الخبير الاقتصادي بروفيسور عبد الوهاب بوب: الوضع الحالي فوضوي ولا يمكن لبلاد أن تكون بدون حكومة أسبوعين
البلاد حالياً في حالة (غابة) وإذا كان هذا انقلاباً فلا بد أن يكون مكتملاً (…..)
يجب أن يتم تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد
ما حدث في (25) أكتوبر وتحت أي مسمى لم يكن مخططاً بالطريقة الصحيحة
حجم الخسائر اليومية لقطع شبكة الإنترنت لا يقل عن (100) مليون دولار
الحكومة الجديدة يجب أن تكون متقشفة وبدون (إنفنتي) أو (كروزر)
حوار: هنادي النور
تزامناً مع المتغيرات التي حدثت بالبلاد أخيراً المتعلقة بأحداث ٢٥ اكتوبر، تم حل كافة القطاعات الاقتصادية مما تسبب في توقف الحركة التجاربة بالبلاد، وأصيب دولاب العمل بحالة شلل في كل مؤسسات الدولة، وظلت لأكثر اسبوعين دون حكومة. وفي هذه المساحة طرحت (الإنتباهة) بعض الأسئلة على الخبير الاقتصادي بروفيسور عصام عبد الوهاب بوب الأستاذ بجامعة النيلين حول الوضع الاقتصادي ومآلاته، وطالب بوب بضرورة إيجاد حلول قاطعة للمشكلات الاقتصادية، وان يتم تكوين حكومة اليوم قبل الغد، ووضع روشتة علاجية للمرحلة المقبلة بأن تكون حكومة متقشفة دون (انفنتي) او (كروزر) وان يكون الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية.
ما تقيمكم للوضع الاقتصادي الحالي؟
ــ حقيقة ان الوضع الحالي غير مبشر بخير، وفي البدء لا توجد دولة، وليس هذا منذ يوم 25 اكتوبر حيث صدر بيان من القائد العام للقوات المسلحة، ولكن قبل ذلك كان اداء ما تدعى الحكومة لا يبشر بخير، لانه لم تكن هناك حكومة بالمعنى الواضح، والوضع الاقتصادي الذي كان يدور ليس وضعاً صحيحاً، لانه تم اتخاذ قرارات حكومية وجميعها من وجهة نظري غير صحيحة ونتج عنها مالا يبشر بالخير.
كيف تنظر للاقتصاد في ظل غياب الحكومة؟
ــ حالياً نحن في حالة حيرة، وبعد صدور بيان البرهان كان مبشراً لكثير من المحللين لان الحكومة السابقة كان اداؤها سيئاً ولكن البيان كان ناقصاً، واذا كان البرهان يرغب في عمل تغيير حقيقي كان المطلوب ان يعين حكومة بصورة مباشرة مع صدور البيان، ولكن ان يصدر البيان باعفاء الحكومة دون تعيين حكومة جديدة فهذا امر في قمة الفوضى، واعتقد ان كان للقائد البرهان مستشارون بالتأكيد لم يكونوا من ذوي الكفاءات ولكن اجزم بانه ليس له مستشارون، والوضع الحالي فوضوي، ولا يمكن لبلاد ان تستمر بدون حكومة لمدة اسبوعين بدون ان تحل الفوضى محل كل السياسات الادارية، وحالياً البلاد في حالة (غابة) يسود فيها القوي ومن لديه السلطة والمال، واذا كان هذا انقلاباً فلا بد ان يكون مكتملاً، وعلى سبيل المثال ان تكون هنالك سلطة مالية اقتصادية قوية، او تكون هناك سلطة تسير القطاع الصحي والتعليم، ولكن حالياً لا نجد هذه السلطة’ وبالتالي تعيش البلاد في حالة من الفوضى، وحالياً في الاسواق مثلاً البضائع موجودة ويمكن الشراء باي سعر خوفاً من اختفائها، وحتى قوانين العرض والطلب اصبحت غير سارية، ويزيد العرض من السلعة فينخفض السعر ويقل الطلب، واليوم لا يوجد شيء، والموطن يتساءل اين البضاعة السابقة ومن هي السلطة الاقتصادية التي تحكم الصادر والوارد، اضافة الى اشاكلية شرق السودان.
