غير مصنف 2

عندما يتجه دعاة الحكم (المدني) إلى الخيار (العسكري).. بقلم محمد عبد الماجد

السودان اليوم:
(1)
لا اعتقد ان هناك هزيمة لمشروع ثورة ديسمبر المجيدة اكثر من ألّا يحتمل (تجمّع المهنيين) اخوة له في (الحرية والتغيير) ويضيق بهم ذرعاً.. لكن لا غرابة في ذلك اذ سبق لتجمّع المهنيين ان ضاق بعضويته فيما عرف بالاختلاف الذي ضرب بين السكرتارية القديمة والسكرتارية الجديدة.
هزيمة كبرى للثورة ان يكون جسم مثل (تجمّع المهنيين) ظل يقدم الدرس تلو الاخر في (سلميته) التى التزم بها منذ تكوينه في 2013 وحتى سقوط النظام الذي حاربه مع دمويته القاتلة بالسلم والحوار بعيداً عن الرصاص والسلاح، وقد نجح تجمّع المهنيين في ذلك، قبل أن يرتد الآن ويجنح الى الحركات المسلحة في ظل حكومة انتقالية اتت بها الثورة وكان تجمّع المهنيين نفسه احد مكوناتها او حاضناتها الاساسية.
فضوا اتفاقهم مع الاحزاب السياسية والمكونات المدنية وذهبوا للاتفاق مع حركات الكفاح المسلح.
ان تستبدل (قلم) الصحفي و(مشرط) الطبيب و(مسطرة) المهندس و(روب) القاضي بالطلقة والرصاص والقنابل امر يحسب عليك وليس لك…وهو شيء يقود (الحوار) الى الدرك الاسفل وليس الاعلى.
اتفاقيات تجمّع المهنيين وأنشطته كانت مبنية على اسس (مهنية) ترفض حتى التصنيفات (السياسية والحزبية). الحركة الشعبية ليست جناحاً (طبياً) ولا هي مركز (قانوني) او منبر (للمهندسين) …الحركة الشعبية هي حركة سياسية (مسلحة) تؤمن بالكفاح (المسلح) وهذا غير الذي يؤمن به تجمّع المهنيين.
لم يتخذ تجمّع المهنيين تلك الخطوات في (كفاحه) ضد النظام البائد، أيتخذه الآن مع حكومة افرزتها الثورة؟.
تجمّع المهنيين كان احد اهم اهدافه التى يدعو اليها هي (المدنية) – مؤسف بعد ذلك ان يترك تجمّع المهنيين كل الاحزاب السياسية والمكونات المدنية بالداخل ويجمد انشطته معها ويتجه نحو الحركة الشعبية لشمال السودان – جناح الحلو بالخارج وهي حركة كما اشرنا (مسلحة) وذات طبيعة (عسكرية) لا تتوافق مع (المدنية) و(السلمية) التى كان يدعو لها تجمّع المهنيين وان توافقنا حول (الغاية) ونبل (المقصد) الذي تنشده الحركة الشعبية.
كفاح تجمّع المهنيين كان ونحن في اصعب الاوقات كفاحاً (مدنيّاً) – لماذا يلجأ الآن للاستعانة بأصحاب الكفاح (المسلح)؟ من اجل اهداف (مدنية). الحركة الشعبية جناح الحلو عندها اشكاليات وخلافات في (الجبهة الثورية)، وكذلك الآن اشكاليات وخلافات لتجمّع المهنيين في (الحرية والتغيير) واظن ان هذا هو ما جمع بينهما…وما بني على (خلاف) فهو (خلاف).
(2)
لا انتصارات تحسب في الاتفاقات (الاحادية)، العمل الجماعي مثل هذه الثنائيات تعتبر فيه من فصيل (الخيانة) وهي رجس من ركب النعرات الشخصية والذاتية ويمكن اعتبارها (ردة) رسمية.. الاتفاقات التى تكون بين طرفين في مائدة تتعدد فيها الاطراف تبقى اتفاقات من جنس (فإنَّما يأكلُ الذئبُ منَ الغنمِ القاصيةَ)، وهي اتفاقات تأتي من اجل المزيد من الخلافات والصراعات، هي اتفاق مبني على الاختلاف – لقد توسمنا خيراً في (تجمّع المهنيين) وهو يحمل اسم (التجمّع) وظننا ان ينأى بنا من (التفرقة) وأمراض الاحزاب السياسية المستعصية على اسس (مهنية) بعد ان كان (تجمّع المهنيين) يقابل بعبارة (يمثلني) ،وهي الكلمة التى اصبحت مرادفة له حتى حسبها البعض جزءاً من اسمه.
(3)
لا تجمّع المهنيين ولا الحركة الشعبية جناح الحلو يملكان حق اصدار هذا (الاعلان) السياسي الذي جمع بين طرفين – هذه البنود وتلك النقاط تناقش بين كل المكونات السياسية والمدنية والشعبية وفي وجود حكومة الثورة، وهي ليست حقاً يمتلكه طرف او طرفين او ثلاثة او اربعة، إلّا اذا كان العلاج من فصيل (ودواني بالتي كانت هي الداء). مصادرة حقوق الاخرين وتحديد هويتهم وطبيعة سياستهم نوع من (الدكتاتورية) العقيمة التى قامت ثورة ديسمبر المجيدة من اجل اسقاطها. فصل الدين عن الدولة امر عظيم لا يمكن ان يحدد في (حفلة شاي) او يكون مجرد حبر على ورق يتم التلويح به بعد التوقيع من اجل الكيد السياسي فقط.
تجمّع المهنيين مع الحركة الشعبية بقيادة الحلو لا يمثل في السودان اكثر من 3 % فهل تملك هذه النسبة ان تحدد طريقة الحكم وإلزامية الفصل بين الدين والدولة دون وضع اعتبار للكيانات الاخرى في الدولة.
(4)
اذا منحنا تجمّع المهنيين الحق في تلك الخطوات، واجزنا له تحركاته تلك فاننا لا يمكن ان نختلف في ان هذه الخطوات تأتي على حساب الثورة وعلى سلميتها وعلى استقرار البلد.
ما يأتي به تجمّع المهنيين الآن هي انتصارات ذاتية او انتصارات شخصية لم يستفد منها الوطن في شيء ولن يجني منها اهلها غير اضاءة (فلاشات الكاميرات) لفترة محدودة ،ولن ينالوا غير بريق (المؤتمرات الصحفية) الذي ينتهي اثره قبل انتهاء (العصائر) التى تقدم فيها. لن تجنوا اكثر من ذلك – مقابل المزيد من الجراح في جسد وطن مازال الذين يظلمونه هم الذين يتحدثون باسمه ويحملون بطاقات الدفاع عنه.
لقد خسر الوطن 0 / 6 وانتم تلبسون شعاره وتدعون ان النتيجة التى انتهت بها المباراة لا تعبر عن الاداء الذي تقدموه.
(5)
بغم /
الاتفاقيات اصبحت مجرد (فايلات) يتم التلويح بها…تنتهي مدة صلاحيتها بعد (التلويح).
ما اتعس (الفايلات) التى توضع في الادراج بعد (التوقيع) لاستعمالها فقط من اجل الضغط والمزايدة والمكاسب الرخيصة.

The post عندما يتجه دعاة الحكم (المدني) إلى الخيار (العسكري).. بقلم محمد عبد الماجد appeared first on السودان اليوم.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى