غير مصنف --

دوائر الشر (تنهك) جسد الاقتصاد

رهن مسؤولون وخبراء، خروج السودان من الوضع الاقتصادي الراهن المأزوم، بمحاربة بما وصفوه بـ (الحلقة الشريرة) في الاقتصاد (الخفي)، وكالوا انتقادات للتعديلات المعلنة في موازنة ٢٠٢٠م، وحذروا من نتائجها لانها ستكون (بالكربون) لما حدث في عام ٢٠١٨م، وحملوا المسؤولية لمجلسي السيادة والعسكري ، حال تنفيذها.

وشددوا على أن (دوائر الشر) أقوى من الحكومة، وقدرته الاستخباراتية( أقوى) ، وكانت السبب في المضاربات وتدمير الاقتصاد، لأن فيها (حتيان كبيرة)، وان التمويل المصرفي هو (قاطرة المضاربات) في أسواق الصادر، العملة، الذهب، موضحين ان الجاذب والاختلاف في الحكومة، يؤزم موقف الدولار ويستفيد منه المضاربون، وأكدوا ان البلاد تمضي نحو (الهاوية)، وأدخلت المواطن في ضائقة (غير طبيعية) دون مبرر، وذكروا أن هناك من يتحكم في الاقتصاد بالضغط على(الازرار) للتخريب، وطالبوا بتغيير السياسات الاقتصادية، عبر منظومة شاملة ومتكاملة، وإرادة قوية وتكاتف لتجاوز هذه التحديات.

دوائر الشر
وقال الأمين العام للغرفة القومية للمستوردين، الصادق جلال الدين، الحكومة الانتقالية بإعادة انتاج النظام الاقتصادي للنظام البائد.

وذكر لدى تقديمه ورقة عن (الراهن الاقتصادي المأزوم.. الأسباب والحلول( بالمنتدى الاقتصادي الثالث للغرفة القومية للمستوردين امس، (بعد مرور عام على أداء الحكومة الانتقالية وصل الاقتصاد الى مرحلة كارثية ومأزومة أدخلت المواطن في ضائقة معيشية غير مبررة وغير منطقية)، مؤكدا على ان الأهداف الاقتصادية التي تنادي بها الدولة منذ العام ٢٠١٢ وحتى العام الجاري والتي تضم زيادة الإنتاج والإنتاجية وتحسين سعر الصرف وتنمية الصادرات وترشيد الاستيراد لا يمكن تنفيذها وإنزالها الى أرض الواقع الا عبر محددات معينة أعلنها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في العام ٢٠١٣ ونوه جلال في ورقته ان دون وجود هذه المحددات فإن محصلة هذه الأهداف ستكون سرابا وأشار الى ان الحكومة الانتقالية تسير في ذات الطريق الذي سارت فيه الحكومة السابقة وهي تحديد الأهداف الاقتصادية دون إيجاد المطلوبات، وقال ان ذلك ادخل الدولة في انفاق مبالغ تصل إلى ٢٠مليار دولار اذا استثمرتها الدولة كان يمكن أن تحقق فوائد أكبر بدلا من إنفاقها في برامج معاش الناس والإعفاءات.

وأوضح جلال ان العجز المزمن في الموازنة العامة جعل الدولة تلجأ الى الاستدانة من الجهاز المصرفي عبر طباعة النقود مما أوجد كتلة كبيرة من الكتلة النقدية تطارد سلعا قليلة مما يساهم في رفع معدلات التضخم وخلق المزيد من التدهور في قيمة الجنيه السوداني وإعادة انتاج عجز الموازنة والدوران في حلقة مفرغة.

وأشار الى وجود عدد من الحلقات المفرغة في الاقتصاد السوداني التي تكون نتيجتها زيادة عجز الموازنة بسبب المضاربات ومزيد من التدهور في قيمة الجنيه وزيادة أسعار السلع والخدمات.

وقطع جلال بأن اي تحريك في سعر الصرف الرسمي يؤدي إلى زيادة السعر النازي بذات النسبة مستشهدا بما حدث في العام ٢٠١٨ عندما أقرت الحكومة السابقة تحريك السعر الرسمي من ٦.٩جنيه الى ١٨ جنيها مع قرار رفع الدعم كليا عن القمح ورفع السعر التأشيرية الى ٢٩.٥جنيه الأمر الذي أدى الى زيادة السعر الموازي وعودة دعم القمح مرة أخرى عقب عشرين يوما من رفعه.

