* نشرت شركة الفاخر اعلانا تجاريا في الصحف تهدد فيه بالملاحقة القانونية لمن وجهوا اليها الاتهامات والاساءات إثر المبادرة التي تقدمت بها في شهر ديسمبر الماضي لوزارة المالية لشراء الذهب المهدر الذي عرفته بأنه (الذهب الذى يهرب خارج السودان بدون ان تنتفع منه الدولة)، وتصديره واستغلال عائداته في استيراد المواد البترولية والقمح والغاز بغرض المساهمة في حل الضائقة الاقتصادية في البلاد!
* يقول البيان الممهور بتوقيع المستشار القانوني للشركة (الصافي بشير الصافي): “قامت بعض الجهات المحلية بتوجيه انتقادات حادة للمبادرة الوطنية الخالصة التي تقدمت بها شركة الفاخر للأعمال المتقدمة المحدودة لوزارة المالية والاقتصاد الوطني بغرض المساهمة في توفير السلع الاستراتيجية من قمح ومواد بترولية وغاز وتمثلت آلية المبادرة بان تشترى الشركة من (مواردها المالية الخاصة) الكمية التي يمكن ان تحصل عليها من الذهب المهدر الذى كان يجرى تهريبه خارج السودان وتحرم الدولة من عائداته من العملة الاجنبية، وان تقوم الشركة بتصديره وتخصيص عائد صادره لشراء السلع الاستراتيجية واي سلع اخرى تحتاجها البلاد وان تقوم الوزارة بدفع قيمة فواتير واردات السلع الاستراتيجية بالعملة المحلية في السودان لكى يتسنى لها استغلال تلك المدفوعات مرة اخرى لشراء الذهب من السوق المحلى بالعملة المحلية وتصديره بذات الالية وهكذا دواليك ”
* ويضيف البيان بما ان (الفاخر) شركة تجارية وليست جمعية خيرية، فلقد توقفت منذ يونيو الماضي عن شراء الذهب من الاسواق المحلية وتصديره واستيراد السلع الاستراتيجية نظرا للمضاربات الكبيرة التي حدثت في اسعار العملات الاجنبية وادت الى ارتفاع جنوني في اسعار الذهب محليا، ونفت احتكارها لاستيراد السلع الاستراتيجية، ودللت على ذلك بان الكميات التي استوردتها من القمح لا تتجاوز 10 % من احتياجات البلاد، و8% من المواد البترولية!
* أتساءل: كيف يتيسر للشركة أن تعرف او تحصل على الذهب المعد للتهريب، حيث يشير البيان الى أن الذهب الذى تشتريه وتقوم بتصديره هو الذهب (المهدر) الذى تحرم الدولة من عائداته بسبب تهريبه الى الخارج، إلا إذا كانت تعلم الغيب أو تستطيع الدخول في نيات المهربين والاتفاق معهم على شراء هذا الذهب منهم بدلا عن تهريبه !
* هذا الذهب من ناحية قانونية يُعتبر ملكا للدولة، إذ ان القانون يصادر كل المواد المعدة للتهريب لصالح الدولة عند ضبطها، وبالتالي كان على شركة الفاخر من منطلق الوطنية والحرص على مصالح الدولة العليا، ان تبلغ الدولة عن نية او رغبة البعض في تهريب الذهب حتى تتولى ضبط المهربين ومحاكمتهم ومصادرة الذهب منهم لصالح الدولة، بدلا عن شرائه منهم بما يعد إغراءً لهم لمواصلة عملهم غير القانوني!
* وبما ان الشركة تقوم ببيع الذهب (المهدر) للحكومة بالعملة المحلية في شكل سلع استراتيجية فإنها تكون قد باعت للدولة حقا لا تمتلكه، وأضاعت عليها الملايين من الدولارات، فأين هي الوطنية الخالصة التي تتحدث عنها الشركة ؟!
* لكن ليست هذه هي المشكلة، فهي كما قالت شركة تجارية تسعى للربح وليست جمعية خيرية، ولكن المشكلة كيف توافق وزارة المالية على ذلك العرض الغريب وتبديد أموال الدولة بالسماح لشركة خاصة بشراء الذهب المهدر (المعد للتهريب) وبيعه لها في شكل سلع اخرى والتربح منه رغم انه مملوك للدولة حسب القانون، ومن حق الدولة متى ما احبطت محاولة تهريبه مصادرته لصالحها والتصرف فيه، لا شراءه ممن يشتريه من المهربين .. إنها بكل المقاييس أشبه بجريمة شراء المال المسروق، بل تتعداها الى جريمة تخريب الاقتصاد الوطني!
صحيفة الجريدة