السودان اليوم:
مع منتصف الخمسينات من القرن الماضى بدأت القارة الافريقية تمضى نحو الاستقلال ، وتباعا خرج المستعمر وظلت المسيرة مستمرة اذ يتم خروج المستعمر وتعود البلد الى اهلها الذين يتولون الحكم ويديرون امرهم بانفسهم حتى جاء وقت انتهى فيه عهد الاستعمار وتحرر الافارقة من حكم الدول التى كانت تستعمرهم وتشكلت حكومات وطنية تدير هذه البلدان ، لكن حقا هل تم الاستقلال ؟ لن يستطيع احد ان يقول وبملئ الفم اننا تحررنا ونلنا استقلالنا فهذا كلام واضح البطلان اذ نعرف جميعنا ان الاستقلال ليس فقط هو خروج المستعمر وانما هو استقلال اهل البلد بشكل كامل فى اقتصادهم ومواقفهم وتحالفاتهم فهل حقا هذا ما حدث ؟
لا والف لا ، ولن يستطيع احد ان ينكر علينا هذا القول ، ونعرف جميعنا ان مد الاستقلال والانعتاق من نير الاستعمار الذي حمل العديد من العناصر الوطنية إلى مقاعد السلطة ومقاليد الحكم هذا الاستقلال السياسي لم يواكبه كما ينبغي استقلال اقتصادي ولا التقدم والعدل الاجتماعي.
المستعمر الذى خرج شكليا وطن نفسه على البقاء بالقارة سواء على شكل شركات ومؤسسات أو ممثلين من ابناء البلد مرتبطين بالمستعمر ويسعون معه لسرقة بلدانهم والتآمر عليها بهدف إبقاء القارة أسيرة التخلف والتبعية ليهزموا بذلك فكرة الاستقلال والتحرر ويؤسسوا لاستعمار بشكل مختلف.
وقد اكتشف ابناء القارة انه تم ابرام العديد من الاتفاقات السرية خلف الكواليس وتحت الطاولات بين بعض ابناء البلد الذين يحكمون أو سيصلون الى الحكم قريبا وبين الدول الاستعمارية وتكون نتيجة هذه الاتفاقات نهب موارد القارة وسرقة خيراتها ، وتقوم هذه النخب بالاتفاق مع المستعمر السارق وتتعهد بتمكينه من الحصول على مايريد من ثروات هذه الشعوب وسرقتها مقابل ان يدعمها لتستمر فى الحكم ، وهذه النخب المتصلة مع المستعمر انما تخون اهلها وتتآمر عليهم سعيا لتحقيق مصالحها الذاتية الضيقة وبأنانية وبعد عن الاخلاق والوطنية تدمر بلدانها وتخون شعوبها.
ويمكن ايراد بلدان كغينيا وانغولا والكنغو الديموقراطية وزيمبابوى التى تعامل بعض بنيها مع المستعمر ومكنوه من سرقة بلدانهم حيث ظهرت صفقات مريبة تم عقدها بليْل وبعيدا عن الوضوح بين بعض أفراد النخبة المتميزين – النافذين في تلك الأقطار، وبين شركاء وعملاء سريين قادمين من خارج القارة، وخاصة من الصين وإسرائيل ، ومن خلال هذه الاتفاقات السرية، إذا بالأصول الثمينة التي تملكها قارة أفريقيا قد تحولت إلى حيث تصبّ في صالح كبرى شركات النفط والتعدين، إضافة إلى مراكز التمويل العالمية الكبرى. ولكن لقاء كسْر، مجرد كسْر بسيط، من قيمتها الحقيقية، فيما تظل الحقيقة المجسدة على أرض أفريقيا، هي استمرار معاناة الفقر والظلم الاقتصادي و الاجتماعي..
وتخطط هذه القوى الاستعمارية المستكبرة الى ابقاء المشاكل مشتعلة بين بعض الدول
وهو ما يشعل نيران الصراعات على ما تبقّي من موارد القارة، وهذا الاشتعال يتم على شكل حروب أهلية، سواء بين النظم السياسية الحاكمة وبين الجماعات المسلحة، أو في ما بين الجماعات المسلحة ذاتها والمستفيد هو المستعمر الطامع فى خيرات القارة.
The post تآمر على افريقيا لسرقة خيراتها .. بقلم محمد عبد الله appeared first on السودان اليوم.