وأكد جلال ان تحريك السعر الرسمي جعل السعر الموازي يتصاعد الى ٩٠جنيها ليسجل الجنيه السوداني هبوطا بنسبة ٢٧٥٪ خلال عام لا سيما بعد إنشاء ما يعرف بآلية صناع السوق التي رفعت السعر التأشيري الى ٤٧ جنيها.

وأوضح انه بعد الثورة انخفضت أسعار الدولار وتساوت قيمة السعر الرسمي مع السعر الموازي لافتا الى مناداة الغرفة حينها بخفض السعر الرسمي الى ٣ جنيهات إلا ان التخفيض كان من ٤٧الى ٤٥جنيها، كاشفا عن ان التخفيض في السعر الموازي كان بنسبة ٤٪.

وأشار الى كارثية القرار الذي تعتزم الحكومة الانتقالية تطبيقه برفع سعر الصرف وقال إذا الحكومة رفعته الى ٣٠٠فان السوق سيصبح بـ٣٥٠ جنيها وأردف من باب الحياء لا يمكن للحكومة اتخاذ قرار كهذا لجهة ان الثورة قامت في الأصل من أجل الاقتصاد وأكد ان ما يحدث سيهزم السودان، وهذا الوزر لا تتحمله وزارة المالية ولا رئيس الوزراء بل حتى المجلس السيادي الذي أجاز هذه الموازنة الكارثية على حد تعبيره.

ونوه جلال إلى وجود تضارب مصالح خاصة في اتحاد أصحاب العمل لافتا الى ان المستوردين لا يتضررون من الدولار الجمركي بل ان زيادة الدولار الجمركي تؤذي الاقتصاد كله كما حدث في العام ٢٠١٨ موضحا الى ان الدولار الجمركي يعمل على زيادة السلع والخدمات والتكاليف ويقلل من الطلب ويرفع الإنتاج وينعكس على اقتصاد الظل ويستخدم في التأثير السلبي على الصادرات التي لا نستطيع المنافسة.

وكشف عن ارتفاع أسعار الصرف بنسبة ١٢٢٠٪ خلال الفترة من ٢٠١٢و٢٠١٨ موضحا وجود عوامل اقتصادية كثيرة تؤثر على سعر الصرف من بينها المضاربات وعرض النقود والأرباح الاستثمارية والميزان التجاري. واتهم جلال شركات الاتصالات بعدم الشفافية وعدم معرفة أرباحها الاستثمارية التي تستخدم في المضاربات وشراء الأراضي وشدد على أهمية تغيير العملة بعد حديث وزيرة المالية عن التزييف لجهة ان التزوير يهزم الثقة في الجنيه السوداني.

واتهم جلال جهات أسماها بدوائر الشر وهي التي تعمل على صناعة التضخم من خلال التمويل المصرفي المستخدم في أسواق الصادر والمضاربات كما حدث في سوق الذهب مؤخرا، وقال ان التمويل المصرفي المحدد بـ٥٠٪من الاحتياطي لكل الأغراض يتحول إلى المضاربة في سعر الصادر والوارد.

وانتقد جلال عدم قيام الحكومة بإصلاح الجهاز المصرفي لافتا الى ضرورة تغيير السياسات وليس الأفراد، وقال ان النظام الفاسد يخلق مزيدا من الفاسدين وأشار الى أن التمويل المصرفي قاطرة لتدمير الاقتصاد السوداني، وقال ان الأفراد الموجودين في هذا النظام أقوى من الحكومة وحذر من المضي نحو الهاوية والهلاك لافتا الى أن قيمة الجنيه السوداني يجب ألا تتجاوز الـ ٥٠جنيها.

وحدد جلال مفاتيح الحل في تحسين واستقرار سعر الصرف وضرب وتكسير دوائر الشر وإصلاح السياسات المالية والنقدية وتفعيل الدور الرقابي وردم الهوة في عجز الميزان التجاري عبر ترشيد الاستيراد وتعظيم الصادرات وتقليل الانفاق العام.

وتوقع جلال خروج المستوردين المعنيين باستيراد السلع المحددة في برنامج سلعتي عقب دخول شركة حكومية السوق وحولها على الإعفاءات واستيرادها للسلع.

