السودان اليوم:
* الموت حق… وكلنا ميتون ومن منا لا يموت…. ولكن لكل أجل كتاب…..
* خوف ورعب وهلع في الأيام العصيبة التي مرت ومازالت تلوح بفرار كورنتها هنا وهناك وتزيد من احصائيتها عددا يوما بعد يوم…وليس في السودان فحسب بل تعداه لكل دول العالم…. وهنا أصبح خبر الوفاة عاديا ويتقبله الناس كما يتقبلون أخبار (ارتفاع الأسعار) … التي تشهد ارتفاعا مريبا ومخيفا كالقفز بالزانة وصار الموت مخيفا والأسعار أكثر (اخافة) منه.
* اسبوعين متتاليين أنزلت حزنا عميقا على كثير من البيوتات السودانية وصار حديث الناس
كله عن الموت هادم اللذات… والجميع في مخيلته انه موت الكورونا الوباء اللعين والجائحة اللعينة التي هدمت كل اقتصاديات الدول وحصدت العديد من الأرواح فكل من يموت في هذه الظروف صنفت أسباب وفاته الموت بالكورونا مع انه هناك من ماتوا بغيرها ولكن ظن الناس انهم ماتوا بالكورونا
فمنهم من مات بالزبحة الصدرية وأمراض القلب والجلطات…. ولكن في النهاية الموت واحد رغم تعدد الأسباب.
* صادف أن عدد الوفيات في منزل واحد أكثر من ثلاثة حالات وفاة تحدث في وقت متقارب جدا يا سبحان الله فمنه من اثبتت الفحوصات انها كورونا ومنها من اثبتت انها حالة أخرى غيرها… لكن الناس كانوا بتوجسون من النتيجة أيا كانت فزادت درجات الحذر حتى أن كثيرا من هذه الوفيات تم دفنها بعدد لا يزيد عن الأربعة أشخاص في وقت اشتهر فيه المجتمع السوداني في تماسكه الاجتماعي وسط المجتمعات الأخرى من العالم أن المقابر تمتلئ بالمشيعيين للجثمان إلى مثواه الأخير يلاحقونه بالصلاة والدعاء… مع ان ميت الكورونا لا يعادي بعد موته إذا سلمنا أن عدوى الكورونا تأتي ب(الرزاز) من (العطس) و(الكحة) والذي لا يمكن توفره لدى الميت الذي خرجت روحه لكن كان الأساس رفض فكرة التجمعات للأحياء الحاضنين للمرض رغم انهم أيضا يقال لا يعادون الا عند ظهور علامات المرض لديهم…..
* لكنا نقر ونعترف أن هناك مرض دخل السودان يسمى بالكورونا ولكنه ليست بالعددية المبالغ فيها لكن زيادة عدد الوفيات كان سببا لإنزال حالات الهلع والخوف في حينها بين الناس…. حتى أن البعض اخذ على نفسه أن الموت بهذا المرض وصمة عار لمن يموت
به فأخذ الخوف والرعب منهم مأخذا كبيرا تفاديا وخوفا من الابتلاء به…. علما بأن الموت يأتي للإنسان مرة واحدة وبه تنتهي حياة الفرد بكورونا بحادث مروري بسكتة قلبية بصعقة كهربائية أو غيرها المهم الموت يأتي إذا انتهت ساعات وثواني الإنسان في هذه الدنيا.
* والموت الذي حدث في الأسابيع الفائتة حدث كموت فجائي مع ان الغالبية كانوا أصحاب صحة جيدة ولا يبدو عليهم الأعباء بصورة واضحة يمكن حسابها انها دافعا قويا للموت وهو موت الكورونا كتمة نفس قوية نتيجة الجلطات الرئوية لتجلط شعيراتها الدموية فيحدث الموت فجأة.
* العميد الدكتور هجو الإمام عليه الرحمة والعميد الدكتور مصطفى أبو الحسنين ماتا موت الفجأة وحتى اللحظة لا أعرف سبب وفاتهما غير أنهما توفيا في ذات الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد حتى اليوم ولم تخرج منها بعد جراء جائحة الكورونا… التي اجتاحت العالم.
