غير مصنف --

سيف المتنبي وطاقية حمدوك!.. بقلم ياسر الفادني

السودان اليوم:
حل المتنبي ضيفا لأول مرة على سيف الدين الحمداني أمير حلب وكان يعلم أن هذا الأمير يحب المدح ويغدق كثير المال علي الذي يمدحه شعرا فمدحه بقصيدة عصماء تميزت بجمال النضم وحلاوة القافية فاغدق عليه الرجل مالا وظل هكذا شاعرنا… إلى أن حل إبن خلويه وهو شاعر وهو من قبيلة الذين (يكسرون التلج للحكام… وما أكثرهم في زمننا)… كالمتنبي، ضايق هذا الشاعر المتنبي في مهنته حتي تصادما وحمل إبن خلويه مفتاحا وضرب به المتنبي فشق وجه وكانت الحادثة في ديوان الأمير سيف الدولة وهو حضور ، لم يدافع الأمير عن المتنبي وغضب شاعرنا وأدرك أن أسهمه قد قلت عند حاكمه! فترك حلب ليبحث عن الجديد وهاجر المتنبي وهو يشتط غضبا بمن في حلب وهو يردد: الليل والخيل والبيداء تعرفني … والسيف والرمح والقرطاس والقلم… رحل إلى مصر حيث بها زعيم الدولة الاخشيدية كافور الاخشيدي فمدحه واغدق عليه قليلا من المال وطرده( فردمه المتنبي ردما شديدا) وهجاه وقال .. أما الأحبة فالبيداء دونهم….. فليتك بيد دونها بيد… ، هكذا ظل صاحب السيف يصول ويجول يمدح هذا ويهجو هذا الي أن قتل….
أما حمدوك حل على أهل السودان رئيسا للوزراء وحل به اللوري ودلاه في الخرطوم بلد (كرش الفيل) ولم يحل به في (الودي) كما قال الفنان عبد القادر سالم… ولعله ركب اللوري( الأبيض ضميرك) ونزل منه.. حينها سمع الهتيفة تقول له : ياسايق…. ياماشي… النظرة ماشا وراك….. وقف وقف! …. وسوقني معاك… المتنبي كان يمسك قلمه ويكتب لكن حمدوك ظل يكتب له… ومن كانوا في العهد السابق كانوا يكتبون! (حبيبي أكتب لي….. وأنا أكتب ليك… بالحاصل بي والحاصل بيك! )… حمدوك عاس عواسته الداخلية وكون حكومته بعدها أراد( الكواسة) وهنا اختلفت الوسيلة المتنبي ركب الخيل وعرفته البيداء وحمل سيفه في يده وقلمه في جيبه… وحمدوك لم يركب الكركابة ولا القطار ولا حتى اللوري! بل ركب الطائرة وسافر إلى ترامب سيد العالم وحاكم بلد الكاوبوي والماكدولاند وحمل مكتوبه و سابق ما حمله لبيد بن ربيعة في معلقتة في الوصف… و عنترة بن شداد في العشق لأرض المسيسيبي لكنه لم يحظ برؤية هذا الحاكم… حتى ينشد على بلاطه ماكتب! و يغدق على وطنه السجايا والعطايا كتل الدولارات… وجبالا من جوالات القمح الأمريكي… لكنه جاء صفر اليدين(كأنك ياحمدوك ماغزيت)… كان المتنبي إن لم ينل مايصبو إليه هجا .. لكن يبدو أن حمدوك بدلا من الهجاء إختار (صرف البركاوي) وعاد…
المتنبي ظل يمني نفسه بأنه امبراطور في مملكة الشعر وافتخر بنفسه عندما انشد قائلا : أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي…. واسمعت كلماتي من به صمم… أنام ملء جفوني عن شواردها…. ويسهر الخلق جراها ويختصم.. فنام نومة أبدية وأصبحنا نحن ندرس شعره ونبحث عن بلاغته واعرابه ونحوه وصرفه وسهرنا فيما كتب بغرض البحث أو (علوق شدة) للامتحانات .. أما حمدوك قال انا رئيس وزراء لكل السودانين ولعله كان صادقا في بداية الأمر…. لكن ازتمي على أناس ضيعوه وفعل أشياء سوف تتعب الذين يأتون حكاما من بعده… أقساط كول ونيروبي وتنزانيا التي تحتاج لزمن طويل في التسديد… والرضاء بتسليم كوشيب للعدل الدولية لأن تسليم كوشيب هو إعتراف ضمني بالمحكمة التي رفض السودان التوقيع عليها من قبل … ظل رئيس وزرائنا ينطبق عليه.. مطلع أغنية وردي (ضيعوك ودروك انت مابتعرف صليحك من عدوك) و التي جادعه فيها خضر بشير قائلا خدعوك وجرحوا سمعتك…
المتنبي بقلمه يريد مالا وجاها وسلطانا ولم يحالفه الحظ لم يجن مالا ولم يحظ بمنصب رفيع ، حمدوك أوتي به كمنقذ ووجد شعبية وظلت كلمة شكرا يا حمدوك عالية في بداية الأمر لكن هذه النبرة ظلت تنخفض وانخفضت حتى مرضت بالكورونا و سكنت مقابر حمد النيل وحضر مراسم تشيعها عدد قليل … المتنبي شاعر وحمدوك حاكم ومابين الشعر والحكم كانت القصيدة من أجل هدف معين وكان الحكم من أجل راحة شعب وانقاذه من الغرق لكنه لم يتم انقاذه واخد (كأس كاسين) وظل يغرق ويغرق لكنه يتنفس تحت الماء!…

The post سيف المتنبي وطاقية حمدوك!.. بقلم ياسر الفادني appeared first on السودان اليوم.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى