السودان اليوم :
منذ العام 1990 ومع نهاية بطولة الدوري الانجليزي وعجز ليفربول عن الظفر بها يتوقف مناصرو الفريق الأحمر في ملعبهم (انفيلد) مع انتهاء البطولة مرددين النشيد العام القادم سيكون لنا ثلاثون عاما.. تتجدد الخيبة في الفوز بالدوري الإنجليزي ويتجدد الأمل.. لم ينتصر الليفر بالبطولة ولم تتوقف أغنيات جماهيره بشعارها (لن نتركك تسير وحدك) وانتهت مسيرة الثلاثين عاماً أمس الأول وعقب نهاية مباراة مانشستر سيتي وتشيلسي أعلن عن تتويج ليفربول بالدوري الإنجليزي وانطلقت الأفراح دون توقف في المدينة الساحلية قبل سبع جولات من نهاية الدوري وخرج المدرب يورغن كلوب لإهداء الدرع لمستر ستيف الذي انتظر كل هذه السنوات وهرم في انتظار هذه اللحظة.
1
عقب إعلان تتويج ليفربول بالدوري خرجت تعليقات السودانيين: (بعد ثلاثين عاماً الليفر بطلا للدوري الإنجليزي تباً للكيزان) لم يكن التعليق ساعتها رهين الصدفة بل إنه من المفارقة أن آخر لحظة توج فيها الفريق الإنجليزي بالبطولة كانت في نسخة 1989 إلى 1990 وهو عام صعود الانقلابيين من أجل إنقاذ السودان. طوال سنوات حكم البشير لم ينجح الأحمر في الظفر باللقب رغم أنه كان قريباً من تحقيق تلك الغاية في مرات متعددة دون أن يحقق مراده وفي الأعوام التي غاب عنها ليفربول عن التتويج غاب السودان عن الظهور الدولي بفعل النظام المخلوع واستراتيجياته.
2
لكن ما الذي يجعل نموذج عودة ليفربول شبيهاً بالتغيير علي مستوى السودان؟
البعض ينظر للأمر من خلال البعد التاريخي والثلاثين عاماً لدرجة ان بعضهم علق قائلا: (تلاتين سنة ترقص الليلة رقصتنا) في إشارة لهتاف وداع السودانيين البشير عقب سقوطه في أبريل وانتصار ثورتهم بعد أن عانوا من سياساته لثلاثين عاماً.. المفارقة الأخرى هي أنه قبل ساعات قليلة من إعلان تتويج ليفربول بدرع الدوري كان العالم يتوج السودان بالقبول بعودته إلى المجتمع الدولي بعد سنوات من الغياب عبر مؤتمر شركاء السودان الذي استضافته برلين بألمانيا.. وانخرط بعده السودانيون في احتفالات تشبه تلك التي غمرت شوارع ليفربول التي عانت لسنوات في انتظار لحظة أن يعود كبير المدينة بطلاً لإنجلترا الفرح الذي سرعان ما غطى شوارع المدينة.
3
بالنسبة للبعض فإن حالة الحرمان التي عاشها ليفربول تشبه لحد كبير حالة الحرمان التي عاشها السودانيون.. الغريبة أن معظم اللاعبين الذين توجوا ليفربول بالبطولة الإنجليزية لم يكونوا قد ولدوا ساعة فوز فريقهم بآخر بطولة وهو ذات المشهد الذي ينطبق علي الجيل الذي أسقط سلطة البشير.. وهم الذين لم يكونوا قد ولدوا ساعة انقلابه لكن بفعل ما قاموا به في الشوارع استطاعوا أن يضعوا بلادهم على مشارف ميلاد جديد بسعيهم الدؤوب من أجل صناعة وطن تسوده قيم الحرية السلام والعدالة باعتبارها شعارات الثورة التي انطلقت في ديسمبر من العام 2018 وما تزال لا تبدو المسألة فقط في انتصار الجيل الجديد لليفربول في انجلترا وللثورة في السودان وانما تتمثل حتى في احتفاظ السابقين بيقينهم في تحقيق الهدف؛ حيث كانت (العام القادم لنا) تشبه إلى حد كبير مطالب مقاومي الإنقاذ بأنه لابد من الديمقراطية وإن طال السفر وأن أكتوبر وأبريل ستعودان يوماً ما وهو ما حدث.
4
في مؤتمر الشراكة يقول أحد المسؤولين الغربيين بأنهم لن يتركوا السودان الجديد يسير وحده وأنهم سيقدمون ما يستطيعون من أجل مساعدته في العبور إلى ضفاف الاستقرار والسلام.. المفارقة أن العبارة هي إحدى اكثر العباراتة شيوعاً لدى جماهير ليفربول وهم ينتقلون معه من مكان نحو آخر وهم يغنون (لن نتركك تسيير وحدك) وهو النشيد الذي يؤكد على صبر أهل ليفربول علي فريقهم وتمسكهم بأحلامهم والصبر عليها مما يؤكد على فرضية أن (الأحلام التي يتبعها الإيمان تتحقق) و(ليس ثمة خيار غير تنتصر أو تنتصر) وهي ذات العبارة التي لطالما ظل يرددها رئيس وزراء الثورة السودانية عبد الله حمدوك وهو يعلن أن أمام السودانيين أحد خيارين أن ينتصروا أو ينتصروا فلا يوجد طريق ثالث.. بالنسبة للبعض فإن تحقيق الليفر للبطولة رسالة يمكن للثورة السودانية أن تتلقفها وهي حتمية الانتصار.
5
قبل شهر من الآن كانت كل ليفربول تضع يدها على قلبها خوف أن يصدر قرار من رابطة الدوري الإنجليزى تعل من خلاله تجميد هذه النسخة من البطولة يومها كان ليفربول يتقدم علي أقرب منافسيه ب23 نقطة وهو القرار الذي كان سيجعل الحلم يسقط مرة أخرى مثلما سقط قبل خمسة اعوام حين تعثر القائد جيرارد لكن هذه المرة بفعل كورونا من خارج الميدان قبل أن تعود الأمور لنصابها ويستأنف الدوري بتتويج الليفر. المفارقة ان ما حدث لليفربول هو ذات الذي يحدث الآن لثورة السودانيين الذين كلما ظنوا أنهم قد عبروا إلى الضفة الأخرى تقابلهم الأزمات والمشكلات التي تجعل من تحقيقهم للفوز بالكأس مستبعداً وحين يتجاوزون أزمة التشكيل الحكومي تواجههم أزمة صراع النخبة السياسية وتربص الدولة العميقة بينما يحيط بهم السؤال: هل بإمكان السودانيين امتلاك ذات صبر أهالي ليفربول ام سيجعلون بطولة ديمقراطيتهم الرابعة تتسرب من أيديهم مثل المرات السابقة فيعودون ليجدوا نسختهم المشابهة في الهلال الفريق المحلي الذي كلما اقترب من الظفر ببطولة أفريقيا هربت منه؟
The post أخيراً ليفربول بطلاً للدوري الإنجليزي appeared first on السودان اليوم.