«1»
الأحقادُ والمراراتُ لاتبني أمةً ولا مجداً، ولاتقيمُ حضارةً، ولاتؤسسُ نهضةً..
والشخصُ الذي يُحركة الغُبنُ والخصومات السياسية لايصلحُ أن يكون رجل دولة، لأنه سيتحول إلى مِعولِ هدمٍ للبناء الوطني وصروح العدالة الاجتماعية، وينسفُ بممارساته منظومة العدل وذلك عن طريق الانشغال بتصفية حساباته السياسية مع خصومة وتركه واجباته الدستورية.
«2»
الدولُ والحضارات تسمو بأخلاق الذين يتولون فيها المسؤوليات العظيمة، وتزدهرُ بممارساتهم التي يضبطها القانونُ والقِيّمُ، وتنحطَّ بإنحطاط اخلاقهم وممارساتهم ولكم في الكيزان اسوةٌ حسنة، فرجل الدولة لابد أن يتجرد من الذاتية و”الأنا”، ويتطهر من زخائم النفس الأمارة بالسوء، ويتحرر من بطانة السوء التي ستعرفها بلحن القول، والتزلف..
«3»
العدل أساس الحُكم، والحُكم في غياب العدل لافرق بينه وحُكم الغاب وشريعته، ومملكة الثعالب التي يقود خطامها المَكْر والدهاء والخداع، والمراوغة.
«4»
بعد هذه النقاط الأساسية لبناء الامم والحضارات والدول، أعود وأقول للأخ رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك ، ورموز الثورة وقادتها لاتعاملوا مَنْ سبقوكم في الحكم بأخلاقهم وممارساتهم بل عاملوهم بأخلاق الثورة وشعاراتها، وأهدافها، وتطلعات الثوار الى دولة القانون، ففي ذلك رسالة التغيير العظيمة، وإن لم تفعلوا فإنكم إذن مثلهم…
حاكموا الفسدة والقتلة منهم بالقانون دون جنوح للتشفي و”فش الغبينة”، واكرموا الابرياء منهم بمايليق بإنسانيتهم وكونهم مواطنين سودانين لم يرتكبوا ذنباً، ولاتأخذوهم ظلماً بجريرة غيرهم وتذكروا قول الله عزَّ وجل:(ولاتزر وازرة وزر أخرى)..
«5»
تعميم الاتهام لكل الكيزان من شاكلة:(كل الكيزان حرامية وفاسدين، ويستحقون السجن والبل، والمصادرة) فهو تعميم مُخل وظالم، ولايتسق مع شعار الثورة واخلاقها واهدافها، وسلميتها ووعيها وفيه ظلم كبير لأبرياء كانوا قد صدحوا بالحق، ونصحوا سلطانهم الجائر وانتقدوا الممارسات الفاسدة، وغادروا منظومة الحكم إبراءً لذمتهم، أو طُردوا وأُقيلوا من مناصبهم، وضُيِّق عليهم في ارزاقهم، وهُمِّشوا، وحوربوا بسبب مواقفهم، وشاركوا في دعم الثورة، أفنجعل هؤلاء الابرياء، كالسفلة المجرمين والقتلة والفاسدين سواء بسواء، إن فعلنا إنّا إذن لمن الظالمين، وهنا لابد من اشادة بتصريحات متواترة للاخ ياسر عرمان تمضي في هذا الاتجاه الموضوعي المتجرد، رغم مالاقاه عرمان من عنت وتضييق وتشريد من نظام الكيزان..
«6»
خلاصة قولي أدعو إلى محاصرة المتورطين في قضايا الفساد والقتل والتنكيل، والتعذيب وملاحقة الذين مازالوا يتربصون بثورتنا ويقعدوا لها كل مرصد بهدف نسفها واجهاضها، ادعو إلى محاصرتهم وملاحقتهم بالقانون والعدل جزاءً وفاقاً، ولاتأخذكم بهم رحمة ولاشفقة، وبذات القدر من الحسم،أقول لابد من عدلٍ يوازي الحسم، وتلك هي معادلة الحكم الرشيد في دولة القانون…..اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة آخيرة
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة