تصريح مقتضب للناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير حيدر بدوي بشأن التطبيع مع إسرائيل، أقام الدنيا ولم يقعدها، ما دفع وزير الخارجية المكلف عمر قمر الدين إلى نفي ما أورده الناطق الرسمي باسم الوزارة وأكد عدم وجود مشاورات داخل الوزارة بشأن الملف، بعد 24 ساعة من التصريح المثير تمت إقالة الناطق باسم الخارجية أمس، وهي ليست الواقعة الأولى التي دفعت مسؤولين إلى خارج المنصب لـ”حصائد ألسنتهم”.
سيناريو متسارع
الناطق الرسمي السابق باسم الخارجية قال فى تصريحه أمس الأول لقناة لسكاي نيوز عربية إن السودان يتطلع لاتفاق سلام مع إسرائيل قائم على الندية وعلى مصلحة السودان دون التضحية بالقيم والثوابت، وذهب إلى أن البلدين سيجنيان فوائد وثمارا من عقد اتفاق سلام، وسارعت تل أبيب للترحيب بالتصريحات، وبذات السرعة رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتصريح وقال : “ستستفيد إسرائيل والسودان والمنطقة كلها من اتفاق السلام ويمكنهما معًا بناء مستقبل أفضل لجميع شعوب المنطقة. وسنفعل كل ما هو ضروري لجعل هذه الرؤية حقيقية”.
عقب هذا الجدل الكبير الذي أثاره المتحدث الرسمي تدخل وزير الخارجية المكلف عمر قمر الدين،وأكدت أن وزارته لم تناقش العلاقات مع إسرائيل، موضحاً أنه لم يتم تكليف السفير حيدر بدوي للإدلاء بأي تصريحات بهذا الشأن، وأكد قمر الدين في تعميم صحفي، أن وزارته تلقت تصريحات الناطق باسم الوزارة حيدر بدوي عن سعي السودان لإقامة علاقات مع إسرائيل بدهشة، مشيراً إلى أنها أوجدت وضعا ملتبساً يحتاج لتوضيح. واصدر وزير الخارجية المكلف عمر قمرالدين أمس الأربعاء قراراً بإعفاء السفير حيدر بدوي صادق من منصبه كناطقٍ رسمي لوزارة الخارجية ومديراً لإدارة الإعلام.
وعلق البدوي على خبر إقالته بأنه تمت إقالته من منصب الناطق الرسمي، وسيتم تعيينه مديراً لإدارة التخطيط.
وأضاف:” كنت قد طالبت بها من قبل لأنها تتناسب مع تأهيلي يعني ما زلت عاملاً كسفير في الوزارة” .
نادي المصطلحين قبيل منتصف نهار الثلاثاء نشرت إحدى موظفات إدارة الاعلام بوزارة الخارجية مقالاً ممهوراً بتوقيع حيدر بدوى صادق على موقع سودانيز اون لاين استهل مقدمته بقوله ” اكتب هنا كمواطن سوداني مكنته ثورة شعب ان يصدح برايه لا كسفير مسؤول فى الخارجية ” …. لكن الرجل اخطأ فهناك من راى غير ذلك . رسالة المواطن البدوي تحدثت عن جدوى الاصطلاح مع تل ابيب بل ينوه الى منافع سيكتسبها السودان حيال انضمامه الى نادي المصطلحين بل البدوي “طلب” من كل من رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك ضرورة اطلاع الشعب السودانى على ما يجري في هذا الملف ، البدوي اشتكى من تهميش وزارته واقصائها من الملف السوداني ـــ الاسرائيلي .
مجرد ادوار
دبلوماسي فضل حجب هويته قال لـ”السوداني” ان غياب البدوي عن العمل الدبلوماسي لسنوات طوال وعمله في الجامعات ربما هو من قاد الرجل الى هذا الالتباس فضلا عن ضعف تجربته في التعامل وسائل الاعلام ، ويلفت الى ان “الموضوع برمته” اصبح “مالوفا” لدى الشارع السوداني الان وتراجعت حساسية التعامل مع الكيان الصهيوني بل لم يعد امرا مهما فى ظل الكثير من التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم كما انه و”نكاية” في قادة النظام البائد فان الكثير من السودانيين لا يرون اي غضاضة في التطبيع مع اسرئيل ، والاهم من ذلك ان الدولة نفسها تمضي نحو ذلك بعد “لقاء عنتبي”.
ويشير ذات محدثي الى ان البدوي ليس اول “متحدث” فى الخارجية يغادر بسبب تعليقه على موضوع محل خلاف اذ سبقه السفير ابوبكر الصديق بعد الحادثة الشهيرة لوكيل الوزارة السفير بدر الدين عبدالله عندما صرح بان وفدا قطريا سيصل السودان وذلك ابان فترة المجلس العسكري ولم تمض ساعات حتى اعفي بدرالدين وتبعه الصديق الذي تم نقله الى ادارة دول الجوار.
ويشير ذات محدثي الى ان الخارجية ايضا اعفت متحدثها السفير مبارك محجوب الذى لم يمض على وجوده فى مقعده اياما معدودات ، لكن هذا الاعفاء لم يكن سببه تصريحا غير موفق بل بسبب حملة قادها ناشطون في مواقع السوشيال ميديا ليغادر ترضية لهم.
العبيد مروح… اعفاء بامر التنظيم
ويشير الى ان صراع الاجنحة داخل الحركة الاسلامية اسهم فى رحيل المتحدث الاسبق باسم الخارجية السفير العبيد مروح ، فـ”الرجل” لم يحظ برضى وزير الخارجية وقتذاك علي كرتي وكان بينهما خلاف ربما سببه خلافاتداخل التنظيم فسارع بالغاء انتدابه حيث كان يجمع وظيفتين “امين عام مجلس الصحافة ومتحدث باسم الخارجية” واعاده الى مجلس الصحافة ومنها سفيراالى تونس.
اسرائيل مجددا
تل ابيب لم تتسبب فى مغادرة ” حيدر” وحده ،بل كانت سببا فى مغادرة المتحدث باسم الجيش العميد الركن عامر محمد الحسن ـ اذ ان عامر نفى وصول اي طائرة من اسرائيل “طائرة اسعاف” لنقل السفيرة نجوى قدح الدم بسبب اصابتها بفيروس كورونا ، ورغم ان جهة لم تذكر ذلك ضمن سبب اعفاء عامر الا ان طائرة تل ابيب كانت هى من عجلت برحيل عامر من منصبه .
الصوارمي ايضا
الطريقة التي اقيل بها العقيد الصوارمي خالد سعد من منصبه متحدثا باسم الجيش لا تبعد كثيرا عن اسرائيل اذ تشير المعلومات التي تحصلت عليها السوداني وان لم تجد مصدرا رسميا يؤكدها تشير الى انه وعقب ضرب اسرائيل لمصنع اليرموك فى الخرطوم رفض الصوارمي التعليق على رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة العميد الشامي على حادثة القصف وتفاجا في اليوم التالي بان الصوارمي علق لإحدى الصحف المحلية مما دفعه لانتقاد الصوارمي في عموده بالصحيفة ولم تمض فترة طويلة حتى أعفي الصوارمي من منصبه الذي ظل شاغراً لسنوات ليتم تعيين العميد الشامي متحدثا باسم الجيش.
سوسن محجوب صحيفة السوداني