اتشاكلنا مع الأمهات وحالياً الامهات غير موجودات بدل ما يشوفوا الام عملت شنو! الام طبعاً بتسيء لينا ولو سكتنا المرة الأولى والتانية المرة التالتة ما بنقدر نسكت لأنهم بقولوا العرق دساس ونحن بنات شوارع وأساساً دي تربيتنا ولو غلطنا ده الشي الطبيعي اساساً مفروض نغلط لأنه نحن جينا للدنيا دي غلط وما بتوقعوا مننا حاجة كويسة وحتى لو شرحنا ليهم انه الام غلطانة بطلعونا نحن غلطانين واتدخلنا في الشغل).
أهل الخير
البنات من بينهن طالبات جامعيات يدرسن على نفقة خيرين وبينهن طالبات ثانوي سألتهن من أين يحصلن على مصاريف المدارس؟ هل تتكفل وزارة التنمية بذلك؟ فاجبن بـ ( ليس هنالك مصروف من الإدارة او الوزارة. كل البنات يذهبن الى المدرسة من غير فطور ويعدن في وقت متأخر وهذا أدى لان تقوم احداهن بالسرقة او تستعين بفاعلي الخير وهم الذين يدفعون حين يزورون الدار ويتركون لنا أرقام هواتفهم وعندما نحتاج لأى شيء نتصل بهم وحتى إصلاح المنافع التالفة نحن نسعى بمعرفتنا مع الخيرين لإصلاحها مثلاً اتصلنا بـ(ماما صالحة) وهي(إحدى الخيرات) لإصلاح الحوض ولكن قامت بتغيير دورات المياه كلها والمفروض ان يكون هذا الأمر عن طريق الإدارة بمعنى هي من يجب عليها ان تطلب منهم دعمنا).
“شمار الباحثات”
إحدى المراهقات قالت لـ(الانتباهة): (هنا مافي زول بربي يعني انا ممكن اعمل اي حاجة او ازعل واليوم كلو ما اكل حاجة مافي زول بسألني او يقول لي مالك او امشي استفيدي من وقتك حتى الباحثات الاجتماعيات عندما نحكي لهن عن مشاكلنا عشان تصلحنا بتمشي تنقلا للإدارة كشمار ويمسكوها لينا زلة عشان كده بقينا ما بنحكي).
بنات كويسات
(افراح عثمان) إحدى المشرفات بدار الفتيات نفت ما ساقته فتيات الدار وقالت للصحيفة (بالعكس والله انا عن نفسي لا أمارس ضدهن اي تمييز سلبي واتوقع منهن اي حاجة حلوة وهن بنات (كويسات شديد) واقول ذلك بحكم اقامتي الدائمة معهن لمدة ثماني سنوات واتعامل معهن معاملة جيدة).
إذاً لماذا يتهمنكن كمشرفات وامهات وادارة بممارسة التمييز السلبي ضدهن كونهن جئن الى الدنيا بجرم ليس لهن ذنب فيه؟ هل لديهن مشاكل شخصية معكن؟
تجيب افراح بقولها :(والله ما عارفة اقول ليك شنو يا استاذة لكن زي ما قلت ليك عن نفسي أعاملهن معاملة جيدة والعكس صحيح).
الفتيات اشتكين أيضاً من عدم وجود أمهات مع اهمية وجودهن خاصة أن معظمهن من ذوي الاحتياجات الخاصة وفي حاجة ماسة لمن يقوم بتنظيفهن والعناية بهن وعوضاً عن ذلك تقوم بهذه المهمة إحدى الفتيات وهي ذات إعاقة ذهنية ولكنها واعية نسبياً ولكنها أيضاً بحاجة لمن يرعاها.
أفراح تقر بعدم وجود أمهات بالدار وقالت انهم قدموا لطلب أمهات وحتى الآن لم يتم تعيينهن. توجد بالدار اثنتان فقط واحداهن في اجازة وهناك ام كبيرة في السن تقوم بخدمتهن ولكنها لا تستطيع القيام بذلك لوحدها يفترض وجود أمهات اخريات لأننا نعاني من نقص في الأمهات وسيتم تعيينهن قريباً إن شاء الله .
شيطنة
(ماما خديجة يعقوب) اقرت بأنه كانت هناك شكاوى من بعض الأمهات ولكن تم نقلهن بسبب المشاكل التي كانت تحدث بينهن والبنات وتضيف :(انا معهن من 2010 حتى الآن وانا بتكلم عن معاملتي معهن ما بميز بينهن واصطحبهن معي للبيت عشان يغيرو جو ومن بينهن واحدة متزوجة بسوقها تلد معاي في بيتي 4 شهور وبرقد معاها في المستشفى وواحدة منهم زوجتها لود عمتي أنجبت 3 أطفال وعايشة في امان الله ولم تكون واحدة حاتتزوج بقفل بيتي وبمشي اقعد في الدار واجهز ليها ريحتها وكل مستلزمات الزواج وهن بنات كويسات والله لكن احياناً عندهم شيطنة وعدم سماع الكلام وبخلو الأمهات يزعلو وينفعلو وبشاكلوهم وشخصياً ما سمعت واحدة من الأمهات نبذتهم لكن بسمعهم هم بشتكو وبقولو فلانة وفلانة بشتمونا).