* رحم الله اخونا د هجو الإمام الذي كان يتابع حالةالمرحومة والدته التي توفيت بالكورونا في ولاية سنار واتهام ابنتها الكبيرة بذات المرض وتم حجزهما لأكثر َمن اسبوعين كان د هجو يتابع من الخرطوم….. سبحان الله
وكنت كثيرا انصحهه بالذهاب لوالدته والوقوف لجانبها…. وكان هو الاحرص مني على ذلك لكن سبحان الله كان هناك أمرا خفيا يكبله عن ذلك رغم أنه استخرج إذن المرور من جهات الاختصاص وظل معه هذا الاذن حتى انتهت صلاحيته ظنا أن والدته ستخرج هي وابنتها معافيتين ويذهب لهما بالكرامة في الجزيرة وأنه سيتابع مع أهله المرابطين معهما بالمستشفى وكانوا يمدوه بالتقارير على رأس كل ساعة بالجديد وكان مطمئن حين الحديث معها عبر الهاتف انها لا تشكو حتى من الحمى ولا صداع وكذلك ابنتها…. لكنه كان يقرر اللحاق بها ولكن أمرا عجيبا يكبله من الاقدام لذلك… حتى اتصل بي في منتصف ذلك اليوم بصوت اجش فاتر… الو دكتور هجو صمت عني برهة ثم واصل… انا لله وانا اليه راجعون…. قلت له الحاصل شنو يا دكتور قال لي نحتسب والدتنا لله الان…. عزيته وبدأنا نفكر في ترتيب الأمر ذكر لي أن الوالدة تم قبرها بواسطة المستشفى وأبناء اخواتنا المرافقين …الذين لم يزد عددهم أربعة فقط من العائلة
* قلت له وما بشأنك قال لي اني الان أشعر بحمي غريبة في شكلها ولكن اتفقت مع اخوتي هناك أن ننتظر خروج شقيقتنا المرافقة للوالدة رحمها الله امين والتي أصيبت أيضا بالكورونا حتى تتم فترة الحجر ثم نعمل لهما الكرامة مرة واحدة وساذهب فور خروجها وبالفعل خرجت ولكن لم يخرج د هجو من الموعد المكتوب له أن يموت فيه… ارسل لى مساء ذات اليوم الذي تحدثت معه فيه صباحا احد الاخوة في رسالة… تقول ننعي لكم وفاة اخونا د هجو… قلت له ردا يازول قول بسم الله التي توفيت هي والدته وهجو حي يرزق كنت أتحدث إليه صباح اليوم… عاد بصورة أكثر حزنا يا دكتور… دهجو (تعيش انت) بحديث السودانيين…..
* مات هجو.. وعلمت سر بقائه بالخرطوم وهو الأكثر حنانا لوالدته الذي لا يغيب عنها إلا ما يندر أسبوعا (لشح الوقود) حيث هو هنا في الخرطوم وهي في دارها بولاية الجزيرة … في قرية جوار ولاية سنار
* مات هجو…. ولا يدري ان سبب بقائه بعيدا عن والدته انه كان قريبا لا يسعفه المشوار إذا ذهب ليعود فتخرج روحه في غير ما هنا ولا تدري نفس بأي أرض تموت…
* مات هجو الإمام الرجل الحافظ لكتاب الله تجويدا مات هجو عالم الاجتماع تاركا أسرته الحبيبة إليه بعد أن ودع ابنه طالب الصيدلة في مراحله النهائية بعد موته بداء السرطان بالهند والذي صبر عليه صبرا تقطعت له أنياط قلبه.
* مات هجو الذي وهو في فراش ابنه ماتت والدة زوجته وعدد من أفراد أسرتها في حادث مرور بالرياض السعودية وهم في طريقهم للسودان لمؤازرة ابنتهم في وفاة فلذة كبدها…. كل هذا كان هجو الإمام صابرا يصبر المعزيين في وفاة ابنه وأهله…… انا لله وانا اليه راجعون اخي هجو الإمام
لقد توفي دفعتك دكتور ابو الحسنين بعدك مباشرة وكانكما كنتما على وعد باللقاء كيف لا فانتما الإخلاص والتفاني والزهد
والإخاء والصدق توفي مصطفى ولحقت به شقيقته وشقيقه الذي كان يلازمه لحظات الموت وهو الذي كتب شعرا فيه لائما الكورونا ولا يدري انه سيلحق به عاجلا وليس آجلا …. رحم الله مصطفى فقد فقده زملاءه بابراج شمبات فما زالت ذكراه عالقة باذهانهم وصورته تتمثل أمامهم خادما لهم ساعيا لراحتهم افتقدوك يا مصطفى وافتقدناك نحن واسرتك الكبيرة والصغيرة
ولكن اذهب انت وهجو نحسب انكما من الأخيار عند الله ولانملك الا ان نقول ما يرضي الله ورسوله… انا لله وانا اليه راجعون… وانا لفراقك يا هجو ومصطفى لمحزونون.
(أن قدر لنا نعود)
The post حليل…. د هجو… حليلك د ابو الحسنين!!.. بقلم د. حسن التجاني appeared first on السودان اليوم.