أعلنت النيابة العامة “الثلاثاء” المنصرم، أمراً بالقبض على المتهم الهارب عبدالحليم المتعافي والي الخرطوم الأسبق، كما أمهلته مدة أسبوع لتسليم نفسه وإلا ستضطرلاتخاذ إجراءات ضده، وأكدت النيابة هروبه من السلطات، وقالت إن المتعافي مطلوب في بلاغ جنائي بمخالفة المواد 21/177/2 من القانون الجنائي المتعلقة بخيانة الأمانة والإشتراك الجنائي، كما طلب فرح إدريس وكيل أعلى نيابة الأموال العامة من المواطنين المساعدة في القبض على المتهم وتسليمه للشرطة.
مصنع مشكور
يعد د. عبدالحليم إسماعيل محمد الجزولي الشهير بـ(المتعافي) أحد أبرز رموز حكومة الإنقاذ البائدة ومن كبار عصبة الجبهة الإسلامية، ولد بمدينة “الدويم” ولاية النيل الأبيض في العام (1945)، ثْم تدرج في مراحله التعليمية إلى أن إلتحق بجامعة الخرطوم وتخرج فيها طبيباً وسياسياً في الوقت ذاته.
يواجه “المتعافي”وفقاً لما ذكره مصدر موثوق لـ(الجريدة) تهماً عدة متعلقة بالفساد واستغلال النفوذ إضافة للتجاوزات المالية، إلاَ أن قضية مصنع سُكر “مشكور” اعتلت سنام التهم الموجه إليه، ومَن مِن مواطني النيل الأبيض ومزارعي مشروع “أُم جر” الزراعي لا يذكر ملابسات ووقائع تحويل المشروع لمصنع سكر “مشكور” والتي وصفها بعض الأهالي بأنها جريمة مكتملة الأركان بطلها عبدالحليم “المُتعافي” وبعض مُعاونيه.
مشروع “أم جر ” الزراعي
يقول محمد السر مواطن بالنيل الأبيض لـ(الجريدة) إن مزارعي مشروع ” أم جر ” الزراعي رفضوا قيام المصنع على أراضيهم، إلا أن السلطات حينها منعتهم من مقابلة المتعافي، مشيراً إلى أن اصرار المتعافي على قيام المصنع دمر أسر كثيرة.
مضيفاً : استطاع المتعافي بعد نيل رضاء عمد العديد من القبائل تجاوز رفض مدير مجلس إدارة المشروع وبعض اعضائه، واحتجاج العشرات من أهالي “أم جر” الذين استغاثوا بالبرلمان الذي كان يرأس قبته د. الفاتح عزالدين منتصف العام (2014)، المذكرة التي استلمها “الفاتح” نصت على رفض قاطع لإنشاء مصنع “المتعافي”وللأسف انتصر قانون البقاء للأقوى وضربوا بتوسلات الأهالي عرض الحائط، ورغماً عن أنوفهم تم إنشاء المصنع بمساحة بلغت الـ(30) فدان فتحول لبؤرة فساد.
رفض قاطع
حينها ووفقاً لتصريحات سابقة له قال رئيس مجلس إدارة المشروع محمد سليمان إن الفكرة ولدت عندما كان المتعافي والياً للخرطوم طرحها في واحدة من زياراته الاجتماعية للمنطقة، واصفاً ما أدلى بها بالعشوائية كما أنه مجرد “كلام” يفتقر للجدية ودراسة الجدوى.
مشيراً إلى رفض المزارعين للمشروع جملةً وتفصيلاً دامغين رفضهم بعدة أسباب، أولها أن منازلهم تبعد عن المشروع مسافة تتراوح مابين (١٠ ،١٥) م فقط، وهُناك أيضاً الثروة الحيوانية التي حتماً سوف تضرر من إقامة المشروع، هذا اضافة إلى أن العقد يلزم استمرار المشروع لـ(20) عاماً.
وزاد : رفض إنشاء المشروع (120) مزارع من جملة (130) أيّ أنّ (10) فقط أيدوا الفكرة وذلك لأن المنطقة بها (24) قرية ومساحتها ضيقة للغاية، اضافة للأضرار الصحية التي يسببها حرق القصب، وهناك ايضاً تخوف الرعاة من تشريد الماشية، وكل ما ذكر حدث بعد تنفيذ المشروع.
