السودان اليوم:
التقرير أدناه نُشر بصحيفة كورة سودانية حول الصراع الدائر بين وزيرة الرياضة والاتحاد العام.. ولتعميم فائدته أعيد نشره هنا..
أعادت وزيرة الشباب والرياضة المهندسة ولاء البوشي للأذهان أزمة الرياضة الجماهيرية التي حدثت في سبعينيات القرن الماضي، فما حدث حينذاك تكرر هذه الأيام بعد ان سعت ولاء البوشي بشكل جاد لإيقاف عودة النشاط الرياضي بعد إعتراضها القوي على الموافقة التي منحتها اللجنة العليا للطوارئ الصحية للإتحاد السوداني لكرة القدم، والذي كان قد أعلن إستئناف النشاط، واستكمال جميع مسابقاته بدءاً من الخامس عشر من شهر أغسطس، إلا أن هذه الخطوات بما فيها عودة أندية الدرجة الممتازة للتدريبات، وإخضاع لاعبيها لفحص كورونا تمهيدا لإنطلاق بطولة الدوري السوداني الممتاز؛ إصطدمت بسعي الوزيرة الحثيث لإيقاف النشاط اعتراضاً منها على الكيفية التي مُنح بها الإتحاد السوداني الموافقة من لجنة الطوارئ الصحية، والتي أعلن الإتحاد أنها الجهة التي سيمتثل لقراراتها، مبيناً في تصريحات على لسان رئيسه بروف كمال شداد أن الإتحاد غير ملزم بأي قرارات لا تأتي من الجهة المختصة.
وهذا ما قاد البوشي للضغط على لجنة الطوارئ الصحية العليا لإستصدار قرار أخر يعيد إلى وزارة الشباب والرياضة الهيبة، حتى وإن كانت من خلال خطاب موجه من قبل اللجنة العليا للطوارئ الصحية للاتحاد، ينسخ قرار الموافقة الأول، وقد كان.. ليعلن الاتحاد بعد هذا الخطاب تعليق النشاط الكروي ومسابقاته في كافة ولايات السودان.. وكان القرار الأخير من اللجنة العليا للطوارئ الصحية قد سبقه بيان من وزارة الشباب والرياضة أعلنت فيه البوشي انتصارها في معركة وأد النشاط وإيقافه، مما أثار إستنكارا واسعا وخلق تساؤلات عديدة حول كيف لوزيرة معنية ب”الشباب والرياضة” ان تحتفي بإيقاف النشاط الرياضي.
ولم تكتف البوشي بالبيان، بل الحقته بخطاب للاتحاد، لتشتعل المعركة التي وصفها الكثير من أهل الشأن الرياضي بالعبثية بين الوزارة والإتحاد الذي أعلن في تنوير صحفي أنه غير معني بأي قرار يصدر من جهة غير مختصة، وأنه سيلتزم فقط بقرارات الجهات ذات الاختصاص، وهذا ما حدث بالفعل بعد خطاب لجنة الطوارئ الصحية.
المتابع لواقع الأزمة بين الإتحاد ووزارة الرياضة يتضح له أن وزيرة الشباب والرياضة سعت بشكل قوي لإيقاف النشاط الرياضي، وذلك من خلال إجتماعها مع عدد من مناديب أندية الدرجة الممتازة، ومن ثم الحديث حول بروتوكول صحي يوضع من قبل الوزارة على الرغم من أن هنالك بروتوكولاً صحياً أعلنه الإتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” بالتنسيق والتشاور مع منظمة الصحة العالمية.. وقد أعلن الاتحاد السوداني العمل به وتطبيقه، والدليل سعيه لعمل مسحات لفيروس كورونا لكافة الناشطين في بطولاته.. وهذه النقطة تحديداً مفهومة ولا يمكن باي حال أن تصبح مدخلا لإعادة مشهد “الرياضة الجماهيرية” التي أوقف بموجبها النشاط في السودان آنذاك، لتلاحق تأثيراتها السلبية الكرة السودانية سنوات طويلة، وهذا عين ما أقدمت عليه ولاء البوشي مؤخراً، والتي تسعى بشكل قوى لفرض هيبة الوزارة وإيجاد موقع لها على حساب اللعبة واللاعبين، سيما أن الضرر الذي يلحق باللعبة واللاعبين من توقف النشاط له تأثير كبير ومدمر ستدفع ثمنه الأندية السودانية، وقبلها المنتخب الذي يتأهب لخوض التصفيات الأفريقية.. وكذلك الأندية التي من المنتظر ان تنخرط في أواخر إكتوبر وبداية نوفمبر في منافسة أفريقية، مما يهددها بعدم الجاهزية حال استمر تعليق النشاط الرياضي الذي يتضح يومياً ان هوة عودته تتسع، رغم أن هنالك فترة زمنية باتت تطوى كل صبيحة، وبالرغم من كل هذا يتضح أيضاً ان وزارة الشباب والرياضة تواصل بشكل قوي ضمان عدم عودة النشاط الرياضي، فما حدث مؤخراً من مشاورات بين الوزيرة وبعض قدامى اللاعبين يجعل الكثيرين يعتقدون أنه يدخل في باب الإلتفاف على مواجهة الواقع الراهن، وهو ترك الجهة المسيرة للنشاط فعلياً، والسعي لجهات غير ذات صلة، وهذا الأمر ظل يوسع الشقة بين الوزارة والإتحاد المعني بإدارة النشاط مما أنشأ وضعا ضبابيا تكتنفه التأويلات التي تصب في تعميق وتغييب الحقيقة، فالحديث عن البرتكول وتطبيقه لا يمكن أن يصبح مدخلا لكل هذه الرمادية حول حقيقة عودة النشاط الرياضي، إذ أن من السهل جدا أن تطبق الوزارة الجانب البرتكولي الذي تراه مناسباً، لا سيما فيما يتعلق بالملاعب وتعقيمها.. وكذلك يمكن ان تتابع بشكل دقيق مع وزارة الصحة الاتحادية عملية الفحص الدوري التي يخضع لها منسوبو الأندية، فهذه جزئيات بسيطة، لا يعقل بأي حال أن تصبح عائقا يجعل من عودة الكرة السودانية أمراً مستحيلاً.. كما يتابع الجميع الأن حالة الإستحالة التي أرتسمت حول إمكانية عودة النشاط الرياضي بالسودان، والذي بات معلقا بحسب الكثيرين بفضل مزاجية البوشي الغارقة في صراعها المعلن وغير المبرر مع إتحاد كرة القدم دون المراعاة للرياضة والرياضيين..
ما يحدث من وزيرة الشباب والرياضة الإتحادية يطرح حقيقة بارزة يمكن إستخلاصها في مواقفها العديدة في شأن عودة النشاط الرياضي وهي أنها ليست لديها رغبة في عودة الحياة لملاعب كرة القدم..
وكفى.
The post وزيرة الرياضة تهدد الرياضة بالتجميد.. بقلم اسماعيل حسن appeared first on السودان اليوم.