كَشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية بأن المُحادثات بين المسؤولين السودانيين والإسرائيليين مستمرة منذ أشهر برعاية “مصرية، إماراتية وأمريكية”، وقالت الصحيفة إنّ مسؤولاً حكومياً رفض الإفصاح عن هويته لأنه غير مخول للتحدث مع وسائل الإعلام، أكّد أنّ المُداولات بين المسؤولين السودانيين والإسرائيليين مستمرة منذ أشهر بمساعدة مصر والإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، وأضَافَ بحسب الصحيفة أنها مسألة وقت ونحن بصدد الانتهاء من كل شئٍ، وشجّعتنا الخطوة الإماراتية وساعدت في تهدئة بعض الأصوات داخل الحكومة التي كانت تخشى رد فعل عنيف من الجمهور السوداني.
تمدُّد أفريقي:
وقالت الصحيفة، إن التطبيع يعد خطوة نحو رفع اسم البلاد من قائمة الارهاب، مبيناً بأن مسؤولاً سودانياً أقر في فبراير الماضي بأنّ الاجتماع مع رئيس الوزراء نتنياهو تم بتنسيق مع الإمارات ويهدف إلى إزالة البلاد عن القائمة التي تعود إلى التسعينات، وأضافت أن الصفقة مع السودان يُمكنها أن تمنح نتنياهو دفعة في الداخل بعد انخفاض شعبيته بسبب جائحة “كورونا” وتعرُّضه لمحاكم بتهم الرشوة والاحتيال، وأوضحت الصحيفة بأن إسرائيل تسعى لكسب الدعم الأفريقي في الجمعية العامة للأمم المتحدة والهيئات الدولية الاخرى التي طالما وقفت مع فلسطين من خلال تقديم خبرتها في المجال الأمني ومجالات أخرى، واشارت الصحيفة بأن التطبيع مع الإمارات يعد ثالث تطبيع بعد مصر والأردن وأن إعلان السودان جاء بعد أيام قلائل من التطبيع مع الإمارات، وجَدّدَت إسرائيل العلاقات الدبلوماسية مع غينيا في العام ٢٠١٦ بعد أن زار نتنياهو تشاد لتجديد العلاقات العام ٢٠١٩ وردّد بأنّ إسرائيل تعمل على إطفاء الطابع الرسمي في العلاقات مع السودان.
اختراق دبلوماسي:
وكانت إسرائيل والسودان أعلنتا يوم الثلاثاء، أنّهما على وشك التوصُّل إلى اتفاق سلام – مِمّا يُمهِّد الطريق لاختراق دبلوماسي دراماتيكي ثانٍ مُحتمل لإسرائيل مع جيرانها العرب في غُضُون أيّامٍ.
وأعلن مسؤولٌ في وزارة الخارجية السودانية أنّ حكومته “تتطلع إلى إبرام اتفاق سلام مع إسرائيل”، مستمدةً تعهدًا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ”القيام بكل ما هو مطلوب” لإنهاء الصفقة. وجاءت هذه التصريحات بعد أيام من إعلان إسرائيل والإمارات العربية المتحدة اتفاقهما على إقامة علاقات دبلوماسية رسمية. في حين أن السودان ليست لديه موارد ونفوذ الإمارات العربية المتحدة، إلا أن تاريخه أكثر عدائية تجاه إسرائيل، حيث استضاف السودان المؤتمر العربي التاريخي بعد حرب عام 1967 حيث وافقت ثماني دول عربية على “اللاءات الثلاثة”: لا سلام مع إسرائيل، لا اعتراف بإسرائيل ولا مفاوضات. وفي عام 1993، صنّفت الولايات المتحدة السودان كدولة راعية للإرهاب جزئيًا لدعمها لعددٍ من الجماعات المُسلّحة المُناهضة لإسرائيل، بما في ذلك حماس وحزب الله. غير أنها في السنوات الأخيرة خفت نبرة العداء، وأبدى البلدان استعدادهما لتطبيع العلاقات.
سياجٌ أمريكيٌّ:
ومن شأن اتفاق إسرائيلي مع السودان أن يمثل نكسة جديدة للفلسطينيين، الذين طالما عولوا على العالم العربي للضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات لهم كشرط للتطبيع، حيث كان جدار الدعم العربي هذا لفترة طويلة إحدى نقاط الضغط الفلسطينية القليلة ضد إسرائيل. وقطعت السلطة الفلسطينية المُعترف بها دوليًا، العلاقات مع البيت الأبيض بعد أن اعترف الرئيس دونالد ترمب بالقدس المُتنازع عليها كعاصمة لإسرائيل في ديسمبر 2017. ورفض الفلسطينيون خُطة ترمب للشرق الأوسط التي صدرت في وقتٍ مبكرٍ من هذا العام، والتي تميل بشدة إلى إسرائيل باعتبارها منحازة بشكل غير عادل. ووصفوا القرار الإماراتي بالخيانة. ومع مقاطعة الفلسطينيين للبيت الأبيض، تبنت إدارة ترمب سياسة في الشرق الأوسط تتجاهلهم بشكل أساسي، بينما تسعى إلى تقارُب عربي إسرائيلي أوسع.
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن الفلسطينيين سوف يتعبون في النهاية من العزلة إذا رأوا إخوانهم العرب يمضون قدمًا في تحسين العلاقات مع إسرائيل ووافقوا في النهاية على التفاوض لتسوية، حتى لو كان ذلك يعني التراجع عن بعض مطالبهم الأكثر أهمية. في الوقت نفسه، أصبحت الدول العربية أكثر استعدادًا لمتابعة المصالح التي تأتي على حساب الفلسطينيين. وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الثلاثاء، إنه سيرفض اتفاقًا مُشابهًا للصفقة الإسرائيلية الإماراتية التي أبرمتها دولة عربية أخرى. وقال عباس أمام اجتماع لمنظمة التحرير الفلسطينية في رام الله، إنّ الدول العربية الأخرى “تتحرّك في سرية وعلانية قائلة” لِمَ لا؟ “نحن نرفض ذلك تمامًا.
منفذ دولي:
وقالت الصحيفة ان السودان يائس في رفع العقوبات المرتبطة بإدراج الولايات المتحدة في قائمة الدول الراعية للإرهاب – وهي خطوة رئيسية نحو إنهاء عُزلته وإعادة بناء اقتصاده بعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالديكتاتور عمر البشير العام الماضي. وكان مسؤول سوداني قد أقرّ في فبراير بأن الاجتماع مع نتنياهو تم بتنسيق من الإمارات العربية المتحدة ويهدف إلى المساعدة في إزالة قائمة الإرهاب، التي تعود إلى التسعينيات، عندما استضاف السودان لفترة وجيزة أسامة بن لادن ومسلحين مطلوبين آخرين.
في عهد البشير، يُعتقد أيضًا أن السودان كان بمثابة قناة لإيران لتزويد المسلحين الفلسطينيين في قطاع غزة بالأسلحة. ويُعتقد أن إسرائيل كانت وراء الضربات الجوية في السودان التي دمّرت قافلة في عام 2009 ومصنع أسلحة في عام 2012. وجعل إعلان الأسبوع الماضي الإمارات ثالث دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل. وكانت مصر الأولى في عام 1979، تليها الأردن في عام 1994. كما نَمَت العلاقات غير الرسمية مع دول الخليج العربية في السنوات الأخيرة، يغذيها العَدَاء المُشترك تجاه إيران.
ترجمة- إنصاف العوض
الخرطوم: (صحيفة الصيحة)