غير مصنف --

عام مضى..جرد حساب.. بقلم احمد مجذوب البشير

السودان اليوم:

هاهو عام ونيف يمضي علي نجاح ثورة الشباب في ديسمبر2018 ..وعام يقترب علي تكوين حكومة الثورة التي جاءت بعد مخاض عسير.اهدر فيه كما مقدرا من الوقت..والجهد والمال..واﻻنفس والثمرات..وشابت العﻻقه بين اطراف المعادله السياسيه التي فرضها منطق الثورة، سادها
كثير من الريبه والشك..وقليﻻ من الثقه واليقين.ووفقالهذه وتلك..كان طبيعيا..ان تكون المحصله هو هذا الواقع الذي نعايشه اليوم.. الذي افرز عدة حقائق:
-ان ازالة الباطل دون رؤيه لقيام الحق علي قواعد من الحقائق الواقعيه التي ﻻتنزع لﻻحﻻم..تتسبب في فشل المشروع اﻻصﻻحي وذهاب ريحه.
-الفعل الثوري الصاخب ..مسيرات..وتظاهرات..وهتافات..فعل طارئ علي حركه الحياة..نحتاجهافي لحظات الفعل التغييري ..واجتثاث القديم المستهدف للتغيير.. حتي تمهد اﻻرض للجديد القادم ليغرس زرعه في تربه معافاة صالحه للانبات من جديد..وهذه النبته تريد ان تري اﻻستقرار والهدوء ..حتي تنمو وتزدهر لتستمر الحياة عمﻻ..وانتاجا..وتعليما..هذا هو منطق اﻻشياء وضرورات الحياة.
-اثبتت التجربه ان التحالفات الفضفاضه التي تجمع كل اﻻضاد..ﻻتنتج فعﻻ مثمرا جديا..فعندما يغيب هدف ما اجتمعوا عليه..ينكشف الغطاء وتظهر التباينات العميقه بين الرؤي والمرجعيات..ويحدث التشاكس والخﻻف..والضرب تحت الحزام..فيؤثرذلك علي اﻻداء العام ويحدث اﻻخفاق وتكبر كرة ثلج الفشل في طريق انحدارها الشديد..وهذا مانعايشه اليوم..فالخﻻفات داخل الحاضنه السياسيه للحكومة..اثر علي اﻻداء السياسي العام للدوله..فهاهو الجهاز الحاكم لم يستطع حتي اﻻن ان يستكمل هايكله المنصوص عليها في الوثيقه الدستوريه..رغم انقضاء اﻻجل الذي نص عليه ﻻستكمال هذه الهياكل.والوثيقه ذاتها بها من العلل ما استفاض فيه اهل المعرفه واﻻختصاص..وكذا الحال بالنسبه لحصان السﻻم اﻻعرج المريض الذي لم يراوح محطه اﻻمنيات واﻻحﻻم لكثرة التقاطعات التعقيدات التي تكتنفه..اقﻻها مكان التفاوض..وعدم وجود حاضنه تتبناه وتسرع الخطي به(نفاشا..والدوحه نموذجا) فإقرار السﻻم عليه مترتبات وتبعات وإلتزامات ﻻتتوفر في طرفي التفاوض وﻻ في الوسيط.
-اوضحت التجربه كذلك انه ليس كل من يأتي من وراء البحار يحمل عصا موسي..فيضرب بها عرض بحر ازماتنا فيظهر طريقا يبسا نعبر به الي بر اﻻمان..هاهو رئيس وزرائنا ظن الناس انه بمجرد وصوله لكرسي الحكم..سيعطي (بضم الياء) من حلفائيه و اصدقائه الذين يعرفونه ويعرفهم طوق نجاتنا ..ومن ثم نتذوق المن والسلوي و تحفنا الرفاهيه ورغد العيش..ظن هوذلك..وكذلك ظنت حاضنته ذلك..واغلبنا كان يحلم بذلك..وهذا الظن بالتأكيد تولد بالطبع نتيجه طبيعيه لقيم اخﻻقيه موداها..ان الصديق يقف مع صديقه ساعه المحنه واوان الشده..وان الحليف يشد من ازر حليفه في المنعطفات الخطيرة واﻻوقات العصبيه..سيما اذا ما كان هذا الحليف علي راس دوله تجتاحها اﻻزمات والمحن وتتقاذفها رياح الفقر والمرض واﻻزمات.. تنذر بذهابها وتمزيقها شر ممزق..هكذا حليف يحتاج لحلفائه..خصوصا انه كان بينهم وفيهم ومنهم..لهذا لم يكن اﻻستبشار بحمدوك مجرد عاطفه طائشه..انما كانت وفق معطيات موضوعيه ومعايير اخﻻقيه..ولكن..يبدو ان هذه بضاعة كسدت في سوق العﻻقات الدوليه وبارت في ارفف موﻻت السياسه الخارجيه..فالعﻻقات بين الدول اصبحت تحكمها المصالح..ﻻعواطف فيها..فعلي قدر المصلحه اﻻتيه منك يكون وزنك و قدرك..ووسائل جلب هذه المصالح تتعدد طرقها وتتنوع..فإذا كانت الحرب تجلب مصلحه تصنع الحرب..واذا كان السﻻم يجلبها فالنفعل ذلك..واذا كانت الحمايه للدولة يأتي بالمراد فأكرم بها من وسيله..واذا كانت العقوبات والتضيق اﻻقتصادي يأتي بالدوله صاغرة منكسرة فاليكن..وهو مايفعل معنا ..فهاهو الخناق يشتد في ظل حكومة علي راسها حمدوك ووزير ماليته ابراهيم البدوي..اﻻبناء النجباء..للخط الليبرالي..تتدهورت اﻻوضاع اﻻقتصاديه واﻻجتماعيه الي اسواء مما كانت عليه وهذا امر ﻻيحتاج لمزايده او مكابرة..لم يكن مطلوبا اصﻻح دمار وفساد طال واستطال لسنوات عده..لم يكن مطلوبا اصﻻحه في عام وبعض عام..ولكن كان مطلوبا فقط وقف التدهور ومنع كره الثلج من زياده وتيرتها في اﻻنحدار الحاد..ولكنه العجز والتوهان وسوء الرهانات..وهذا امر طبيعي لمن غاب عقودا من البﻻد ﻻيدري عنها شيئا والمتغيرات التي حدثت خﻻل هذه العقود..هل كان يعجز (قحت) ان تأتي برئيس وزراء من بين اعضائيها ظل في داخل السودان ويدري مشاكله وعلله وتعقيداته؟ هل كان يعجزها..اي قحت..ان تأتي بوزير ماليه من انصارها..تدرج في وزارة الماليه من موظف صغير في مدخل الخدمه..الي ان بلغ وكيل اول وزارة الماليه .يدرك كل دهاليز و خباباواختﻻلات الاقتصاد السوداني.. بدﻻ من وزير الماليه الحالي..ذو الخﻻفات المستمرة مع حاضنته التي اتت به.
-اثبتت التجربه التي ايدينا والتجارب اﻻخري ان الرهان علي غير اﻻراده الوطنيه رهان خاسر..رنا حمدوك ببصره للخارج عند استﻻمه للمهامه ظنا منه انه المفتاح السحري لحل كل المشكﻻت والمعضﻻت بالخارج..فأرتد اليه فعله وهو كسيف حسير..لو انه استجمع قواه وحشد طاقات بلده وكان حينها الموسم الزراعي مبشرا جدا..وجلس مع اصحاب المصلحه لبني اساسا متينا وقاعده صلبه لفترته اﻻنتقاليه ولتجاوز كثيرا من معضﻻت واشكاﻻت الراهن..لكنها النظرة القاصره والرهان الخاسر .
لقد تفاءلنا خيرا بالتغيير الذي حدث وظننا انه بدايه مبشرة لوضع اسس جديده للنهوض بالبﻻد اخذين العبرة من تجارب التغيير الفاشله السابقه..والتي انتكست بالبﻻد..هذا هو منهج العقﻻء واصحاب البصيره الذين يسترشدون بتجاربهم وتجارب اﻻخرين في تخطيطهم لمسارهم و شعوبهم..لما فيه من خير ورفعه..ولكننا يبدو اننا شعب نسيج وحده..ﻻيتعلم ﻻمن تجاربه وﻻمن تجارب اﻻخرين..رغم اﻻدعاء العريض اننا اصحاب ميزات خاصه وقدرات استثنائيه ﻻتتوفر ﻻاحد سوانا..وهو ادعاء ﻻيقوم علي ساقين راسختين. انما ادعاء تذروه رياح الحقيقه الساطعه عندما نواجه المحكات الواقعيه ﻻالدعايه الجوفاء
– هناك حقيقه تبدت ايضا يبدو اننا نحتاج للجنه ﻻزاله العقليات التي تمكنت فينا ردحا من الزمن..من لدن اﻻستقﻻل..عقليات ﻻتقدم اﻻ الحزبي علي الوطني..وﻻتحتفي بشئ مثل اجواء الصراع والتوتر..عينها علي السلطه لترضي شبقها وغرامها وغرورها..من اجل ان تذل خصومها وتزدريهم..ﻻيعرف منطقها علي مر الدهور مفرده مواطنه اﻻ اذا كانت في موقع الضعف لتستجدي بها وتستدر العواطف وتشتري بها المواقف..نخب ﻻتدرك عن كلمه التصافي والتجاوز شيئا رغم عن شعوبا شتي شهدت اهواﻻ وفظائع يشيب لها الولدان..ولكن تسامي قادتها.و قدرتها علي التجاوز. عبرت بها لبر اﻻمان..العداله عندنا شقشقه لسان ﻻيدركها البعض اﻻ اذا دارت الدائرة عليه.. والمفارقه اذا ردت له كرة اﻻمر مرة اخري. سدر في غيه ونسي العداله ومسماها والتزامها.
-واخيرا يبدو اننا قوم ﻻنرعوي..وﻻتعظنا التجارب واﻻمثله لبلوغ الغايات..ولكننا من القوم الذين اذا لم يصبهم امر مزلزل..لا يؤبون للحق وﻻيعودون للجاده..نسأل الله ان يلطف بنا أذا اراد ان يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

The post عام مضى..جرد حساب.. بقلم احمد مجذوب البشير appeared first on السودان اليوم.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى