إن شئت حمل شخص ما .. أي شخص .. إلى قلب أي سوداني فما عليك إلا أن تقدمه له بمن يعرف من الناس .. ( فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) .. ولأنني أسعى اليوم لحمل السيد انطونيو غوتيرش إلى قلب كل سوداني .. فأقول بالعربي كدة .. هو من بلد ناس
كريستيانو رونالدو ..!!
وانطونيو غوتيرش هو الأمين العام للأمم المتحدة .. الذي تبوأ منصبه
مطلع يناير من العام 2017 .. وانطونيو غوتيرش دون كل من سبقوه في المنصب .. ثمانية بالتمام والكمال .. جاء إلى موقعه من موقع أممي
آخر يعلمك معنى الإنسانية .. ومعنى التعاطف مع الشعوب المقهورة ..
ومعنى أن تتعامل مع ضحايا الحروب والنزاعات والاضطهاد والاستعلاء .. إثنياً كان أو دينياً .. معنى أن تتعامل مع الإنسان وهو في أضعف حالاته .. لا مأوى .. لا وطن .. لا أسرة .. لا معيل .. لا دخل.. لا أمل .. لا مستقبل .. انطونيو غوتيرش شغل منصب المفوض
السامي لشئون اللاجئين لمدة عشرة أعوام .. 2005-2015 .. وحين
وصل إلى الموقع الأول في المنظمة الدولية .. آل على نفسه أن يحرر
العالم من كل تلك الشرور .. وأن يحرر الشعوب من جلاديها .. وأن يصنع للعالم مدينة فاضلة في حدود المتاح ..!
فلا تندهشوا إن قلت لكم إن السيد انطونيو غوتيرش .. فيما يبدو .. قد
اختار السودان .. ليقدم للعالم أنموذجه لهذه المدينة الفاضلة .. وهاكم
الدليل .. كان الخميس الماضي يوما مهما ومميزا في حياة السيد غوتيرش .. ولكن كان الأكثر إبهاراً ما فعله هو نفسه .. !
عقب انتهاء مؤتمر برلين لشركاء السودان .. وحين رن هاتف السيد
عبدالله حمدوك رئيس وزراء السودان .. كان الرجل في الواقع يتلقى الاتصال الهاتفي الخامس من نوعه منذ أن تقلد منصبه .. من الأمين العام للأمم المتحدة .. وهذا رقم قياسي بالنسبة للأمين العام في الاتصال مع رؤساء الحكومات .. وحتى رؤساء الدول في فترة وجيزة..!
قال غوتيرش لحمدوك .. وددت أن أهنئك على هذا النجاح العظيم
لمؤتمر أصدقاء السودان .. وليس هذا هو المهم .. المهم ما قاله الأمين
العام للأمم المتحدة بعد ذلك .. من تأكيد عزم المنظمة الدولية على تقديم كل دعم ممكن للسودان .. لماذا ..؟ لأن شعب السودان يستحق ذلك .. ولأن مسئولية الأمم المتحدة أن تقود التغيير نحو الأفضل في كل العالم .. وأن تدعم كل من يفعل ذلك .. خاصة تلك الحكومات
الوطنية التي تسعى لتغيير حياة شعوبها وقيادتها نحو غد أفضل ..
بالنسبة لغوتيرش، فحكومة السودان تمثل أنموذجاً لذلك .. والسودان
يصلح أنموذجا .. أيضا .. هل تدرون لما قلت لكم إن السيد غوتيرش يريد أن يصنع من السودان مدينته الفاضلة ..؟ لأنه قال لحمدوك بالحرف .. إذا نجحنا في دعم السودان ومساعدة حكومتكم في تنفيذ كل برامجها فيما يلي مطلوبات الانتقال .. وصولاً للانتخابات العامة
فسنكون قد قدمنا للعالم أنموذجاً لدولة ديمقراطية ناجحة .. ( لا تنسى أن
غوتيرش عضو في نادي مدريد لوزراء الحكومات الديمقراطية السابقين بحكم منصبه السابق في بلاده ) .. ثم يمضي غوتيرش في توصيف حلمه لمدينته الفاضلة المرتجاة .. دولة ذات سيادة .. دولة تكفل حقوق الإنسان وتحفظ كرامته وتتيح له فرص العيش بكرامة..
دولة تسهم فى حفظ الأمن والسلم الدوليين ولا تهددهما .. وسيكون هذا
أفضل ما يحدث في عهدي.. وسأكون فخوراً بذلك.. !
هل علمت الآن .. لماذا كان البعض منخفض الحماس .. خفيض الصوت .. باهت المساهمة في برلين ..؟ ولكن الذي ينبغي أن تعلمه أيضا .. أن جهد غوتيرش وبذله في التحضير لمؤتمر برلين كان أكبر من جهد أهل برلين .. وأهل السودان كذلك .. عليك أن تعلم أيضاً .. أنه وفي سابقة نادرة .. كانت كل قنوات الأمم المتحدة تنقل على الهواء مباشرة وقائع مؤتمر برلين من أول كلمة نطقتها زينب البدوي وحتى
آخر حرف ختمت به .. وعلى ذكر زينب البدوي .. فقد كانت في اليوم
التالي ضيفة على الأمم المتحدة .. لنقل وقائع احتفالها بيومها .. وقيل
إن ذلك كان وجهاً آخر من وجوه الاحتفاء بالسودان وشعبه وثورته ..
ولكن الأمانة تقتضي أن نثبت أن اهتمام غوتيرش بسودان ما بعد الثورة لم يبدأ من برلين .. بل قبل ذلك بكثير .. ورغم كل الضجة المثارة الآن حول رسائل رئيس الوزراء إلى الأمين العام للأمم المتحدة وما تبعتها وسبقتها من رسائل .. فإن الأمين العام لم يعتمد إلا ذلك
النص الذي بعث به رئيس الوزراء .. رغم وجود نصوص أخرى مثل
النص البريطاني الألماني المشترك .. على أهمية الدولتين .. وستزداد
دهشة عزيزي القارئ حين تعلم أن السيد غوتيرش ولإثبات جديته في دعم حكومة ما بعد الثورة .. وافق لحمدوك أن يطلب من يشاء من الموظفين السودانيين العاملين بالأمم المتحدة لينضموا لفريقه الوطني على أن تتحمل الأمم المتحدة كافة رواتبهم طوال الفترة الانتقالية .. لم
يتردد غوتيرش أن يوفد لحمدوك أهم موظفات مكتبه رانية حضرة .. ابنة أسرة الحضراب الشهيرة ببحري .. لتسهم في تأسيس مكتب رئيس
الوزراء .. باحترافية تضاهي أعرق المؤسسات العالمية .. واسألوا عن
آثارها هناك ..!
صحيفة السوداني