ولفت جلال الانتباه الى التهريب عبر المستندات الذي يتم عبر البريد وتأجير السجلات والحلويات المختلطة والرقم الوطني وكشف عن تقديم رؤية لتنظيم التجارة الخارجية قبل ٥ شهور لوزير التجارة وأشار الى ان الحكومة الانتقالية تعمل على أذية الاقتصاد السوداني بسياسات ضعيفة مؤكدا ان سياسات الإصلاح الاقتصادي تتطلب التكاتف والتعاضد، وقال ان الإصلاح يحتاج إلى إرادة سياسية قوية.

اقتصاد (الجلابة)
قال مستشار رئيس الوزراء د. آدم حريكة، ان برنامج الحكومة الانتقالية المعلن، يجب تطبيقه (سواء كنا على اتفاق أو اختلاف مع البنك)، وزاد انه ليست له علاقة بالبنك الدولي، وان مشكلة الاقتصاد السوداني بدأت منذ عام ٢٠٠٥م، عندما تم رفع قيمة العملة الوطنية لأكثر من ٣ جنيهات مقابل الدولار، وبسببها تحول الاقتصاد الى (اقتصاد جلابة) تجارة بدون انتاج، بالإضافة إلى أن ربع سكان السودان موجودون في الخرطوم غير منتجين يعتمدون على سلع (مستوردة ومدعومة)

وأكد ان البلاد في حاجة لمنظومة سياسات متكاملة لحل الأزمة، وإزالة التشوهات في السياسات التي برزت في سعر الصرف، وتقليل معدلات الإنتاج والنمو حتى صارت سالبة، ثم إيجاد معالجات جذرية لنظام الدعم.

وحصر حريكة، مشكلات السياسات المشوهة في الفساد وضعف الأداء في الضرائب والجمارك، ولابد من توحيد سعر الصرف، موضحا ان تعددها انعكس سلبا على (المواطن المسكين)، موجها الى ضرورة تحديد الأسعار وتقديم الدعم المباشر، وقلل من جدوى الحلول الأخرى، لانها تخلق ندرة.

لافتا الى أهمية النظرة الشاملة والمتكاملة، بجانب تشجيع الانتاج و الاستثمار والاستيراد، لتوفير مدخلات الإنتاج والاستثمار.

سبب التلاعب
ولفت رئيس اتحاد الغرفة التجارية، بابكر التوم الى ضرورة ترشيد الدعم والاستيراد، وقال إن مشكلة الدولار الجمركي لا تعالج الأمن خلال تخفيض نسبة الجمركية، وأشار الى أن حصيلة الصادر ملك للمصدرين واذا وجد تلاعب فهذا بسبب فرق السعر فالمتضرر الأول هو المصدر، ودعا المركزي الى إلزام البنوك التجارية ان تتحمل مسئولية الصادر والحصيلة.

اتهامات وإهدار
وفي المقابل اتهم الخبير الاقتصادي د. صدقي كبلو، المستوردين بنقل ( سوق النقد الأجنبي) للخارج، وحرمان السودان من تحويلات المغتربين ، واستيراد سلع تفاخرية وأخرى غير ضرورية، بينما المطلوب توفير مدخلات الإنتاج، متسائلا كيف يستخدم المستوردون والمصدرون أرباحهم، مشددا على ضرورة إعادة تنظيم قطاع الاستيراد، وقال ان تنظيم (يعيد العافية الجنيه السوداني)، واعتبر أن حوالي ٣.٥ مليارات ونصف (مهدرة) في سلع تفاخرية ومحاربة الصناعة السودانية، داعيا الرأسمالية الوطنية لاستغلال أرباحهم في الإنتاج والصناعة، مشيرا الى أن كل (من هب ودب) يعمل في الاستيراد والتصدير.

فساد خاص
قال الخبير الاقتصادي مضوي إبراهيم ،ان الفساد ليس مقصورا على المؤتمر الوطني ، فقط بل تعداها إلى القطاع الاقتصادي والخاص بصورة أكبر، ورهن تعافي الاقتصاد بإنشاء مفوضية مكافحة الفساد وإصلاح الخدمة المدنية وزاد (الاقتصاد لا يتعافى لو ما قامت مفوضية الفساد )على حد تعبيره، ودعا مضوي لوضع حزمة من السياسات الكلية المتكاملة للخروج بالاقتصاد. ،وقال ما يوجد من سياسات حالية تقوية للفساد في إشارة إلى محفظة السلع الإستراتيجية.

دعوة للتمرد
ويرى الاقتصادي محمد شيخون، ان حل المشكلة تكمن في التكاتف ومحاربة الاقتصاد )الخفي) لإعادة الحلقة (الشريرة المسنودة) بالسياسات والتشريعات التي لا تزال سارية، ولابد من (التمرد) لتوفيق مابين المطلوب (ما عندنا وعندهم) وتغيير تلك السياسات، لانها( مفروضة علينا)، وأضاف : الحكومة في حاجة لإعادة المساهمة العامة، من خلال مشاركة القطاع الخاص فيها بنسب أكبر، وذكر ان الدولة (ضعيفة) فيما يخص عائدات النقد الأجنبي، ودعا الحكومة لإسناد المصدرين والمستوردين معا، لانه تعيد للجنيه قوته، وتحارب الاقتصاد الخفي.

هجوم وغربلة
شن القيادي بقوى الحرية والتغيير، إبراهيم الامين هجوما كاسحا على الحكومة الانتقالية وقال ان هذه الحكومة ليست بقامة ثورة ديسمبر المجيدة.

واكد على أهمية تصحيح المسار والالتزام الكامل بموجهات وشعارات الثورة وقال (نحن حريصون على الثورة واستمراريتها).
وأضاف على أنه بالرغم من معاناة المواطن الاقتصادية إلا ان هنالك ضوءا في نهاية النفق.

وتأسف الأمين على تفشي الفساد بصورة كبيرة وذكر ان الفاسدين أصبحوا أقوى من الحكومة.
ونوه الى وجود بعض الشرائح استفادت من النظام السابق وتستفيد من النظام الحالي لافتا الى ضرورة (غربلة) لكل شيء.
وانتقد انشغال الحكومة الانتقالية بالدعم حتى نهاية الربع الأخير من العام الجاري مشيرا الى انه حتى إذا تم رفع الدعم فإن الهبوط المتواصل لقيمة الجنيه السوداني لن تجعل الاقتصاد السوداني يستفيد من ذلك.

سقوط النظام
وأوضح الخبير الاقتصادي د. شوقي عزمي ان سعر الصرف الموازي يرتفع أحيانا بأكثر من النسب في السعر الرسمي وان وزارة المالية تصر على رفع سعر الدولار وتتناسى اي تحريك في تحرير الدولار يؤثر سلبا في الموازي، وأضاف إذا البنك المركزي لا يتوفر له رصيد من العملات سوف يظل يرتفع سعر الصرف وقد يصل الى الف جنيه وبالتالي تتوقف حركة الاقتصاد بالبلاد وتصبح في حالة ركود وتتوقف الحركة التجارية بالكامل، واستنكر الحديث عن توحيد سعر الصرف وانه خطأ كبير يتحمله المواطن الفقير الذي يقدم له دعم بواقع ٥٠٠ جنيه في الشهر واعتبرها من السياسات الخاطئة، وأضاف يجب أن يكون دعم المواطن بدعم الوقود لكي يستطيع الحصول على سلعة زراعية بتكلفة قلة، وانتقد شوقي ارتفاع تكلفة الجازولين قائلا هذه التكلفة رفعت معها كافة الأسعار وتضرر المواطن، وأضاف مجرد الشائعة بتطبيق الميزانية المعدلة والتي لم تطبق على أرض الواقع ارتفعت الأسعار بصورة كبيرة جدا والترحيل ارتفع بنسبة تجازوت ٦٠٠ الى ٧٠٠ % للمواطن وأثر على حركة الاستيراد متسائلا من يتحمل هذه التكلفة وجزم بالقول هنالك سياسات كثيرة للسيطرة على الموارد وهي خارج يد الحكومة التي أقرت بأن ٨٣% من الموارد خارج سيطرة الحكومة يجب عليها مشددا على ضرورة استعادة هذه الموارد وأردف. لا بخاف من دبابة ولا دبورة الشعب الذي أسقط نظام البشير يستطيع أن يسقط غيره في إشارة له بأن الثورة لم تتغير كثيرا في السياسات واستدرك بالقول للأسف الشديد هي نفس السياسة التي تتحدث عن تحرير سعر الصرف وبالتالي يجب أن تصحح مسار الثورة وأشاد بالورقة التي قدمت بأنها شاملة وتصلح ان تكون ضمن أوراق المؤتمر الاقتصادي وتتبناها الدولة في الفترة المتبقية لها.

ابتهاج متوكل

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button