السودان اليوم:
آن لي في أواخر ايام الانقاذ أن أجلس الي د. حسبو محمد عبدالرحمن مرتين..
وكانت سانحة مناسبة للتعرف عليه عن قرب..
هالني ذلك الحضور اللافت وتلك (الكاريزما) الواضحة بما دفعني للتصريح بعدها لمرافقي أن ميزات الرجل الطاغية ستكونان خصماً عليه في معركة (الحسادة) عند مواجهة (حزب أعداء النجاح)..
وسريعاً ما تحققت تخرصاتي..
استبدل حسبو بـ(يوسف كبر)!!..
كان ذلك في قمة نجاح نائب البشير القوي والممسك بملفات بالغة الحساسية ناسجاً فيها نمنماته التي شادت اختراقات عظيمة وملحميات عصية كان آخرها حملة جمع السلاح الجسورة..
جسر عليها على نحو مصادم وآثر ان يخوضها على طريقة:
(ادخلوا عليهم الباب فاذا دخلتموه فانكم غالبون)..
حتى أن قوى داخل المؤتمر الوطني كانت (تهمهم) وتهم بأمر ترشيحه بديلاً للبشير في 2020 ، وغالب الظن أن هذا ما جر على حسبو (الهوا)..
فتلك منطقة لا يجاز لأحد دخولها أو الاقتراب والتصوير ..
أو محاولة فك ضفائر رموزها..
لم يكن بين البشير ونائبه ما يشي باعتلال العلاقة أو فتورها، حتى ان الرئيس السابق اكتفي عند ابلاغ حسبو بالقرار ان يقول دون ان يرفع راسه لينظر في عينيه:
(الناس محتاجة لي تغيير)..
تغير حسبو ذات قرار، وأعقبه مباشرة تغيير النظام ولعلها (النفيسة)..
تذكرت ذلك وأنا أدلف الى بيته بعد خروجه من المعتقل بعد 16 شهراً..
و الذي اقتيد إليه في 23 أبريل 2019..
المنزل المكون من طابقين يقع على شارع ضيق في المعمورة مربع 70 على بعد شارعين من منزل الفنان المرحوم محمد عثمان وردي..
▪️ومرة أخرى يدهشني الرجل..
فقد غصَّ المكان بجموع غفيرة من مختلف اطياف المجتمع السوداني، كان الحضور السياسي والقبلي فيه اكثر وضوحاً..
لم تنقطع الوفود حتى انك لتوقن أنها لم تسقط بعد..
بدأ وكأن حيويته تضاعفت في المعتقل..
وبدأ مستعداً لكتابة مرحلة جديدة من تاريخ مساهمته في المنهمك العام..
برغم انه يصر على القول لندمائه المتحلقين حوله -حلقة فحلقة- انه عازف عن تسنم أي أدوار سياسية في هذه المرحلة..
الا انه ادعاء ووعد لن يستطيع حسبو الايفاء به..
تعطيل آلة حسبو في التفكير الإبداعي والتفاعل الايجابي والاصغاء المفتن وقول الصواب أمر مستحيل..
(ولن تشيخ الشمس من طول الضياء
ولن يشيب البدر من داء الدوار)..
حسبو لا يمكن توفيره.
كانت الخرطوم يومها تطن بالخبر العجيب:
(نجاة حسبو من محاولة اغتيال)..
ولأنني وفدت عليه في هزيع الليل
حكي لي ذات القصة التي سبق ان رواها مئات المرات للجموع الزائرة..
(اريتو كان التمساح اكلني)،
وكانه يحكيها لأول مرة..(من
طقطق لسلامو عليكم)..
محاولة الاغتيال لم تكن موجودة إلا خارج دائرة المعمورة..
جاء أحدهم مخفوراً إلى بيت حسبو دون سابق إنذار ولا معرفة..
كان محبوساً على ذمة اتهامات جنائية خطيرة..
خدع المحقق والسجان وجرهم للمعمورة بغية محاولة الهروب..
داخل بيت حسبو اكتشف المرافقون أن الرجل يجدد مراوغاته السابقة ولا أمل في المشوار ..
فلا الدار داره وهو لا يعرف صاحب الدار !!
وقبل أن يخرج عليهم حسبو قرروا اعادته الي الحراسة..
في الخارج سنحت له الفرصة فغافل الحراس وانطلق بالعربة لمسافة 150 مترا فقط..
وتلك كانت آخر مسافة يقطعها (م.أ) في حياته القصيرة، انهمر الرصاص عليه، منهياً محاولته البائسة واليائسة للهروب، ولتبدا الخرطوم في (اللواكة)..
وهي (مسكينة) ومحقة..
ظمآنة لمن يحرك راكدها ويشعل اوارها..
وإن كان ذلك على حدود منطقة جزاء الحقيقة..
لكن المهم حقا ان حسبو مرق من (الانكتامة والحرة..)
لم يتشكي ..
مستمسّكاً بالصدق
والحلم النَّقي دون البوح .!
لم ينزع من الجدران
تلك الأحجيات والخطيئة..
قادرا على الشهوة الباقية..
محتفظا بتلك المسافة وطرائق قددا..
ولدا (مرق) فوق عزة…
أما احمد هارون فقد جهر بالقول:
(نحن جرارقو يا ساتر علي ناس برة).
The post مرقة حسبو!!.. بقلم اشرف خليل appeared first on السودان اليوم.