السودان اليوم:
مازال بعضا ممن لم يفق من الصدمة يتعشم في إعادة عقارب الساعة للوراء، لإستعادة حكم 30 عاماً، عرفت بأنها الاسوأ في تاريخ السودان والمنطقة، حكم أقل ما يوصف به ( سييء السمعة والسيرة والسريرة).
دعوات جادة لما تسمى بجمعة الغضب أو (مليونية رفض القوانين المخالفة الشريعة الإسلامية) ولا أحد يدري عن أي شريعة يتحدثون، فغرابة الدعوة تكمن في إصرارهم العجيب على أن تأتي دعوتهم في ذات التوقيت الذي تشهد فيه البلاد بشريات الاتفاق السياسي حول السلام، وعقب التعديلات الوزارية التي شهدتها الساحة السياسية تمهيداً للاصلاحات التي طالب بها الشارع في ٣٠ يونيو، والتي سبقتها بيانات وتصريحات قوية ورفضا صريحاً على استحالة قبولهم مرة أخرى.
المثير في هذه الدعوة التي تحدد لها يوم غد الجمعة تحت مسمى (جمعة الغضب) ، ثقتهم المفرطة في نجاحهم باستعادة شعبية نظامهم وبصحة موقفهم واصرارهم على استغباء الشارع، باستعطافه وابتزاز عاطفته الدينية مرة أخرى، وهم من كانوا الابعد عن الشريعة الإسلامية وتطبيقها طيلة فترة حكمهم الاغبر.
الثقة المفرطة التي تقودهم لدعوة منسوبيهم الخروج للشارع لفرض ذات الوصاية المرفوضة على الشعب الذي إرتضى قيادته الحالية وطريقة الحكم حسب ما جاء في الوثيقة الدستورية. تؤكد بجلاء أنهم كائنات ذاتية مجردة من الاحساس، ممتلئة بالانانية والنرجسية، يسيطر عليهم الاعتقاد انهم لا زالوا بذات القوة السابقة، يرفضون الإعتراف بالهزيمة، من ذات الشعب الذي يطالبونه بالخروج غد، متناسين انه الشعب الذي ثار عليهم ثورته العارمة قبل أكثر من عام ولفظ حكمهم وحكامهم وأودع رؤوس الأفاعي منهم في السجون في إنتظار محاكمات قضائية عادلة بعد أن تمت محاكمتهم من الشعب حضورا وغيابا عبر لجان المقاومة بالاحياء وعبر وسائل الإعلام ، فجاءت الدعوة التي اعتبرها (تحرش سياسي) لا معنى له، فهم غير معنيين بتطبيق الشريعة الإسلامية من قريب او بعيد، ففترة حكمهم كانت الأسوأ في خرق وتشويه الدين الإسلامي للدرجة التي شهدت ارتداد عدد من الشباب والشابات عن الدين الإسلامي في سابقة لم يشهد لها السودان مثيلا من قبل، شهدت فترتهم سرقات تاريخية لقيادات الحكومة وصغار موظفيها وثبتت بالدليل، ولم نسمع بأيد بترت، قتلوا ضباط حركة ٢٨ رمضان واعترفوا بذلك، ولم نر اعناق طارت، زنى شيوخهم في نهار رمضان ولم يشهد رجمهم طائفة من المؤمنين. ولم يخرجوا مسيرات مطالبة بمحاربة الدعارة ولا معاقبة الزناة.
ادخلوا المخدرات بالحاويات واودوا بعقول آلاف الشباب ولم يرمش لهم جفن ولم نسمع لهم صوت مطالب بمحاسبة أصحاب الحاويات وهم نافذون، وذات الامر ينطبق على الخمور البلدية والمستوردة، استطعمها كبارهم وصغارهم، وتعاموا عن أماكن بيعها، واليوم يتباكون على القانون الذي اباحها لغير المسلمين.
الطبيعي أن يتنحوا جانباً ويتركوا الشعب يقرر مصيره بعد أن فرضوا عليه قوانينهم القمعية وخطفوا اللقمة من فمه وأشبعوه فقراً وجهلاً وفساداً.
شخصياً أنا ضد فكرة منع قيام المسيرات لأن ذلك يدخل في باب كبت الحريات الذي طالبنا به بعد أن عانينا منه سنين، ومن ناحية أخرى فنحن معه حتى يعلموا حجمهم الحقيقي وسط المواطنين، فربما تكون هذه آخر مرة يطالبون فيها بالخروج على الحكومة الحالية أو ينادون خلالها باستعادة حكمهم البائس، فذاكرة الشعب لا تنسى.
دعوة باطل أريد بها تأكيد الباطل، هذا هو بالضبط تقييمي لهذه الدعوة، وهي خطوة إنتحارية تضاف لخطواتهم السابقة التي ستعجل بنهايتهم نهاية بشعة كحزب سياسي وكأفراد، إضافة للكثير جدا من الخسائر التي ظهرت وستظهر لاحقاً.
The post الشريعة اليتيمة.. بقلم هنادي الصديق appeared first on السودان اليوم.