بلاغات لجنة التمكين
المعلومات التي لدينا تشير إلى أن لجنة إزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو، دونت بلاغات ضد المتعافي على خلفية قضايا الفساد والتجاوزات المالية، كما وقد سبق ذلك مصادرة (22) قطعة أرض ملك له بمنطقة الحلفايا ما جعل ” المتعافي” يخرج عن صمته في بيان مطول – تحصلت الصحيفة على نسخة منه – وصف فيه مصادرة أملاكه بالمسلسل الكاذب نافياً أن تكون الأراضي التي صادرتها لجنة إزالة التمكين قد آلت إليه بالتخصيص من الولاية، دون أن يقوم بشرائها، واصفاً ذلك بالكذب الصراح الذي تعود عليه أهل قحت قبل الثورة وبعد الثورة، مضيفاً أن مسلسل الكذب لن يحل الأزمة الاقتصادية وحبله قصير، وقال انه محتفظ بحقه في التقاضي.
مزرعة المتعافي
النيران الملتهبة التي نفثها المتعافي لم تنطفئ عند ذاك الحد، فأضاف “خرجت علينا لجنة تفكيك نظام الإنقاذ بقرار يقضي بمصادرة عدد (22) قطعة أرض سكنية تخص شخصي عبدالحليم اسماعيل المتعافي وتسجيلها باسم وزارة المالية، بحجة أن الأراضي كانت على سبيل التخصيص وليست مملوكة في الأصل لنا، وبذلك يمثل القرار استرداداً للأموال منهوبة كما جاء على لسان عضو اللجنة وجدي صالح، وظلت وسائل التواصل الاجتماعي تروج كل يوم أخباراً كاذبة تقول باعتقالي مرة ومعي 60 مليون دولار ومرة ستة مليون دولار ومرة تجميد أرصدة المتعافي دون تحديد حجمها، وكل ذلك جزء من حملة اشانة سمعة وكذب ممنهج ولا يستند إلى حقيقة أو اساس، وقد خالف القرار الذي أصدرته لجنة تفكيك نظام الانقاذ وجه الحقيقة وجاء خالياً من الصدق وذلك لما يلي: قطع الاراضي موضوع القرار هي تعويض عن مزرعة تخصني سبق أن اشتريتها قبل مدة طويلة ونزعتها ولاية الخرطوم ضمن عدد كبير من المزارع الأخرى التي يملكها مواطنون آخرون وتضم هذه المزارع آلاف الأفدنة، وذلك لتخصيصها ضمن أراضي الخطة الإسكانية للحلفاية بعد عام 2011، في وقت خرجت فيه عن ولاية الخرطوم، وقد رفضت هذا الاجراء عندما كنت على رأس الولاية، وعليه فإن القول بأن قطع الأراضي التي حددتها اللجنة هي تخصيص من الولاية لا يعدو أن يكون كذباً فاضحاً، فهي تعويض عن مزارع مسجلة في الأصل باسم الملاك حصلت عليها ولاية الخرطوم وأعطت ملاكها قطع أراضي وفق الاجراءات المتبعة في كل المزارع المنزوعة في الولاية وليست ميزة خاصة بمزارع الحلفاية، تم الاتفاق على اجراءات التعويض عن المزارع بموجب اتفاق بين لجنة ملاك المزارع وولاية الخرطوم ولم أكن عضواً في لجنة الملاك التي باشرت التفاوض وأكملت إجراءات الاتفاق، ومن ثم فلم يكن لي أي تأثير على الاتفاق أو تدخل فيه.
ويواصل “والسؤال الذي يتعين على اللجنة الاجابة عليه، هو أن الأراضي التي عالجها الاتفاق بين لجنة الملاك وولاية الخرطوم تشمل أكتر من تلاتة الف فدان وعشرات المزارع، لعدد كبير من الملاك، وتم فيها اتباع كل الإجراءات القانونية.
وتساءل المتعافي: لماذا اختارت لجنة تفكيك نظام الانقاذ المزرعة التي تخص شخصي وشخص علي كرتي بينما سكتت عن المزارع الاخري رغم ان الإجراء موحد لكل المزارع، أليس ذلك هو الكيل بمكيالين وعدم العدالة في النظر للوقائع والبحث عن شماعات لتعليق الفشل في إدارة الفترة الانتقالية عليها، – على حد قوله.
سلمى عبدالعزيز
صحيفة الجريدة