ليست هي المرة الأولى التي تقوم فيها سلطات المملكة العربية السعودية بإرجاع بواخر مواشٍ سودانية، وأمس الأول أعادت المملكة باخرة تحمل 7 آلاف رأس من الضأن وأرجعت الأسباب لمخالفة شحنة الماشية للاشتراطات الصحية.
وأكد رئيس شعبة مصدري الماشية صالح صلاح أن السبب غير متفق عليه في البروتوكول بين البلدين مشيراً الى أن وجود أجسام مناعية لمرض الحمى القلاعية لا يفترض أن يتم إرجاع الإرسالية بسببها
والشاهد أن المملكة وضعت عدة اشتراطات لتطبيق قرار استئناف الماشية السودانية عقب توقف انسياب الصادر لعدة مرات سابقة و الاشتراطات التي تم الاتفاق عليها مبدئيًا بين المملكة العربية السعودية والسودان لها علاقة بالمحاجر الصحية واشتراطات فنية متعلقة بصحة وحجر الحيوان لمدة ثلاثين يوماً والتطعيم المتفق عليه، ثم التصدير.
وكانت المملكة قد أعادت في فترة سابقة آلاف الرؤوس من الماشية السودانية ما عرقل عملية التصدير إلى الخارج وتسبب في نفوق 30% من مواشي البواخر العائده من السعودية بسبب عدم تأهيل البواخر وضعف الخدمات بالميناء.
ويؤثر القرار بشكل سلبي على الاقتصاد السوداني، إذ يمثل السوق السعودي أهمية وتأثيرًا كبيرًا على السودان، حيث يستوعب ما لا يقل عن (٧٠٪) من صادرات الماشية السودانية، وتتراوح عائدات الثروة الحيوانية ما بين (٧٥٠) إلى (٩٠٠) مليون دولار فى العام، ويوجه عائدات الصادرات عامة لاستيراد السلع الأساسية فضلاً عن أن منع صادرات اللحوم الحية للسعودية له تأثير على عائدات السودان من النقد الأجنبي من عائدات صادر اللحوم بحجم الصادرات، كما يتكبد تجار الماشية والمصدرون خسائر فادحة، وأيضاً لا ننسى التأثيرات على الدخل والأرباح وتشمل الخسائر تكاليف الترحيل للميناء والتغذية خلال فترة الترحيل وخلاف ذلك.
من ناحيته كشف مدير المحجر بسواكن د. فاروق حامد لـ( الصيحة) الأسباب الحقيقية وراء إرجاع باخرة المواشي السودانية من قبل السلطات السعودية، وقال إن الباخرة لم تربط في المياه السودانية بعد، وفي حالة وصولها سوف يتم أخذ عينات للمعمل المركزي لتشخيص السبب، وأكد أن ما أعلنته السسلطات السعودية وجود حالتين لمرض الحمى القلاعية بحسب الخطاب الذي أرسلته وزارة الزراعة السعودية يؤكد وجود أجسام مناعية للحمى القلاعية.
ولفت فاروق أنه بموجب نتيجة العينة ستتم كتابة تقرير للتأكد من الشحنة كاملة.
وأكد وجود اتصالات تجري بين وزارة الزراعة السعودية بجدة ومدير عام المحاجر السودانية لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء الإرجاع.
وجزم بأن البواخر السودانية تم إرجاعها سابقا لعدم كفاءة التحصين من مرض حمى الوادي المتصدع،
وأشار إلى تحقيق نجاح كبير في صادرات العام الحالي وبذل مجهود في التحقين والمراكز.
وجزم بأن الباخرة التي أرجعت أول باخرة في الموسم الحالي، وبسبب خارج عن البروتوكول الموقع بين البلدين وليست لها علاقة بالأسباب السابقة لرجوع البواخر.
تجاوزات ومجاملات
وقال المدير العام السابق للوكالة الوطنية لتأمين وتمويل الصادرات د. أحمد بابكر في حديثه لـ(الصيحة) إن مسألة إعادة صادر الماشية من قبل المملكة متكرر وضار بالاقتصاد باعتبار أن المملكة أكبر سوق للضأن السوداني.
مشيرًا إلى مشكلة تواجه المصدرين بشأن اللقاحات والتي يتم استيرادها من كينيا وجنوب أفريقيا.
وقال هناك مخزون من تلك اللقاحات وربما تشترط المملكة استيرادها من دول بعينها.
ولفت إلى أن عائدات صادر الماشية للسوق السعودي تقدر بـ500 مليون دولار سنوياً.
منوهاً للاهتمام بالسوق السعودي، وقال: إذا كانت هناك تضحية تقدم في اللقاحات يجب تقديمها.
وأردف أن الحل لمشكلة إعادة البواخر لا يتطلب عبقرية، وربما هناك تجاوزات أو مجاملات تتم في المحاجر لسبب أو آخر.
