حالة ارتباك أصابت عدداً كبيراً من المواطنين، بعد حديث مقرر لجنة إزالة التمكين، صلاح مناع، وقوله: (لن نطالب بتفكيك جهاز المخابرات، سنفعل ذلك مباشرة).. كثيرون اعتبروا أن مناع يعني أنه سيحل الجهاز تماماً، خاصة أن هناك تسريبات بأنه تمت إعادة بعض الذين تم فصلهم من الخدمة مرة أخرى. فيما يذهب آخرون إلى أن المقصود إعادة الهيكلة.. ليتساءل المهتمون عن خيارات مناع في هذا الأمر حال قرر تبني إحدى الفرضيتين؟.
الخرطوم: وجدان طلحة
الدعم الجماهيري
مناع أشار إلى أن الحركة الإسلامية تخفي أموالها داخل المؤسسة العسكرية، مؤكداً أنهم لن يطلبوا مجدداً تفكيك جهاز المخابرات العامة، وسيعملون على ذلك مباشرة، فهو يعتقد أنه ما يزال يحمل العقلية العقائدية لحماية نظام الرئيس المخلوع .
عضو لجنة التفكيك، عروة الصادق، يذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى أنه لابد من إعادة هيكلة جهاز الأمن، لأنه يضم عناصر النظام السابق من الأمن الشعبي، وفي إدارات إستراتيجية، وقال: “يجب إنهاء خدمتهم فوراً، وتقديم المتورطين في قضايا قتل المتظاهرين والفساد إلى المحاكمات”.
الصادق أشار إلى أن مناع لم يطالب بحل مؤسسات الدولة، لافتاً إلى أن هيكلة المؤسسات هي مطلب السودانيين، ولابد أن يتحقق، مشيراً إلى أنه تأخر كثيراً، والآن توفرت الإرادة والدعم الجماهيري، لافتاً إلى أن المحاولة الانقلابية الفاشلة رفعت درجة المطالبة بإصلاح المؤسسات.
مهددات وتعقيدات
مراقبون أوضحوا أنه منذ سقوط نظاع الرئيس المخلوع في 11 أبريل 2018م، تم إجراء هيكلة داخل جهاز المخابرات العامة، مشيرين إلى أن الهيكلة مستمرة، وتم إصدار (5) كشوفات إحالة لضباط، في للصف الأول والثاني من الجهاز، وعددهم أكثر نسبياً من الذين أقالتهم لجنة التمكين، لافتين إلى أن الهيكلة يقوم بها خبراء مختصون.
يوليو 2019 أصدر رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان قراراً بتغيير اسم (جهاز الأمن والمخابرات الوطني) إلى جهاز المخابرات العامة، ، وبرر مدير الجهاز وقتها، الفريق أبوبكر دمبلاب، الخطوة في سياق هيكلة الجهاز، وتماشياً مع التغيير الذي حدث عقب ثورة ديسمبر، وليكون أكثر مهنية ويشارك في حماية البلاد وصون أمنها القومي، في ظل المهددات والتعقيدات التي تحيط بالإقليم.
قرارات انفعالية
خبراء أمنيون أكدوا أن تفكيك جهاز المخابرات العامة سيؤدي إلى مشاكل ربما أكثر من التي حدثت بعد الانتفاضة، عندما حل جهاز أمن الدولة، مؤكدين أنه لا يمكن تكرار التجربة بعد هذه السنوات الطويلة، مشيرين إلى أن من قاموا بهذه الخطوة اعترفوا أنفسهم بأنهم أخطأوا في حق البلاد.
مدير جهاز الأمن والمخابرات الأسبق، حنفي عبد الله، أشار في حديثه لـ(السوداني) إلى أن حديث مناع لا يخرج من التصريحات السياسية، وقال إنه تم إجراء إصلاحات كثيرة في جهاز المخابرات العامة، ، ووضعه الآن أفضل من السابق، بعد إنهاء خدمة عدد كبير من الضباط، مشيراً إلى أنه في الأسابيع الماضية تمت اختبارات بالأكاديمية للمتقدمين لوظائف ضباط بالجهاز، منوهاً إلى أنه سيتم عقد امتحانات للمتقدمين في وظائف أخرى.
الخبير الإستراتيجي، إسماعيل مجذوب، أكد لـ(السوداني) أنه لا خيارات متاحة أمام مناع، سوى المحافطة على الأمن القومي السوداني بإجراء ما يمكن من إصلاحات مع رئاسة الجهاز الحالية، وتفادي القرارات الانفعالية التي تؤدي إلى إضاعة الدولة مثل التفكيك والحل، أسوة بما حدث في افغانستان والعراق، وهما أبلغ مثال للقرارات الانفعالية غير المدروسة.
تحذيرات واشنطن
واشنطن أكدت أنه لابد أن يتم الإصلاح في الأجهزة العسكرية والأمنية بالبلاد بقيادة المدنيين، وحذرت من الانقلاب العسكري على السلطة، مؤكدة أنه إذا حدث ستكون عواقبه سيئة على السودان.
وأعلن مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي، جاك سوليفان، خلال اتصال هاتفي برئيس الوزراء عبدالله حمدوك، أعلن عن وقوف الإدارة الأمريكية بقوة وحسم ضد أي محاولات لعرقلة أو تعطيل إرادة الشعب السوداني في تحقيق شعارات الحرية والسلام والعدالة.
سوليفان أشار إلى أن المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان، سيحضر إلى السودان لتأكيد دعم الولايات المتحدة لعملية الانتقال التي يقودها المدنيون، ومناقشة التحديات الأمنية الإقليمية .
واتفق حمدوك وسوليفان، على ضرورة التزام جميع الأطراف بالوثيقة الدستورية والاتفاق السياسي واتفاق جوبا لسلام السودان، وضرورة أن تواصل الحكومة اتخاذ الإجراءات التي من شأنها تعزيز وتعميق الاستقرار الاقتصادي، ومواصلة تنفيذ بند الترتيبات الأمنية، وإكمال عملية السلام، وضمان تطبيق العدالة والمساءلة.
‘السوداني’