قبل أكبر من 8 أشهر، كتبت تحت عنوان “مليونية الذهب” في هذه المساحة، وذلك أثناء زيارة رئيس الوزراء لأمريكا، وقلت إن الدكتور عبد الله حمدوك، لن يفعل شيئاً يذكر في تلك الزيارة سوى فتح الطريق أمام شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ولن تفتح امامه بعد الزيارة كل بوابات الدعم الدولي، بما يُخرج الاقتصاد من التركة الثقيلة، وتوقعت كذلك ضعف المردود المالي من مؤتمر أصدقاء السودان.
زدت يومها:
لا مجال لتشغيل ماكينة الإنتاج الزراعي والصناعي والحيواني التي عطلها نظام المؤتمر الوطني، وقد تحتاج العملية لسنين طويلة، ولا يمكن الرهان على انتاج البترول ولا العوائد التي تجنيها الخزينة العامة من عبور نفط جنوب السودان ولا من تصديره عبر الموانئ السودانية.
لم أكن أعلم الغيب ولا كاهناً أوعرافاً، لكنها خلاصة تجاربنا السودانية المعادة عبر السنوات والعقود فكل الأنظمة “تدفق المياه أملاً في الرهاب”.
يومئذ كان مقترحي بسيطا ومحددا يدركه الخبير والخفير، وهو اللجوء للاعتماد على الذهب كمورد سريع ومتوفر، وحرضت الثوار على الخروج في مليونية “الذهب” للضغط لإنهاء الفساد في هذا القطاع ومحاصرة التهاون في مراقبته، والحد من تهريبه لا عبر التخوم البعيدة بل عبر مطار الخرطوم، وعبت على حكومة الثورة، بطئها وسلحفائيتها في اتخاذ القرارات الملحة والضررية في مجال الذهب لاستعادة أكبر مورد افسد فيه نظام الفساد والاستبداد.
للأسف الشديد بعد أن جربت حكومتنا كل اساليب استجداء الدعم الدولي ولم تحصد الا الفتات، وتأخر رفع اسم السودان من قائمة الدول، ولم يرتفع انتاجنا في كل القطاعات لما يكفينا شر السؤال، عادت الحكومة في الآونة الأخيرة لما نبهنا إليه منذ زمن بعيد بسن سياسيات جديدة في مجال الذهب، جاء نتاجها أمس الأول بتدشين تصدير 2.5 طن من المعدن النفيس، ساهمت في ذلك نحو 40 شركة، ويمكن أن تصل قيمة الشحنة مع الزيادة العالمية لاسعار الذهب الى 170 مليون دولار، وقد تحدثت إلى مصدرين على هامش حفل التدشين، وأكدوا لي أن الفرصة متاحة لتصدير 4 أطنان شهرياً، ولكم أن تتخيلوا إذا تحقق ذلك فإنه في نحو 8 أشهر يمكن أن تدخل الخزينة ما يعادل وعودات مؤتمر برلين وما ادراك ما مؤتمر برلين، وكل تلك الإجراءات كان من الممكن أن تبدأ بها الحكومة في مطلع سبتمبر تاريخ أدائها القسم.
“غايتو كلام القصير ما مسموع”!
نائب رئيس المجلس السيادة الانتقالي، رئيس اللجنة الإقتصادية، الفريق أول محمد حمدان دقلو، حضر حفل التدشين وتحدث حديثاً محشوا بالعاطفة والتناقضات ومحاولات تعرية الحكومة المدنية، وتمنيت عدم خروجه عن نص المناسبة وأن يكتفي بالتزام واحد هو وقف التهريب والمضاربة من ما سماه مافيا الذهب، ومطاردة المتهربين من دفع حصائل الصادر، وغيرها من مهام أمنية مرتبطة بسلعة من بين سلع الأمن القومي، ويفترض أن ينجز فيها المكون العسكري في السلطة الإنتقالية ما ينجز من المهام الأمنية، وليس التدخل في مهام الآخرين، ولنا عودة بالتفصيل عن خطبة حميدتي البكماء .
صحيفة السوداني