مقالات

ابراهيم عربي يكتب : أتضربونهم وهم يقولون ربنا الله ..؟!

الراى السودانى

تداولت مواقع التواصل الإجتماعي مقاطع فيديو لمواطنين رجال ونساء صائمون يفطرون ويؤدون صلاتهم تحت وابل بومبان الشرطة شرق مطار الخرطوم ، رغم أن الدخان قد غطي المكان ولكنهم كانوا صامدون ولم تنقطع صلتهم بالله والإمام يتلو(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ، يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) ، وآخرين يهتفون الله أكبر ..! والبمبان يخنقهم ، هم شباب الإسلاميين في إفطار ذكري غزوة بدر الكبرى أمس الخميس بالخرطوم .
هل حقا يحدث هذا في السودان وفي عاصمتها الخرطوم وفي ظل حكومة الثورة بشعارها (حرية ، سلام وعدالة ؟! ، أيحدث هذا في ظل حكومة الشراكة الثلاثية وعلي مسمع ومرأى من حمدوك وبرهان وحميدتي وشركاءهم في الكفاح المسلح ..؟! ، وكأن التاريخ يعيد نفسه لما حدث قبل (14) قرن من الزمان حينما قالها سيدنا أبوبكر الصديق (رضي الله عنه) في وجه المشركين وهم يلحقون الأذي برسول الله صلي الله عليه وسلم ،والصديق يدفع عنه ويقول لهم (أتضربون رجلا أنى يقول ربي الله ..!) ، وكأني أري ذات عهد أبو جهل قد بدأ يعود من جديد في السودان (وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ) ، فما حدث بالأمس ليس في البوسنا أو بورما أو من قبل اليهود ضد الفلسطينيين ، بل في السودان حيث تنتهك حرياتهم الدينية وهم الأغلبية ، ولكن حقا هل نحن في السودان ؟! .
بلا شك لقد إنكشفت إدعاءات لجنة التمكين الباطلة ضد الدين وهم يأمرون بضرب المصلين وهم صيام في شهر البركة والتوبة والغفران ، هؤلاء مسلمون في المقام الأول جاءوا لإحياء ذكري غزوة بدر الكبرى التي قصمت ظهر الكفار وفرقت بين الحق والباطل ، وليسوا أنصار النظام البايت كما يدعي الذين في قلوب مرض ، ولو إفترضنا فيهم جماعة من التيار الإسلامي بشقيه (الوطني والشعبي) ، فإن الحدث قد تجاوزهم لوحدة صف كافة المكونات الإسلامية .
فالتاريخ يعيد نفسه أيضا لذات شعارات الشيوعيون ورفاقهم من جماعة اليسار الذين إختطفوا الثورة (أي كوز ندوسو دوس) كتبنا ساعتها وقلنا أنكم أهديتم الإسلاميين فرصة غالية لوحدة جمع صفهم ، والآن تتكرر ذات الغلطة من ذات الفئة الضالة ليكيدوا بالإسلام كيدا (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) ، قالها الكودة وقالها آخرون لأجل نصرة الدين ..!.
لماذا لا يتعظ هؤلاء الذين عميت قلوبهم وهم يحسبون كل صيحة عليهم ؟! ، فماذا يعني لكم خروج أهل السودان زرافات ووحدانا لإحياء ذكري بدر الكبرى التي لم تقتصر علي أهل الخرطوم لوحدهم فحسب بل خرجت (كسلا ، مدني ، الدمازين ، كادقلي ، عطبره ، الضعين ، سنار، الإبيض ، دنقلا ، بورتسودان ، النهود وغيرها) وربما كافة الولايات في ذات الميعاد ، حقا الحدث إستفتاء ، أما ضربكم لهم بالبمبان وهم بين يدي الله خزي وندامة ، مهما كانت الشرطة مأمورة ولكنها خطوة مرفوضة ولا تشبه أخلاق السودانيين ، ولعل الشرطة قد إستلمت الرسالة التي تركها هؤلاء إذ لم يحرقوا دفارهم الذي تركوه في المكان ، تلك أخلاقهم فأين السلام وأين الحرية وأين العدالة وأين الحريات الدينية يا مفرح ويا عبد البارئ ؟!.
بلاشك أن لجنة التمكين تتحمل مآلات وتبعات ما حدث وما سيحدث ، ولكن لماذا لم يراع هؤلاء حرمة الشهر الكريم وحرمة الصوم وحرمة الصلاة ؟! أليس كان بإمكان السلطات التعامل مع هذا الإفطار كمناسبة دينية تتسق مع أخلاق المجتمع السوداني الأغلبية المسلمة ؟!، أعتقد هذه اللجنة تكون قد إرتكبت خطأ كبيرا وقد أزمت الموقف وأصبح واضحا أن (قحت) في كفة ، وأن الإسلام العريض كقوة مجتمعية في كفة ، وبالطبع تلك خطوة لها حساباتها ومآلاتها الأمنية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية . 
ولكن مما يخاف أذناب الباطل هؤلاء ؟! ولماذا يحسبون إفطارات الإسلاميين مهدد للثورة ، وأي ثورة يقصدونها ؟! تلكم التي إختطفوها وباعوها بثمن بخس دراهم ودولارات عمالة وإرتزاق ، قالها إبراهيم الشيخ وزير الصناعة القيادى بالحرية والتغيير (قحت) مبرئا ذمته ، (أنما شاهدته ساءني كثيرا فما حدث من تعامل مع إفطار الإسلامين وهم صائمون وقبل دقائق معدودة من موعد الإفطار لا يبرر ما حدث مهما كانت تقديرات الأجهزة الأمنية) ، تماما كما وجدت الخطوة إستنكارنا واسعا من قبل مكونات أهل السودان .
لقد كشف بيان تيار الشباب الإسلامي ككيان مجتمعي ، منظم للإفطار دونما مظلة تنظيمية زيف لجنة التمكين ، قالوا أن قوات من الشرطة قامت بتطويق مكان إفطارهم وبدأت بإطلاق البمبان بكثافة على الشباب والنساء والأطفال و كبار السن الذين كانوا في الموقع قبل وأثناء الإفطار والصلاة ، حيث أصيب عدد من الحضور إصابات متفاوتة ، وبناء عليه أرسل هذا التيار عبر بيانه عدة رسائل إلى المكون العسكري في السلطة الإنتقالية ، وإلى قوى الحرية والتغيير (قحت) ، وإلى جماهير الشعب السوداني ، وإلى التيار الآسلامي العريض خاصة ، داعيين الجميع إلي السلمية محذرين في الوقت ذاته من مغبة مثل هذه الإستفزازات .
بلا شك ان البلاد فيها ما يكفيها من الفتن والإحن (الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها) ، لا تضطروا الإسلاميين للمواجهة فإنكم تعلمونهم جيدا ، وليكن معلوما أنهم قد تجاوزوا محطتي (الوطني والشعبي) للتيار الإسلامي العريض ، فاتركوهم ما تركوكم ..!. 
الرادار .. الجمعة 30 إكتوبر 2021 .

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى