(حرفياً، بقينا في زمن صعب لدرجة أن كل تصرفات أولادنا ما بتشبه أعمارهم، ومن الصعب تصديق أن طفلا ما اتعدى عمره (12) سنة تقريباً عنده في حساب فيس بوك، والألعن من كدا فيه أكتر من (8) حبيبات كحد أدنى، وفي الوقت المفترض يحفظ فيه جداول الضرب للأسف مخصص لتوزيع أدوار حبيباته على فيس بوك وانتحال شخصيات)، هذا ما ورد على لسان إحدى ممارسات الطب النفسي بإحدى المدارس الخاصة التي فضلت حجب اسمها، مضيفة إلى حديثها أنها قد شاهدت وقائع صادمة من تلاميذ المدارس تتعلق بتخطيهم للخطوط الحمراء جراء التعامل مع الهاتف الذكي، وأوضحت أنه من الأجدر أن تتولى الأسر إدارة تصرفات أبنائها على الميديا والاهتمام بأمر توزيع أولويات اهتماماتهم واختيار ما يتناسب مع أعمارهم في فترات وجودهم بالمنزل والعطلات، كاشفة عن تغيب دور الأسرة في ضبط سلوكيات أبنائها وانعدام متابعتهم في أغلب المدارس التي عملت بها.
(1)
ربة المنزل أماني عبدالرحمن أشارت إلى أن هذه المرحلة العمرية أكثر المراحل التي يجب أن تتوفر فيها رقابة الأسر والإرشاد التربوي من قبل الأساتذة معاً لصعوبات التربية بشكل عام، ملفتة إلى أن هناك برامج تسمح للأسر بمراقبة أبنائها عن طريق ربط هواتفهم النقالة بهواتف أبنائهم وأن أفضل ما تفعله الأسرة هو تحديد أوقات يمكن لطفلها استخدام الهاتف ويمنع دونها شريطة أن يتبع المنع أسلوباً مقبولاً حتى لا ينعكس سلباً بصورة تولد رغبة الممنوع، لافتة إلى أن نمنعهم من حمل الهواتف أثناء اليوم الدراسي وتحديد برامج معينة وكذلك الألعاب وأن أحياناً قد تنبثق إعلانات لبرامج غير أخلاقية وألعاب لا تناسب أعمارهم لذلك تجب مراقبتهم عن قرب، وأكدت ضرورة توعيتهم بما هو مقبول وما هو خطأ لتلافي الوقوع فيه وضرورة البعد عن مخاطر الميديا والتواصل غير المشروط.
(2)
وأكدت نهال عوض في حديثها معاناتها في إصلاح أمر عدد من فتيات وذكور بأسرتها لم تتعدَ أعمارهم سن الطفل القانونية بعد وأن عدداً منهم لم يصل مرحلة المراهقة بعد لكنهم في ظل الانفتاح الذي يشهده العصر قد تعدوا ذلك العمر بأخطاء فادحة، شارحة أنها شهدت حوادث أسرية يقوم بها مراهقون تفوق حجم عقليتهم والحدود المسموح بها وأن لهم تجاوزات عبر الهاتف غير مقبولة، وأبانت أن بعضهم يستخدمون هواتف والديهم للدخول إلى عالم الميديا وأنهم قد اتخذوا داخلها مسارات غير صحيحة وأن ما ساعد على كشف أفعالهم إستعصاء محو ما تمت مشاهدته أو العبث به أو نسيان فعل ذلك، مبينة أن بعضهم يعتقد حمل الهواتف من الأشياء التي تستحق الفخر وتجعل منهم محبوبين لدى الفتيات.
(3)
فيما أفادت أخصائية علم النفس عبير شيخ الدين السيد في حديثها لـ(كوكتيل)، أن الهاتف بصورة عامة سلاح ذو حدين تصنف خطورته حسب استخدام الطفل المراهق له بين السلب والإيجاب، فالتواصل مع الأصدقاء والزملاء وحتى المدرسين مفيد لتعميق العلاقات وتقريب البعيد في المراحل الدراسية ولتبادل المعلومات والأخذ والعطاء فيما بينهم وإن توفرت به العاب تساعد على نمو عقليته وزيادة ذكائه فلا ضرر به، مؤكدة أن الجانب السلبي يتمثل في استخدام الهاتف في الألعاب التي تمثل خصماً على عقليته وكذلك استخدامه في تفريغ الطاقة الجسدية والجنسية والعبث عبره مع الفتيات وجميع مفتقري الأخلاق الذين تكاثرت أعدادهم داخل الميديا، فيما بينت أن الهواتف ساعدت بشكل كبير في تعلم بعض المصطلحات غير المقبولة اجتماعياً وسط الشباب والأطفال لذلك على الأسر مراقبة استخدامات أطفالها للهواتف لما لها من آثار حدية، وذهبت إلى أن حرية الاستخدام قد تبيح لهم التوجه نحو المواقع الإباحية والعبث داخلها سواء كان ذلك فضولاً أو دون قصد، مشيرة إلى أن ما يمنع وقوعهم في تلك الأخطاء التربية النفسية والاجتماعية والدينية الصحيحة ومراقبة الأسرة لممارساتهم فهناك مراحل لا يجوز فيها ترك الحبل على الغارب لتفادي الغرق ببحر المعلومات السيئة وأن على الأسرة تشجيع أبنائها على السلوك القويم والاهتمام بحياتهم العلمية والتوعية المستمرة مشددة على أنه لا يمكن حرمانهم من الهواتف لأن هذا يولد عناد المعرفة لأسباب المنع ولأن الحرمان يخلق العقد النفسية فما علينا هو مراقبة ما يحدث داخل عالمهم عن قرب.
صحيفة السوداني