السودان اليوم:
ونعود لموضع حفلات الأعراس التي كانت (تفوتنا) في الصغر بعد أن نغالب النعاس فيهزمنا النوم لنصبح غداً نبحثُ عن ليلة (ما مشهود مثيلا) في أفواه أترابنا وقد ضاعت علينا. وها هي قد مضت ليلة (جوبا) الموعودة وحق لنا أن نسأل حكومتنا (أها الحفلة كانت كيف)؟ وقيل أن الفنانة (ندى القلعة) قد أحيتها بدعوة من حكومة دولة جنوب السودان (محظوظة لكن) و(ندى) أخرى إفترشت الارض وإلتحفت السماء تحتضن أطفالها بود رملي والكلاكلة والشقيلاب و(ندى) أخرى ترمّلت وأخرى ثكلى فقدت الأب والأخ والإبن بكسلا ودارفور وجنوب كردفان. ورغم هذا سنسأل ببلاهة وتبلد إحساس بمصائب الآخرين ونحن نفرك أعيننا (الحفلة كيف؟). ومقاطع (الفيديو) المؤثرة تقطع نياط القلوب والحمد لله كما حدثنا ودعونا في مقال الأمس أهلنا الغبش أن لا ينتظروا الحكومة وأن يستحضروا الشاعر أبو قطاطي و كلماته الشامخة (الفينا مشهودة عارفانا المكارم نحن بنقودا والحارة بنخوضا). نعم تقاطر الخيرون بلا حكومة المشغولة بتوقيع الأحرف الأولى (حدّ القشرة) وغير المعنية بالدماء والغرق والتشرد تحركوا بلا تخطيط يقدمون المأوى والطعام والكساء. أعرف إحدى زهراوات بلادي لم تنتظر الصباح إلا وقد جمّعت من الحي الذى تسكنه بشمال الخرطوم ما فاض من الملابس وانطلقت لأحد تجار الإجمالي فأودعت عنده بعضاً من المال وملأت عربة (بوكس) من الدقيق والزيوت والشعيرية والسكر وغير ذلك من مستلزمات أن تبقى حيّاً تتنفس في زمن (القحط) ثم أجرت العديد من الاتصالات الهاتفية بالداخل والخارج تستنهض الهمم وتعلي من قيمة الإنفاق فدعمت وآزرت بعضاً من الأسر المنكوبة بود رملي.
هذا غيضٌ من فيض هذا الشعب الكريم. أما من بقى من الحكومة ولم يذهب (للحفلة) فقد بقي عاجزاً وحتى من وصل فقد وصل بعد صباح اليوم التالي كما وثقت ذلك بعض الشهادات بمقاطع الفيديو المؤثرة لأسر خرجت تحمل أطفالها بعد أن أصبحت ديارهم بعضاً من الذكرى المنسية. فقبل أن نلعن الظلام دعونا نوقد شمعة لنستنهض همم رجال الأعمال والميسورين ومن له فضل زاد وفضل ظهر أن يُدركوا أهلهم في المناطق المتأثرة بالفيضان والأمطار، فالوقت ليس للحديث عن حلول مستقبلية بقدر ما هو لإغاثة ملهوف وحفظ نفس بشرية وجدت نفسها فجأةً في العراء فاللفيضان ما بعده من آثار بيئية وصحية تستلزم تضافر جهود الخيريين والمنفقين وجهود قوات الدفاع المدني والصحة والقوات النظامية الأخرى وشركات القطاع الخاص، أما حكومتنا فكما نادينا بالأمس عالياً لا تنتظروهم ففاقد الشئ لا يُعطيه، حكومة لم تخرج من الخرطوم وتنزل من عليائها لأحداث (كسلا) الجريحة ودارفور فهل ستخرجها الفيضانات؟ ولكن يا للعجب أخرجتهم من سباتهم حفلة لـ (ندى القلعة) فهرولوا إلى (جوبا) ولسان حالهم يقول: (وجهنا الجهات المختصة بإتخاذ اللازم)! وكان يُمكن أن يكون تمثيلاً رمزياً أو أن يؤجل التوقيع بالكلية لموعد آخر ولكن لقد أسمعنا لو نادينا حيّاً ولكن لا حياة لمن ننادي . فمن رأى منكم (حمدوك) يمشي في الشارع فليقُل لي وله الأجر ويكون قد أضاف لعجائب الدنيا الثامنة؟ فمثل هذا لا يُسأل عن هذه الأمور البسيطة (بزعمهم) فيضان واقتتال قبلي ونزوح فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائمُ وهذا منتهى فهم الحكومة ولا يكلف الله حكومةً إلا وسعها. (الله يصبرنا غايتو).
قبل ما أنسى: ــــ
من أسس الحُكم القاعدة الجماهيرية التي تدعمه فاين قاعدة (قحت) ولم لم يهبوا من ترّسوا الشوارع (بالانترلوك)، ليترسوا البحر مع أهل (توتي) فأين ذهب هؤلاء يا تُرى؟.
The post أها جوبا كيف؟.. بقلم العيكورة appeared first on السودان اليوم.