وأشار إلى أن الماشية تمر بعدة مراحل بدءاً من مناطق الإنتاج الى موانئ الصادر لذا وجب الالتزام بمواصفات اللقاحات والمحاجر، والتدقيق في الشهادات الصحية ومطلوبات المملكة.
ووصف إرجاع بواخر الماشية بالمؤسف ولا يجب أن يتكرر مبيناً عدم الاهتمام بأسباب المشكلة الرئيسية والاستفادة من الأخطاء السابقة.
وزاد قائلاً: للأسف المسوؤلون والجهات ذات العلاقة (ما قادرين يصلوا الى الحل السليم)، وأي خطأ أو خلل يحدث في أي مرحلة من مراحل الصادر تترتب عليه خسائر مالية كبيرة للمصدرين والاقتصاد.
ونبه إلى وجود تراخٍ في أحد حلقات الصادرلابد من مراجعته وضبطه، وقال: هذه مسألة مدمرة،
وأشار إلى أن المملكة حددت 3 مسالخ سودانية هي المسؤولة عن الواردات إليها من اللحوم وعلينا البحث عن بدائل للصادر الحي، حسب الاشتراطات السعودية لمواجهة اشكالات الصادر الحي وهي مسألة تخدم القيمة المضافة والخروج بالتالي من مسألة إرجاع البواخر.
ولفت إلى أن المسألة تتضمن البيع بأسعار أعلى وتتم الاستفادة من المسالخ في الأثر الاقتصادي.
وشدد على أن إرجاع البواخر مسألة مؤسفة، وقد تم تناولها سابقاً، ولكن لم نذهب فيها بالعمق المطلوب لمعرفة أين الخلل بدليل تكرارها.
وطرح تساؤلاً عن دور السلطات في متابعة صادر الماشية من مناطق الإنتاج ومتابعة الإجراءات مع المصدرين لتلافي القصور وعدم السماح بتصدير أي رأس من الماشية ما لم يخضع للفحوصات واللقاحات المطلوبة لتسببه في إرجاع الباخرة كاملة.
مخالفة الاشتراطات
وخلال الأشهر الماضية تم إرجاع أكثر من 14 شحنة ماشية من السعودية بسبب نقص المناعة عن نسبة “40%” المتفق عليها بين البلدين، وبلغت جملة الكميات المرتجعة نحو 149 ألف رأس، تمت إعادة تصدير 142 ألف رأس منها لاحقًا بعد عمل تحقين جديد، ورغم ثبوت سبب رجوع بواخر الماشية “نقض المناعة” إلا أن تكرارها يشي بأن ثمة أسباباً أخرى غير معلومة، أو تفاصيل تتعلق بالاشتراطات السعودية التي أقرتها وزارة الثروة الحيوانية بعد استئناف الصادر عقب توقفه.
وأشار عدد من خبراء الثروة الحيوانية، الى ضرورة الاستفادة من فرص صادر الثروة الحيوانية وكيفية تنميته وتطويره.
مؤكدين أهمية تغيير المفاهيم من صادر الماشية إلى منافسة وتعظيم دور المنتجات السودانية في الأسواق الإقليمية والعالمية، واستحداث سياسات وإجراءات جديدة ومواكبة تدعم وترفع من قدر الصادرات السودانية، وتدريب وتأهيل الكوادر والمصدرين لمواكبة التغيير المطلوب واستيفاء اشتراطات الصادر، وتأهيل وتطوير مواعين الصادر والخدمات المرتبطة بها.
إمكانيات ولكن!
ورغم امتلاك السودان ثروة حيوانية تقدر بنحو “107” مليون رأس من الماشية حسب إحصاءات تقديرية، منها ما لا يقل عن 30 مليون رأس من الضأن، 20 مليون رأس من الابقار، مع مساحات شاسعة من المراعي الطبيعية وموارد المياه، ظلت الثروة الحيوانية في السودان قطاعاً هامشياً في خطط الحكومات المتعاقبة، حيث تسيطر التقليدية على نمط تربية المواشي ولم تتجه الحكومات السابقة لإنشاء مزارع حديثة لتربية الماشية، وباستثناء مسالخ قليلة دخلت الخدمة قريباً تنعدم المسالخ الحديثة التي تساعد في تصدير اللحوم وفق المواصفات والاشتراطات الصحية العالمية، كما تفتقر البلاد للصناعات التحويلية التي يمكن الاستفادة من مشتقات الألبان والجلود التي تصدر خاماً مما يفقدها القيمة المضافة.
الإستمرار، يعني الجوده، والإستفاده من الهنات والأخطاء السابقة ووضع المعايير المواكبه للحاضر والمستقبل وتطوير المحاجر..
جودة اللحوم السودانيه تحكي عن نفسها محليا وعالميا، سؤالي، لماذا لا نتلمس الطريق لأسواق أخري، مع الاخذ في الاعتبار كل المتطلبات الدوليه للمنافسه..