تم حل كافة الغرف المتخصصة بالقطاعات الاقتصادية وتوقفت حركة الصادر والوارد.. كيف يؤثر ذلك؟
ــ هذه قمة الفوضى، وهذا الامر يضع تساؤلاً هل هذا انقلاب ام تصحيح؟ وتحت اي مسمى من المسميات؟ ولم يكن مخططاً بالطريقة الصحيحة، خاصة ان البلاد في نهاية الموسم الزراعي وهو مبشر والبلاد في حاجة ضرورية له، فالمزارع او المنتج لا يعرف ماذا يفعل، وبالتالي ينعكس ذلك سلباً بفقدان البلاد الاسواق الخارجية، والآن اصبح لدي (شك) بان التصدير والاستيراد في حالة توقف، ولا يمكن ان تستمر بلاد بدون قطاع التجارة الخارجية والداخلية، واجزم بأن البلاد تعيش في قانون (الغابة)، وهذا لا يمكن أن يسود ويستمر لفترة طويلة’ ويجب أن يتم تشكيل حكومة باسرع ما يمكن اليوم قبل الغد لحسم هذه الفوضى، لجهة ان هذه الحالة لا يمكن استمرارها، واذا كان هذا انقلاباً يجب تشكيل الحكومة، واذا كانوا غير قادرين على ذلك يجب ارجاع الحكومة السابقة، وبالرغم من ان أداء الحكومة السابقة كان سيئاً واقرب الى الفوضى ولكن الثورة التصحيحية من قبل القائد العام لا يمكن ان تكتمل الا بتشكيل الحكومة، لان البديل سيكون فوضى سياسية واقتصادية واجتماعية وهذا ما نراه اليوم.
ما تأثير قطع شبكة الانترنت على القطاعات الاقتصادية؟
ــ بالتأكيد قطع شبكة الاتصالات له أثر اقتصادي كبير، فهناك بضائع يتم نقلها عبر الرسائل وليس كل فوائد الشبكة مراسلات الشباب، ولكن غالبية التجار لديهم تعاملات عبر الشبكة خاصة قطاع التجارة الخارجية، وسبق ان ذكرت ان حجم الخسائر اليومية لا يقل عن (100) مليون دولار، وهذه خسائر تعتبر كبيرة جداً على القطاع الاقتصادي.
ماذا عن المساعدات الخارجية واعلان بعض الدول ايقافها؟
ــ نعم توقفت، وهذا امر لا يمكن انكاره، فقد توفقت كافة المساعدات الخارجية من الصديق والغريب والصديق البعيد، واتعجب لتصريحات احد المسؤولين الكبار قائلاً: (الله موجود) ونعم بالله، ولكن الدول هذه لا بد ان يكون حبل الود موصولاً معها، واعتقد ان هنالك بعض الاشياء ليست مخططة ولم يتم تطبيقها بالطريقة الصحيحة.
تصريحات الحكومة الفرنسية بشأن الديون الخارجية بسبب الاوضاع الحالية، وقالت سوف تلقي بظلال سالبة، وهي تعبر ثاني اكبر دولة دائنة للسودان.. ما رأيك؟
ــ الحكومة الفرنسية لم تقل يجب ارجاع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ولكن قالت يجب الرجوع الى المسار الديمقراطي في الخطوات الاولى بتشكيل حكومة انتقالية بدلاً من الحكومة الانتقالية الفائتة، وان حمدوك لا يمثل الشعب السوداني بالكامل وهو احد افراد الشعب، واذا كانت هذه ثورة تصحيحية نتجت عن اخطاء كبيرة من قبل مسؤولين والرأي ان ازاحة حمدوك الحل الوحيد، بالتأكيد لا بد من تعيين رئيس وزراء بسرعة، وفي هذه الحالة تعيين الوزراء يجب ان يكون بالرجوع الى شروط الوثيقة الدستورية وهي تنص على حكومة كفاءات. وفرنسا لن تتراجع الا بتطبيق حكومة مدنية.
ماذا عن تذبذب سعر الصرف في الوقت الحالي؟
ــ هو شبه ثابت ووصل الى حاجز (488) جنيهاً، ولكن هذا مدى ضعيف ويمكن ان يتخطى حاجز (500) جنيه، وهذا لا يحرك ساكناً، ولكن بالنظر الى سعر الصرف ففي هذه الحالة اتخوف من ان التجار لا يريدون الاستيراد، وبذلك ستكون الدولة في حالة جفاف ولا يوجد صادر ولا وارد.
اعطنا روشتة علاجية للخروج من الوضع المأزوم وخطة للحكومة الجديدة؟
ــ يجب أن يتم الاتفاق، ولكن اتفاق السودانيين في هذه الظروف سيكون مستحيلاً، ولكن الخطوة الاولى اعتقد انه لا بد من تشكيل حكومة كفاءات اليوم وليس غداً، وان يتم الاتفاق على اعضاء مجلس السيادة على ان تكون هناك سلطة حقيقية في البلاد، وان يتم نقل هذا الاختيار لفترة زمنية محدودة، وسبق ان صرحت بها بان تكون فقط ثلاثة اشهر، وبعدها يتم عقد انتخابات حرة تتم مراقبتها عبر الامم المتحدة، وبعد الانتخابات لا بد من اتخاذ معايير لاصلاح الدولة، واولاً استرداد كافة الموارد القومية الى خزانة الدولة من ذهب وغيره، وان يكون هنالك تقشف كامل دون (انفينتي) أو (كروزر)، ولا يتم صرف الا للاحتياجات التنموية، وان يكون التوجه نحو القطاعات الانتاجية والصناعة بصورة كاملة، ولا بد من رد الظلم خلال السنوات الماضية ولا بد من التصحيح.. والا سيكون هناك مزيد من التشتت والفرقة والانهيار الاقتصادي، وهذا لا يمكن ان ينكره أحد.