اعتذرت قاضية بمقاطعة كيبيك الكندية عن رفضها النظر في قضية سيدة من مدينة مونتريال لأنها كانت ترتدي الحجاب، وذلك بعد أكثر من ٥ سنوات من الواقعة.
في جلسة استماع عبر الإنترنت لمجلس القضاء في كيبيك يوم الثلاثاء الماضي، تلا أحد محامي المجلس اعتذار القاضية إليانا مارينغو إلى رانيا العلول، والمجلس هو الهيئة المسؤولة عن تأديب القضاة في المحافظة.
وقالت مارينغو في بيانها إنها أقرت بأنها أخطأت في مطالبة العلول بخلع حجابها، وإنها تأسف على أي إزعاج سببته لها، وأنها لم تقصد أبدا أي إهانة أو عدم احترام.
بيان الاعتذار
وجاء نص بيان القاضية كالتالي:
عزيزتي السيدة العلول:
في 24 فبراير/شباط 2015، حضرت إلى المحكمة لإسقاط مصادرة سيارتك.
في ذلك الوقت، كنتِ ترتدين الحجاب. نظرا لأنه لا يسمح للمرء عموما بالحضور إلى المحكمة مرتديا أي شيء على رأسه، فقد سألتك عما إذا كنت ترتدين وشاحا لأسباب دينية. أنت قلت نعم. ثم أوقفت الإجراءات من أجل مراجعة الأمر في غرفتي والتداول بشأن ما إذا كان يجب السماح لك بارتداء الحجاب في ظل هذه الظروف أم لا.
بعد المداولة لمدة نصف ساعة تقريبًا، عدت إلى قاعة المحكمة وشرحت لماذا لا أسمعك إذا كنت ترتدي وشاحا على رأسك. ثم دعوتك لاستشارة محام والعودة إلى المحكمة في التاريخ الذي تختارينه لمناقشة هذا الأمر بشكل أكبر.
اعلان
ونظرا لأنك لم ترغبي في اختيار موعد للعودة، فقد أجلت الجلسة على الفور.
وفي وقت لاحق، قدمت أنت وغيرك شكاوى ضدي لدى مجلس القضاء. في ملف منفصل، أصدرت محكمة الاستئناف قرارا يوضح أن لديك كل الحق في ارتداء الحجاب في قاعة المحكمة، وخلصت إلى أنني أخطأت في التشكيك في هذا الحق.
بالطبع، أحترم هذا القرار، وأقر بأنني أخطأت في تفسير القسم 13 من لوائح محكمة كيبيك، وأعتزم من الآن فصاعدا تطبيق المبادئ الواردة فيه.
ورغم رفض مجلس القضاء لشكواك، أريدك أن تعلمي أنني آسفة على أي إزعاج سببه قراري. أود أيضا أن تعرفي أنني لم أقصد أبدا الإساءة إليك شخصيا أو لمعتقداتك.
كانت إشارتي إلى القبعات والنظارات الشمسية تهدف ببساطة إلى توضيح كيفية تطبيق قواعد اللياقة بشكل عام في قاعة المحكمة، ولم يكن القصد منها بالتأكيد عدم احترامك أو احترام معتقداتك.
ختاما سيدتي العلول أقدم لكم خالص اعتذاري، وأتمنى أن تقبليه.
قبول الاعتذار
عادت العلول بالذاكرة ٥ سنوات مضت حين وقفت داخل قاعة المحكمة واسترجعت ما قالته لها القاضية مارينغو، إذا قالت في بيان قبول الاعتذار “أتذكر ذلك اليوم في قاعة المحكمة كما كان بالأمس. لم أستطع أن أتخيل أنني سوف أستبعد من نظام العدالة في كندا بسبب حجابي، وأن حقوقي ستُسلب بسبب معتقداتي”.
وتابعت “كان من حسن الحظ أن مراسل سي بي سي استمع إلى ما قاله القاضي في ذلك اليوم، وأنه هو الذي نشر الخبر. إذا لم يكن الأمر كذلك، فربما لم أكن لأتمكن من استعادة حقوقي أبدا. لم أكن لأعرف إلى أين أتجه. وربما كانت القاضية مارينغو نفسها قد استمرت في إبعاد نساء كيبيك المسلمات عن نظام العدالة”.
وأضافت “كان هدفي الرئيسي في السعي لتحقيق العدالة هو الحصول على حكم أوضح للجمهور أن لي الحق في ارتداء الحجاب في المحكمة، وأن أي شخص يرتدي ملابس دينية له الحق في القيام بذلك أيضا”
وحسب بيان العلول، فقد قالت “لقد شعرت بسعادة غامرة بالقرار الجماعي الصادر عن محكمة الاستئناف في كيبيك الذي تم تقديمه لصالحي، ليس فقط من أجلي، ولكن لجميع سكان كيبيك الذين يؤمنون بالمساواة أمام القانون، أن المعتقدات الدينية التي نتمسك بها بصدق هي حقوق في الديمقراطية”.
وتابعت “لا أحد، ولا حتى القاضي، له السلطة في سلبنا الحق، وقد أرسل هذا الحكم إشارة قوية إلى الأقليات في الإقليم مفادها أن حقوق الإنسان ليست انتقائية، وكان على القاضية مارينغو ممارسة سلطتها على أساس أعلى معايير الحياد والإنصاف. رغم كل هذا، كنت سأقبل اعتذارها لي”.
وفي ختام بيانها تقدمت العلول بالشكر للقضاة على مراجعة القضية وإنهائها بصورة إيجابية، وأكدت على امتنانها لسكان مقاطعة كيبيك الذين دافعوا عنها، وكذلك تقدمت بالشكر للمجلس الوطني للمسلمين الكنديين الذي دعم قضيتها.
قضية عمرها 5 سنوات
تعود أحداث القضية التي أثارت الجدل، إلى عام 2015، حين لجأت العلول إلى محكمة مونتريال لاستعادة سيارتها، لكن القاضية مارينغو قالت للعلول في ذلك الوقت “في رأيي، أنت لا ترتدي ملابس مناسبة. المحكمة مكان علماني ولا ينبغي لمن قبلها ارتداء الرموز الدينية”.
وتم تعليق القضية بعد أن رفضت العلول التخلي عن حجابها أو الاستعانة بمحام لإجراء تلك المهمة، واستعادت العلول سيارتها في النهاية. لكن القصة تصدرت عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم.
وقدم عشرات الأشخاص، بمن فيهم العلول، شكاوى إلى مجلس القضاء.
ورفض المجلس شكوى العلول لأسباب فنية، لكنه وافق على النظر في عشرات الشكاوى الأخرى المتعلقة بالموضوع.
وبحسب الجزيرة نت، طعنت مارينغو في سلطة المجلس لفحص الشكاوى، كما سعت إلى الحصول على إذن لاستئناف قرار محكمة استئناف كيبيك الذي وجد بالإجماع أنها كانت مخطئة في منع العلول من دخول قاعة المحكمة. لكن في عام 2018، رفضت المحكمة العليا الاستماع إلى طعن مارينغو.
أرسل مجلس القضاء رسالة في وقت سابق من هذا الصيف إلى المشتكين لإبلاغهم بجلسة اليوم. وجاء في الرسالة أن “الغرض من هذه الجلسة هو دراسة اقتراح تسوية من المدعين، بما في ذلك خطاب اعتذار من القاضي مارينغو للسيدة العلول”.
الخرطوم(كوش نيوز)