مع المديرة
اتصلت (الانتباهة) على مديرة دار الفتيات هاجر الاحيدب وهي في ذات الوقت باحثة اجتماعية فردت على اتهام التمييز السلبي بقولها (بالمناسبة الكلام ده قيل لي انا عندما استلمت إدارة الدار وقمت بنقل كل من اتهمنه بممارسة التمييز السلبي تجاههن).
قلت لها هل ثبتت عليهن التهمة ام علي اي اساس قمت بتقلهن؟
فاجابت بقولها إضافة لاتهام البنات لهن بانهن يمارسن تمييزاً سلبياً تجاههن حدثت بعض المشكلات في الدار وهي اشياء خاصة لا استطيع الحديث عنها لأنها تخص البنات أنفسهن فاضطررنا لنقلهن بعد جلوسنا مع ادارتنا بعضهن الى المايقوما وبعضهن في الدار نفسها لكن الآن لا يوجد تمييز سلبي تجاههن بالعكس نحن نعمل على حمل المجتمع الخارجي على عدم اضطهادهن وممارسة اي تمييز سلبي تجاههن لانهن لا ذنب لهن، فكيف نمارسه عليهن نحن وهن يقمن معنا وليس لهن احد غيرنا؟.
انظروا للإيجابيات
وقالت هاجر انهم في الدار لا يدعون الكمال فالكمال لله وحده ولا بد ان يكون هناك تقصير هنا وهناك ولكن هنالك إيجابيات كثيرة دعت الناس والإعلام خاصة للنظر إليها وابرازها أيضاً وأضافت (نحن قاعدين نشتغل عشانهم هم، انا واحدة من الناس قاعدة اكون واضحة وشفافة مع روحي وما قاعدين نعمل حاجة خايفين منها ).
أما بخصوص مصروفات البنات قالت هاجر ان هنالك طالبة تدرس بجامعة امدرمان الإسلامية الوزارة تمنحها شهرياً 14 الف جنيه لاحتياجاتها الخاصة للمواصلات مع العلم انها تدرس 3 ايام في الأسبوع وليس من ضمنها أكلها وشربها واذا حدث طارئ جعلها تحتاج لمزيد من النقود تمنح بعد مخاطبة الوزارة وهي تقيم في الداخلية لأنها رأت انها افضل لها من الذهاب يومياً وأضافت هاجر (نحن نقدر ان الأسعار في ازدياد يومياً ونراعي ذلك مع الفتيات وعندما تقلدت منصب مديرة الدار وجدت مصروف تلك الفتاة 4 الاف جنيه فرفعته الى 8 الاف جنيه ثم ارتفعت الآن إلى 14 الف جنيه لأننا نستقل المواصلات أيضاً ولدينا في بيوتنا من يدرسون بالجامعات ونعرف احتياجاتهم جيداً .
وردت هاجر بشأن الطعام في الدار غير المستساغ بانهم كموظفين يأكلون من نفس الطعام وان الفتيات اعترضن مرتين على الطعام فقامت الإدارة بنقل الطباخات .
انعدام الدواء
وأقرت هاجر ان الادوية نفدت منذ اكثر من شهر(لحظة اتصالنا عليها) ورفعنا حاجتنا للوزارة وهذه الأدوية اذا لم تكن موجودة بالامدادات فنحن نجتهد في توفيرها بمجهودنا بالتنسيق مع الوزارة ولم نتركها حتى تنتهي تماماً لانهن يدخلن في كومة فهن يعانين من كهرباء زائدة وعندما تقطع الأدوية تصبح هنالك مشكلة.
وبسؤالنا عن ان جزءاً كبيراً من الفتيات كما اسلفنا ذوات احتياجات خاصة فلماذا لا يخصص لهن مكان خاص بهن؟ تجيب هاجر بأن الدار صغيرة جداً ونحن بصدد توسعتها .
واوضحت هاجر ان من ضمن أهداف وجودهن في الدار تعليمهن التعاون بينهن (وانا مديرة للدار – والحديث لهاجر- ولكن ادخل المطبخ واشد الملاح عادي جداً وبكون موجودة في الدار دائماً واذا قلن لك انني لا احضر للدار فهذا لأنه كانت لدي ظروف في المنزل وأخذت اجازة محلية اسبوع والاسبوع الذي يليه كانت ماما علوية تقوم مقامي في الدار والحديث لهاجر.
في الانتظار
تواصلنا مع اعلام وزارة التنمية الاجتماعية ولاية الخرطوم للحصول على إجابات عن أسئلة وردت بالتحقيق الا انهم طلبوا منا الانتظار لحين تكليف مدير جديد بعد إعفاء المدير العام ضمن الاعفاءات الأخيرة وما زلنا في الانتظار.